وَصَوَابُهُ مَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وِفَاقًا لِلْآمِدِيِّ وَخِلَافًا لِلْإِمَامِ الرَّازِيّ أَنَّ فِي تَجْوِيزِهِ تَعْلِيلَ الثُّبُوتِيِّ بِالْعَدَمِيِّ لِصِحَّةِ أَنْ يُقَالَ ضَرَبَ فُلَانٌ عَبْدَهُ لِعَدَمِ امْتِثَالِهِ فِي أَمْرِهِ.
وَأُجِيبَ بِمَنْعِ صِحَّةِ التَّعْلِيلِ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِالْكَفِّ عَنْ الِامْتِثَالِ وَهُوَ أَمْرٌ ثُبُوتِيٌّ وَالْخِلَافُ فِي الْعَدَمِ الْمُضَافِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الدَّلِيلِ وَجَوَابِهِ لَكِنَّ الْآمِدِيَّ إنَّمَا مَنَعَ الْعَدَمَ الْمَحْضَ أَيْ وَالْمُطْلَقَ وَأَجَازَ الْمُضَافَ الصَّادِقَ بِالْوُجُودِيِّ كَالْإِمَامِ وَالْأَكْثَرِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا جُزْؤُهُ عَدَمِيٌّ وَيَجُوزُ وِفَاقًا تَعْلِيلُ الْعَدَمِيِّ بِمِثْلِهِ أَوْ بِالثُّبُوتِيِّ كَتَعْلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ بِعَدَمِ الْعَقْلِ أَوْ بِالْإِسْرَافِ كَمَا يَجُوزُ قَطْعًا تَعْلِيلُ الْوُجُودِيِّ بِمِثْلِهِ كَتَعْلِيلِ حُرْمَةِ الْخَمْرِ بِالْإِسْكَارِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ التَّعْلِيلِ الثُّبُوتِيِّ بِالْعَدَمِيِّ مَا يُقَالُ يَجِبُ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ لِعَدَمِ إسْلَامِهِ وَإِنْ صَحَّ أَنْ يُقَالَ لِكُفْرِهِ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْ عَدَمِ الْعَقْلِ بِالْجُنُونِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْوَاحِدَ قَدْ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِعِبَارَتَيْنِ مَنْفِيَّةٍ وَمُثْبَتَةٍ وَلَا مُشَاحَّةَ فِي التَّعْبِيرِ (وَالْإِضَافِيُّ) كَالْأُبُوَّةِ
ــ
[حاشية العطار]
لِأَنَّ الْعَدَمِيَّ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الثُّبُوتِيُّ وَقَوْلُهُ فِي الثُّبُوتِيِّ أَيْ الْحُكْمِ الثُّبُوتِيِّ بِمَعْنَى النِّسْبَةِ بِدَلِيلِ الْمِثَالِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ ضَرَبَ فُلَانٌ عَبْدَهُ فَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِالشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: وَصَوَابُهُ) أَيْ لِمُجَرَّدِ مُوَافَقَةِ النَّقْلِ وَإِنْ كَانَ يَأْتِي لَهُ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي تَجْوِيزِهِ تَعْلِيلٌ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فِي تَجْوِيزِهِ عِنْدَ الْإِلْحَاقِ عِنْدَ تَعْلِيلِ الثُّبُوتِيِّ بِالْعَدَمِيِّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِلْحَاقِ (قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ) أَيْ فَرْضًا وَتَقْدِيرًا وَقَوْلُهُ فِي الِاسْتِدْرَاكِ إنَّمَا مَعَ إلَخْ نَفْيٌ لِلْخِلَافِ فِي الْوَاقِعِ وَالْحَقِيقَةِ وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ الِاعْتِرَاضُ بِعَدَمِ تَوَارُدِ الْخِلَافِ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ فِي الْعَدِمِ الْمَحْضِ وَالْجَوَازَ فِي الْمُضَافِ (قَوْلُهُ: يُؤْخَذُ مِنْ الدَّلِيلِ إلَخْ) جِهَةُ الْأَخْذِ مِنْ الدَّلِيلِ إضَافَةُ الْعَدَمِ فِيهِ إلَى امْتِثَالِ أَمْرِ السَّيِّدِ وَمِنْ الْجَوَابِ الْإِشَارَةُ إلَى الْعَدَمِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ مَعَ التَّفْسِيرِ بِالْكَفِّ عَنْ الِامْتِثَالِ (قَوْلُهُ: وَأَجَازَ) أَيْ الْآمِدِيُّ الْمُضَافَ أَيْ التَّعْلِيلَ بِهِ وَقَوْلُهُ الصَّادِقَ بِالْوُجُودِيِّ أَيْ كَمَا فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ إذْ يَصْدُقُ عَدَمُ الِامْتِثَالِ بِكَفِّ النَّفْسِ عَنْ الِامْتِثَالِ وَهُوَ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ كَمَا مَرَّ وَفِي قَوْلِهِ الصَّادِقَ بِالْوُجُودِيِّ دَفْعٌ لِتَوَهُّمِ أَنَّ الصَّادِقَ بِالْوُجُودِيِّ لَيْسَ مِنْ الْعَدَمِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَلْ مِنْ الْوُجُودِيِّ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْعَدَمِ الْإِضَافِيِّ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَإِنْ صَدَقَ بِالْوُجُودِيِّ اهـ. نَجَّارِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي الْخِلَافُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ مُرَكَّبَةً مِنْ جُزْأَيْنِ مَثَلًا وَأَحَدُهُمَا عَدَمِيٌّ كَأَنْ يُعَلَّلَ تَعَيُّنُ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ بِأَنَّهُ قَتْلٌ بِفِعْلٍ مَقْصُودٍ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا (وَإِنْ صَحَّ أَنْ يُقَالَ لِكُفْرِهِ) أَيْ فَصِحَّةُ هَذَا لَا تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِ التَّعْلِيلِ بِعَدَمِ الْإِسْلَامِ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: عَدَمِيٌّ) نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَا وُجُودَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute