(عَدَمِيٌّ) كَمَا هُوَ قَوْلُ الْمُتَكَلِّمِينَ وَسَيَأْتِي تَصْحِيحُهُ فِي أَوَاخِرِ الْكِتَابِ فَفِي جَوَازِ تَعْلِيلِ الثُّبُوتِيِّ بِهِ الْخِلَافُ كَذَا قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَالْآمِدِيُّ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي مَبْحَثِ الْمَانِعِ التَّمْثِيلُ لِلْوُجُودِيِّ بِالْأُبُوَّةِ وَهُوَ صَحِيحٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ عَدَمَ شَيْءٍ وَمَرْجِعُ الْقِيَاسِ إلَيْهِمْ فَلَا يُنَاسِبُهُمْ أَنْ يُقَالَ فِيهِ وَالْإِضَافِيُّ عَدَمِيٌّ.
(وَيَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِمَا لَا يُطَّلَعُ عَلَى حِكْمَتِهِ) كَمَا فِي تَعْلِيلِ الرِّبَوِيَّاتِ بِالطُّعْمِ أَوْ غَيْرِهِ وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَخْلُو عِلَّةٌ عَنْ حِكْمَةٍ لَكِنْ فِي الْجُمْلَةِ لِقَوْلِهِ (فَإِنْ قَطَعَ بِانْتِفَائِهَا فِي صُورَةٍ فَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَ) صَاحِبُهُ مُحَمَّدٌ (بْنُ يَحْيَى يَثْبُتُ الْحُكْمُ) فِيهَا (لِلْمَظِنَّةِ وَقَالَ الْجَدَلِيُّونَ لَا) يَثْبُتُ إذْ لَا عِبْرَةَ بِالْمَظِنَّةِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْمَئِنَّةِ مِثَالُهُ مَنْ مَسْكَنُهُ عَلَى الْبَحْرِ وَنَزَلَ مِنْهُ فِي سَفِينَةٍ قَطَعَتْ بِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ فِي لَحْظَةٍ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ فِي سَفَرِهِ هَذَا.
(وَ) الْعِلَّةُ (الْقَاصِرَةُ) وَهِيَ الَّتِي لَا تَتَعَدَّى مَحَلَّ النَّصِّ (مَنَعَهَا قَوْمٌ) عَنْ أَنْ يُعَلَّلَ بِهَا (مُطْلَقًا وَالْحَنَفِيَّةُ) مَنَعُوهَا (إنْ لَمْ تَكُنْ) ثَابِتَةً (بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ) قَالُوا جَمِيعًا لِعَدَمِ فَائِدَتِهَا وَحِكَايَةُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ الثَّابِتَةِ بِالنَّصِّ مُعْتَرَضَةٌ بِحِكَايَةِ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ الْخِلَافَ فِيهِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ بِحِكَايَةِ الْخِلَافِ (وَالصَّحِيحُ جَوَازُهَا) مُطْلَقًا (وَفَائِدَتُهَا مَعْرِفَةُ الْمُنَاسَبَةِ) بَيْنَ الْحُكْمِ وَمَحَلِّهِ فَيَكُونُ أَدْعَى لِلْقَبُولِ
ــ
[حاشية العطار]
لَهَا فِي الْخَارِجِ (قَوْلُهُ: فَفِي جَوَازِ تَعْلِيلِ إلَخْ) كَتَعْلِيلِ وِلَايَةِ الْإِجْبَارِ بِالْأُبُوَّةِ (قَوْلُهُ: نَظَرًا إلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ عَدَمَ شَيْءٍ) لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُودِيِّ مَا لَيْسَ عَدَمَ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: أَنْ يُقَالَ فِيهِ) أَيْ فِي الْقِيَاسِ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فِي مَبْحَثِ الْقِيَاسِ أَوْ فِي بَابِ الْقِيَاسِ
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَالثَّمَنِيَّةِ فِي الْأَثْمَانِ (قَوْلُهُ: وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ) يُنْظَرُ مَا وَجْهُ الْفَهْمِ مِنْهُ فَإِنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِمَا لَا نَطَّلِعُ عَلَى حِكْمَتِهِ صَادِقٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ حِكْمَةٌ أَصْلًا أَوْ تَكُونَ وَلَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهَا لَكِنْ لَوْ ضَمَّ مَا هُنَا قَوْلُهُ: فِيمَا تَقَدَّمَ وَمِنْ شُرُوطِ الْإِلْحَاقِ بِهَا اشْتِمَالُهَا عَلَى حِكْمَةٍ لَفُهِمَ ذَلِكَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَحَقُّقِ الْمَئِنَّةِ) أَيْ الْجَزْمِ بِالْعَدَمِ فَانْدَفَعَ مَا قَالَهُ النَّاصِرُ أَنَّ الْأَوْلَى عِنْدَ تَخَلُّفِ الْمَئِنَّةِ عَلَى أَنَّ الْمَئِنَّةَ بِمَعْنَى الْعَلَامَةِ وَتَحَقُّقُهَا تَبَيُّنُهَا مِنْ نَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشِّهَابِ عَمِيرَةَ أَنَّهُ عَلَى حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ انْتِفَاءِ الْمَئِنَّةِ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ فِي سَفَرِهِ هَذَا) أَيْ عَلَى رَأْيِ الْغَزَالِيِّ وَابْنِ يَحْيَى الْمُوَافِقِ لِلْمَعْرُوفِ عِنْدَنَا وَمِثْلُهُ اسْتِبْرَاءُ الصَّغِيرَةِ إذْ حِكْمَةُ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ تَحَقُّقُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِهِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مُتَحَقِّقَةٌ فِيهَا بِدُونِ اسْتِبْرَاءٍ وَلَيْسَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ مُطَّرِدًا بَلْ قَدْ يُرَجَّعُ فِيهِ انْتِفَاؤُهُ كَمَنْ قَامَ مِنْ النَّوْمِ مُتَيَقِّنًا طَهَارَةَ يَدِهِ وَلَا يُكْرَهُ لَهُ غَمْسُهَا فِي مَاءٍ قَلِيلٍ قَبْلَ غَسْلِهَا ثَلَاثًا خِلَافًا لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَعَلَى رَأْيِ الْغَزَالِيِّ مِنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِيمَا ذَكَرَ يَجُوزُ الْإِلْحَاقُ كَإِلْحَاقِ الْفِطْرِ بِالْقَصْرِ لِلْمَظِنَّةِ فَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِلْحَاقِ بِالْعِلَّةِ اشْتِمَالُهَا عَلَى حِكْمَةٍ شَرْطٌ لِلْقَطْعِ بِجَوَازِ الْإِلْحَاقِ
[الْعِلَّةُ الْقَاصِرَةُ]
(قَوْلُهُ: مَنَعَهَا قَوْمٌ) مَعْنَى الْمَنْعِ فِي جَانِبِ النَّصِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا النَّصُّ لَا أَنَّهُ إذَا وَرَدَ بِهَا النَّصُّ يُقَالُ هَذِهِ مَمْنُوعَةٌ إذْ مَنْعُ النَّصِّ بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا يَسْتَقِيمُ (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ) أَيْ الِاعْتِرَاضِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ ثَبَتَتْ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوَّلًا.
وَأَوْرَدَ الشِّهَابُ أَنَّ الثَّابِتَةَ بِالنَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ لَا يُمْكِنُ إنْكَارُهَا قَالَ سم وَهُوَ إشْكَالٌ وَارِدٌ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ يَمْنَعُونَ عِلِّيَّتَهَا وَيَتَأَوَّلُونَ النَّصَّ الدَّالَّ عَلَيْهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: قَالُوا جَمِيعًا) أَيْ الْمَانِعُونَ الْمُطْلِقُونَ وَغَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ فَائِدَتِهَا) يَأْتِي جَوَابُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ) أَيْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ (قَوْلُهُ: وَفَائِدَتُهَا مَعْرِفَةُ الْمُنَاسَبَةِ) أَيْ فَلَيْسَتْ الْفَائِدَةُ مُنْحَصِرَةً فِي التَّعْدِيَةِ وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ عَنْ احْتِجَاجِ الْمَانِعِينَ لِلتَّعْلِيلِ بِهَا بِعَدَمِ فَائِدَتِهَا (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْحُكْمِ) كَحُرْمَةِ الْخَمْرِ وَقَوْلُهُ وَمَحَلِّهِ أَيْ كَوْنُهُ خَمْرًا (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ أَدْعَى لِلْقَبُولِ) أُورِدَ أَنَّ «أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ أَحَمْزُهَا» وَمَعْرِفَةُ الْمُنَاسِبِ تُؤَدِّي إلَى التَّخْفِيفِ وَالتَّعَبُّدُ بِعَدَمِهَا أَفْضَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute