للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْأَمْرُ النَّفْسِيُّ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ) إيجَابًا أَوْ نَدْبًا (نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ الْوُجُودِيِّ) تَحْرِيمًا أَوْ كَرَاهَةً وَاحِدًا كَانَ الضِّدُّ كَضِدِّ السُّكُونِ

ــ

[حاشية العطار]

بِعِوَضٍ وَقَوْلُهُ أَوْ تَحَمُّلِ الْمِنَّةِ أَيْ إنْ كَانَتْ بِلَا عِوَضٍ

[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرُ النَّفْسِيُّ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ إيجَابًا أَوْ نَدْبًا نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ الْوُجُودِيِّ]

(قَوْلُهُ: الْأَمْرُ النَّفْسِيُّ) قَالَ الْكَمَالُ اُسْتُشْكِلَ تَصَوُّرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلِيمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَكَلَامُهُ وَاحِدٌ بِالذَّاتِ وَهُوَ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَخَبَرٌ وَاسْتِخْبَارٌ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلَّقِ وَحِينَئِذٍ فَأَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى بِالشَّيْءِ عَيْنُ النَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ بَلْ وَعَيْنُ النَّهْيِ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ فَكَيْفَ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَلِذَا قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى هَذَا لَا يُمْكِنُ فَرْضُهُ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ وَاحِدٌ هُوَ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَوَعْدٌ وَوَعِيدٌ فَلَا تَتَطَرَّقُ الْغَيْرِيَّةُ إلَيْهِ فَلْيُفْرَضْ فِي كَلَامِ الْمَخْلُوقِ اهـ.

وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَخْلُوقِ فَكَيْفَ يَكُونُ عَيْنَ النَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ أَوْ يَتَضَمَّنُهُ مَعَ احْتِمَالِ ذُهُولِهِ عَنْ الضِّدِّ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ حُجَّةُ مَنْ قَالَ لَا عَيْنُهُ وَلَا يَتَضَمَّنُهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي التَّعَلُّقِ وَالْمَعْنَى هَلْ تَعَلُّقُ الْأَمْرِ بِالشَّيْءِ هُوَ عَيْنُ تَعَلُّقِهِ بِالْكَفِّ عَنْ ضِدِّهِ إنْ كَانَ وَاحِدًا أَوْ أَضْدَادِهِ إنْ تَعَدَّدَتْ بِمَعْنَى أَنَّ الطَّلَبَ لَهُ تَعَلُّقٌ وَاحِدٌ بِأَمْرَيْنِ هُمَا فِعْلُ الشَّيْءِ وَالْكَفُّ عَنْ الضِّدِّ فَبِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ هُوَ أَمْرٌ وَبِاعْتِبَارِ الثَّانِي هُوَ نَهْيٌ أَوْ أَنَّ مُتَعَلَّقَ ذَلِكَ التَّعَلُّقِ الْوَاحِدِ هُوَ الْفِعْلُ وَلَكِنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِتَعَلُّقِ الطَّلَبِ بِالْكَفِّ عَنْ الضِّدِّ كَالْعِلْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ كَيَمِينٍ وَشِمَالٍ وَفَوْقُ وَتَحْتُ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ تَعَلُّقَهُ بِالْآخَرِ اهـ.

وَمُحَصَّلُ الْجَوَابِ أَنَّ التَّعَلُّقَ التَّنْجِيزِيَّ مَأْخُوذٌ فِي مَفْهُومِ الْأَمْرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَبِهِ يَصِحُّ التَّعَدُّدُ فَحَاصِلُ أَصْلِ الْكَلَامِ هَلْ تَعَلَّقَ الْأَمْرُ بِشَيْءٍ نَوْعَيْنِ تَعَلُّقَهُ بِالنَّهْيِ إلَخْ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ التَّعَلُّقَ فِي الْأَمْرِ مُضَافٌ لِلْفِعْلِ وَفِي النَّهْيِ مُضَافٌ لِلتَّرْكِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ مَفْهُومًا فَكَيْفَ يَصِحُّ الْحُكْمُ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا هُوَ الْآخَرُ.

وَأُجِيبَ بِمَنْعِ الْمُغَايِرَةِ إذْ مَبْنَاهَا عَلَى اعْتِبَارِ دُخُولِ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ فِي مَفْهُومِهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ الطَّلَبِ وَالتَّعَلُّقِ نَظِيرَ مَا حَقَّقَهُ السَّيِّدُ فِي قَوْلِهِمْ الْعَمَى عَدَمُ الْبَصَرِ بِأَنَّ حَقِيقَتَهُ الْعَدَمُ وَالْإِضَافَةُ إلَى الْبَصَرِ مَعَ خُرُوجِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ الْبَصَرُ عَنْ الْحَقِيقَةِ.

(قَوْلُهُ: مُعَيَّنٌ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي تَغَايُرِ مَفْهُومَيْ الْأَمْرِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ لِاخْتِلَافِ الْإِضَافَةِ قَطْعًا وَلَا فِي لَفْظَيْهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ بَلْ فِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ إذَا أُمِرَ بِهِ فَهَلْ ذَلِكَ الْأَمْرُ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ أَوْ مُسْتَلْزِمٌ لَهُ بِمَعْنَى أَنَّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَمْرٌ نَفْسِيٌّ هَلْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ أَوْ مُسْتَلْزِمٌ لَهُ اهـ. . زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: إيجَابًا أَوْ نَدْبًا) أَخَذَهُ مِنْ الْمُقَابِلِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَقِيلَ أَمْرُ الْوُجُوبِ فَإِنَّ الْإِيجَابَ وَالْوُجُوبَ مُتَلَازِمَانِ كَمَا مَرَّ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْإِيجَابِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصُّدُورِ مِنْ الْأَمْرِ لَا فِي التَّعْلِيقِ بِالشَّيْءِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْأَمْرُ بِشَيْءٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ) أَيْ يَكُونُ عَيْنَ النَّهْيِ عَنْهُ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَهُوَ قَوْلٌ عَرِيَ عَنْ تَحْصِيلٍ فَإِنَّ الْقَوْلَ الْقَائِمَ بِالنَّفْسِ الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ بِافْعَلْ يُغَايِرُ الْقَوْلَ الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ بِلَا تَفْعَلْ وَمَنْ جَحَدَ هَذَا سَقَطَتْ مُكَالَمَتُهُ وَعُدَّ مُبَاهِتًا اهـ.

(قَوْلُهُ: الْوُجُودِيُّ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالضِّدِّ مُطْلَقَ الْمُنَافِي وَلَيْسَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ كَمَا قِيلَ قَالَ فِي فُصُولِ الْبَدَائِعِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالضِّدِّ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ النَّهْيُ أَوْ الْأَمْرُ الضِّمْنِيَّانِ تَرْكَ الْمَأْمُورِ بِهِ كَمَا ظُنَّ أَوْ تَرْكَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَالْإِبْصَارُ النِّزَاعُ لَفْظِيًّا وَيَلْزَمُ كَوْنُ النَّهْيِ نَوْعًا مِنْ الْأَمْرِ وَلَا مُطْلَقَ الضِّدِّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ بَلْ أَضْدَادُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>