بِخِلَافِ مُسَمَّاهُ مِنْ كَوْنِهِ مُخَامِرًا لِلْعَقْلِ فَهُوَ تَعْلِيلُ الْوَصْفِ (أَمَّا الْمُشْتَقُّ) الْمَأْخُوذُ مِنْ الْفِعْلِ كَالسَّارِقِ وَالْقَاتِلِ (فَوِفَاقٌ) صِحَّةُ التَّعْلِيلِ بِهِ، (وَأَمَّا نَحْوُ الْأَبْيَضِ) مِنْ الْمَأْخُوذِ مِنْ الصِّفَةِ كَالْبَيَاضِ (فَشِبْهُ صُورِيٍّ) وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِيهِ.
(وَجَوَّزَ الْجُمْهُورُ) (التَّعْلِيلَ) لِلْحُكْمِ الْوَاحِدِ (بِعِلَّتَيْنِ) فَأَكْثَرَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ لِلْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَامَاتٍ وَلَا مَانِعَ مِنْ اجْتِمَاعِ عَلَامَاتٍ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ (وَادَّعَوْا وُقُوعَهُ) كَمَا فِي اللَّمْسِ وَالْمَسِّ وَالْبَوْلِ الْمَانِعِ كُلٌّ مِنْهَا مِنْ الصَّلَاةِ مَثَلًا (وَ) جَوَّزَهُ (ابْنُ فُورَكٍ وَالْإِمَامُ) الرَّازِيّ (فِي) الْعِلَّةِ (الْمَنْصُوصَةِ دُونَ الْمُسْتَنْبَطَةِ) لِأَنَّ الْأَوْصَافَ الْمُسْتَنْبَطَةَ الصَّالِحَ كُلٌّ مِنْهَا لِلْعِلِّيَّةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجْمُوعُهَا الْعِلَّةَ عِنْدَ الشَّارِعِ فَلَا يَتَعَيَّنُ اسْتِقْلَالُ كُلٍّ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا نُصَّ عَلَى اسْتِقْلَالِهِ بِالْعِلِّيَّةِ
ــ
[حاشية العطار]
أَنْ يَجْعَلَ الشَّارِعُ مُجَرَّدَ الِاسْمِ عَلَامَةً عَلَى الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُسَمَّاهُ إلَخْ) أَيْ وَصْفَ مُسَمَّاهُ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ مُخَامِرًا لِلْعَقْلِ لَيْسَ مُسَمَّاهُ إنَّمَا مُسَمَّاهُ الْمَاءُ الْمُتَّخَذُ مِنْ الْعِنَبِ الْمُسْكِرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ فَإِنَّ التَّعْلِيلَ بِمُجَرَّدِ الِاسْمِ لَا يَصِحُّ بَلْ مِنْ حَيْثُ مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: الْمَأْخُوذِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْفِعْلُ الِاصْطِلَاحِيُّ وَالصِّفَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ وَدَائِرَةُ الْأَخْذِ أَوْسَعُ مِنْ دَائِرَةِ الِاشْتِقَاقِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الِاشْتِقَاقَ مِنْ الْمَصَادِرِ لَا الْأَفْعَالِ وَإِرَادَةُ الْفِعْلِ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْحَدَثُ الصَّادِرُ بِاخْتِيَارِ فَاعِلِهِ وَبِالصِّفَةِ الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالْمَوْصُوفِ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ كَالْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ لِلْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ (قَوْلُهُ: فَوِفَاقٌ) مَمْنُوعٌ فَفِي التَّقْرِيبِ لِسُلَيْمٍ الرَّازِيّ حِكَايَةُ قَوْلٍ بِالْمَنْعِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: صِحَّةُ التَّعْلِيلِ بِهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ وِفَاقٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وِفَاقٌ خَبَرًا لِلْمُشْتَقِّ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ ذُو وِفَاقٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الصِّفَةِ) أَيْ الْقَائِمَةِ بِالْغَيْرِ (قَوْلُهُ: فَشَبَهٌ صُورِيٌّ) لِأَنَّهُ لَا مُنَاسَبَةَ فِيهِ وَلَا فِيمَا هُوَ نَحْوُهُ كَالْأَسْوَدِ لِجَلْبِ مَصْلَحَةٍ وَلَا لِدَرْءِ مَفْسَدَةٍ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِيهِ) أَيْ فِي مَسَالِكِ الْعِلَّةِ
[التَّعْلِيلَ لِلْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِعِلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ]
(قَوْلُهُ: لِلْحُكْمِ الْوَاحِدِ) أَيْ بِالشَّخْصِ إذْ الْوَاحِدُ بِالنَّوْعِ يَجُوزُ تَعَدُّدُ عِلَلِهِ كَتَعْلِيلِ حِلِّ قَتْلِ زَيْدٍ بِالرِّدَّةِ وَعُمَرَ بِالْقَوَدِ وَبَكْرٍ بِالزِّنَا كَذَا قَالُوا وَإِذَا تَأَمَّلْت وَجَدْت عَدَمَ التَّعَدُّدِ؛ لِأَنَّ كُلَّ حُكْمٍ مُعَلَّلٌ بِعِلَّةٍ.
وَأَمَّا النَّوْعُ وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ أَفْرَادِ الْقَتْلِ فَلَمْ يُعَلَّلْ، وَإِنَّمَا التَّعْلِيلُ لِأَفْرَادِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ مُسْتَنْبَطَةٌ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: عَلَامَاتٍ) أَيْ لَا مُؤَثِّرَاتٍ حَتَّى يَلْزَمَ اجْتِمَاعُ مُؤَثِّرَيْنِ عَلَى أَثَرٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: الْمَانِعِ كُلٌّ مِنْهَا إلَخْ) أَيْ فَكُلُّ وَاحِدٍ عِلَّةٌ لِلْمَنْعِ يَسْتَقِلُّ بِهِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْمُسْتَنْبَطَةِ) أَيْ فَلَمْ يَجْزِمْ بِالْجَوَازِ فِيهَا بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ إذْ لَوْ كَانَ جَازِمًا بِالنَّفْيِ مَا صَحَّ التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَجْمُوعُهَا الْعِلَّةَ) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ اعْتَبَرَ الْمُجْتَهِدُ كُلًّا مِنْهَا عِلَّةً بِرَأْسِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَيَّنُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute