للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقْرَبُ إلَى اللُّغَةِ مِنْ تَقْسِيمِ الْإِمَامِ الرَّازِيّ الْفِعْلَ الَّذِي هُوَ مُتَعَلِّقُ الْحُكْمِ إلَيْهِمَا.

(وَالدَّلِيلُ مَا) أَيْ شَيْءٌ (يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ) أَيْ الْوُصُولُ بِكُلْفَةٍ بِصَحِيحِ النَّظَرِ فِيهِ إلَى مَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ

ــ

[حاشية العطار]

(قَوْلُهُ: أَقْرَبُ إلَى اللُّغَةِ) أَيْ إلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالتَّعْبِيرُ بِأَفْعَلَ يَقْتَضِي أَنَّ فِي تَقْسِيمِ غَيْرِ الْمُصَنِّفِ قُرْنًا وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا بَلْ مُتَعَلِّقُ الْحُكْمِ

[تَعْرِيفِ الدَّلِيلُ]

(قَوْلُهُ: وَالدَّلِيلُ) أَيْ الَّذِي تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي تَعْرِيفِ أُصُولِ الْفِقْهِ.

(قَوْلُهُ: مَا يُمْكِنُ) الْمُرَادُ بِهِ الْإِمْكَانُ الْخَاصُّ أَيْ أَنَّ التَّوَصُّلَ بِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ فِي الدَّلِيلِ إلَى الْعِلْمِ لَيْسَ ضَرُورِيًّا وَلَا عَدَمَ التَّوَصُّلِ بِهِ إلَيْهِ ضَرُورِيٌّ أَيْ يَجُوزُ التَّوَصُّلُ وَعَدَمُهُ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ هَذَا التَّعْرِيفِ أَهْلُ السُّنَّةِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ فَيَضَانَ النَّتِيجَةِ بَعْدَ النَّظَرِ الصَّحِيحِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ جَرْيِ الْعَادَةِ وَلَيْسَ بِضَرُورِيٍّ وَيَصِحُّ إرَادَةُ الْإِمْكَانِ الْعَامِّ الْمُقَيَّدِ بِجَانِبِ الْوُجُودِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ عَدَمَ التَّوَصُّلِ بِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ إلَى الْعِلْمِ لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ سَوَاءٌ كَانَ التَّوَصُّلُ بِهِ إلَيْهِ ضَرُورِيًّا إمَّا بِطَرِيقِ الِاسْتِعْدَادِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْحُكَمَاءِ أَوْ بِطَرِيقِ التَّوَلُّدِ كَمَا هُوَ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ أَوْ لَا يَكُونُ ضَرُورِيًّا بَلْ بِطَرِيقِ جَرْيِ الْعَادَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ فَيَنْطَبِقُ التَّعْرِيفُ عَلَى الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ الْخَيَالِيِّ وَحَاشِيَةِ السَّيَالَكُوتِيِّ عَلَيْهِ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ النَّاصِرُ إنَّ حُصُولَ الْعِلْمِ عَنْ الدَّلِيلِ وَاجِبٌ وَإِنْ كَانَ وُجُوبُهُ عَادِيًّا وَإِنَّ الْإِمْكَانَ الذَّاتِيَّ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ بِالْغَيْرِ اهـ.

مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لُزُومَ النَّتِيجَةِ لِلدَّلِيلِ عَقْلِيٌّ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ عَادِيٌّ، وَأَمَّا الْإِمْكَانُ هُنَا فَهُوَ جِهَةٌ لِلْقَضِيَّةِ وَالْإِمْكَانُ الذَّاتِيُّ مُغَايِرٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِ الشَّيْءِ مُحْتَاجًا فِي حُصُولِهِ لِلْغَيْرِ كَالْإِمْكَانِ الَّذِي هُوَ وَصْفٌ لِلْمُمْكِنِ وَإِرَادَتُهُ هُنَا غَيْرُ مَعْقُولَةٍ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ وَاجِبٌ بِالْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ جِهَةٌ لِلْقَضِيَّةِ فَقَدْ الْتَبَسَ عَلَيْهِ أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ بِالْآخَرِ فَإِنْ قُلْتَ الْإِمْكَانُ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ مِنْ جِهَاتِ الْقَضِيَّةِ وَلَا قَضِيَّةَ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَالدَّلِيلُ إلَخْ تَعْرِيفٌ وَلَيْسَ قَضِيَّةً قُلْتُ الْحَالُ كَمَا ذَكَرْتَ إلَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ قَضِيَّةٌ تُوَجَّهُ بِالْإِمْكَانِ الْعَامِّ أَوْ الْخَاصِّ بِأَنْ يُقَالَ الدَّلِيلُ مُوَصِّلٌ بِالْإِمْكَانِ الْعَامِّ أَوْ الْخَاصِّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْوُصُولُ بِكُلْفَةٍ) حَمَلَ صِيغَةَ التَّفَعُّلِ عَلَى التَّكَلُّفِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَتَعَانَى الْفَاعِلُ الْفِعْلَ وَيَتَطَلَّبَهُ كَمَا يُقَالُ تَشَجَّعَ زَيْدٌ أَيْ اسْتَحْصَلَ الشَّجَاعَةَ وَكَلَّفَ نَفْسَهُ إيَّاهَا لِتَحْصُلَ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مُتَحَقِّقٌ فِي كُلِّ دَلِيلٍ إذْ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ جِهَةِ الدَّلَالَةِ وَتَحْصِيلِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى وَالْهَيْئَةِ التَّأْلِيفِيَّةِ حَتَّى يَحْصُلَ الْمَطْلُوبُ وَقَوْلُ النَّاصِرِ إنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ كُلْفَةً فِي بَعْضِ الْأَدِلَّةِ كَالْعَالَمِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّانِعِ فَالْأَوْلَى حَمْلُ الصِّيغَةِ عَلَى التَّدْرِيجِ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْفِعْلِ يَحْصُلُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَتَجَرُّعِهِ أَيْ شَرِبَ جُرْعَةً بَعْدَ جُرْعَةٍ اهـ.

مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْعَالَمَ مِنْ حَيْثُ نَفْسُهُ لَا يُؤَدِّي إلَى الْمَطْلُوبِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ فِي جِهَةِ دَلَالَتِهِ وَالْعَمَلِ الْمَذْكُورِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ كَيْفَ وَتَحْصِيلُ جِهَةِ الدَّلَالَةِ الَّتِي هِيَ الْحُدُوثُ أَوْ الْإِمْكَانُ مِنْ أَعْلَى الْمَطَالِبِ الَّتِي أَفْرَغَ الْمُتَكَلِّمُونَ فِيهَا وُسْعَهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّكَرُّرِ؛ لِأَنَّ الْوُصُولَ إلَى الْمَطْلُوبِ عَقِبَ الدَّلِيلِ دَفْعِيٌّ، أَنَّى وَتَحْصِيلُ الْمُقَدِّمَاتِ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ التَّكَرُّرُ بَلْ التَّكَلُّفُ، تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِصَحِيحِ النَّظَرِ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ كَمَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ فَبِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ أَوْ عَلَى مَعْنَى مِنْ.

(قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي الدَّلِيلِ وَهُوَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ مِنْ قَبِيلِ الْمُفْرَدِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ كَالْعَالَمِ لِوُجُودِ الصَّانِعِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ النَّظَرُ فِي أَحْوَالِهِ وَصِفَاتِهِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>