لَمْ يَأْتِ هُوَ فِي الْحِكَايَةِ لَهُ بِلَفْظٍ عَامٍّ كَالْجَارِ قُلْنَا: ظُهُورُ عُمُومِ الْحُكْمِ بِحَسَبِ ظَنِّهِ، وَلَا يَلْزَمُنَا اتِّبَاعُهُ فِي ذَلِكَ، وَنَحْوُ قَضَى إلَخْ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَقِيلَ يَعُمُّ كُلَّ غَرَرٍ.
(مَسْأَلَةٌ جَوَابُ السَّائِلِ غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ دُونَهُ) أَيْ دُونَ السُّؤَالِ (تَابِعٌ لِلسُّؤَالِ فِي عُمُومِهِ) وَخُصُوصِهِ، الْعُمُومُ كَحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، فَقَالَ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: لَمْ يَأْتِ هُوَ) أَيْ مَعَ كَوْنِ الْقَضَاءِ حُكْمًا فِي جُزْئِيَّةٍ لَا يَعُمُّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُنَا اتِّبَاعُهُ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلَيْسَ لَنَا اتِّبَاعُهُ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تَقْتَضِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَنَا اتِّبَاعُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَعُمُّ كُلَّ غَرَرٍ) وَإِلَّا لَزِمَ بُطْلَانُ كُلِّ مَا فِيهِ غَرَرٌ مِنْ الْبُيُوعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُمْ صَحَّحُوا كَثِيرًا مِمَّا فِيهِ غَرَرٌ كَبَيْعِ الرَّقِيقِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةِ نَحْوِ عَوْرَتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بِهَا مَا يُنْقِصُ قِيمَتَهَا وَيُنَفِّرُ عَنْهُ، وَبَيْعُ الْكِرْبَاسِ مَعَ رُؤْيَةِ أَحَدِ وَجْهَيْهِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ مَا ذُكِرَ وَبَيْعُ الصُّبْرَةُ مَعَ رُؤْيَةِ ظَاهِرِهَا فَقَطْ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بِبَاطِنِهَا مَا ذُكِرَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحْصَى، فَإِنْ قُلْت: عَدَمُ حَمْلِهِ عَلَى الْعُمُومِ يُنَافِي الِاسْتِدْلَالَ بِهِ عَلَى بُطْلَانِ بَعْضِ بُيُوعِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُطْلَقٌ فَيَكْفِي صُورَةً، وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ اسْتِدْلَالُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ بِهِ عَلَى بُطْلَانِ كَثِيرٍ مِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ، قُلْت: لَا نُسَلِّمُ الْمُنَافَاةَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَهِمَ أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ الْغَرَرُ صَحَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى كُلِّ مَا فِيهِ غَرَرٌ لَكِنْ لَمَّا أَفَادَتْ الْأَدِلَّةُ صِحَّةَ كَثِيرٍ مِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ عَلِمْنَا أَنَّ الْعِلَّةَ لَيْسَ فِيهَا مُطْلَقُ الْغَرَرِ بَلْ الْغَرَرُ الشَّدِيدُ، وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ انْدِفَاعُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْكَمَالُ تَأَمَّلْ سم.
[مَسْأَلَةٌ جَوَابُ السَّائِلِ غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ دُونَهُ]
(قَوْلُهُ: غَيْرُ الْمُسْتَقِلِّ) وَهُوَ مَا لَا يُفِيدُ بِدُونِ السُّؤَالِ كَنَعَمْ وَبَلَى أَيْ لَوْ اُبْتُدِئَ بِهِ لَمْ يُفِدْ، وَغَيْرُ مَرْفُوعٌ صِفَةٌ لِ " جَوَابٌ " (قَوْلُهُ: أَيْ دُونَ السُّؤَالِ) أَيْ الْمَفْهُومِ مِنْ السَّائِلِ، وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ السَّائِلِ بِالسُّؤَالِ وَبَدَلَ السُّؤَالِ بَدَلَهُ كَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ لِيَكُونَ الضَّمِيرُ لَهُ مَرْجِعٌ ثُمَّ إنَّ الصُّوَرَ ثَمَانٍ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِلًّا أَوْ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَ أَعَمَّ مِنْ السُّؤَالِ أَوْ أَخَصَّ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ لَكِنْ يَتَعَطَّلُ مِنْهَا صُورَتَانِ، وَهُمَا كَوْنُ الْجَوَابِ أَعَمَّ مِنْ السُّؤَالِ، أَوْ أَخَصَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مُسَاوِيًا لَهُ فِي الْعُمُومِ أَوْ الْخُصُوصِ، وَقَدْ ذُكِرَتْ الصُّوَرُ السِّتَّةُ فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ (قَوْلُهُ: تَابِعٌ لِلسُّؤَالِ فِي عُمُومِهِ) اُخْتُلِفَ فِي جِهَةِ عُمُومِهِ فَقِيلَ لِعَدَمِ اسْتِفْصَالِهِ عَنْ حَالِهِ وَقِيلَ لِعُمُومِ عِلَّةِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ لِلسَّائِلِ وَغَيْرِهِ وَجُعِلَ مِنْ هَذَا حَدِيثُ «أَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ: هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ» ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ يَحْتَاجُ إلَى سَبْقِ مُفَسِّرٍ فَلَمْ يَسْتَقِلَّ الْجَوَابُ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ هُوَ ضَمِيرَ الشَّأْنِ فَيَكُونَ الْجَوَابُ مُسْتَقِلًّا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ (قَوْلُهُ: سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ) الظَّاهِرُ أَنَّ السُّؤَالَ كَانَ بِنَحْوِ هَلْ يُبَاعُ الرُّطَبُ بِالتَّمْرِ لَا بِنَحْوِ هَلْ أَبِيعُ الرُّطَبَ بِالتَّمْرِ، وَإِلَّا كَانَ السُّؤَالُ خَاصًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute