فَالْمُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ انْقِرَاضُ مَا عَدَا الْقَلِيلِ.
(وَ) عُلِمَ (أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ (تَمَادِي الزَّمَنِ) عَلَيْهِ لِصِدْقِ تَعْرِيفِهِ مَعَ انْتِفَاءِ التَّمَادِي عَلَيْهِ كَأَنْ مَاتَ الْمُجْمِعُونَ عَقِبَهُ بِخُرُورِ سَقْفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (وَشَرَطَهُ) أَيْ التَّمَادِيَ (إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي) الْإِجْمَاعِ (الظَّنِّيِّ) لِيَسْتَقِرَّ الرَّأْيُ عَلَيْهِ كَالْقَطْعِيِّ وَسَيَأْتِي التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا.
(وَ) عُلِمَ (أَنَّ إجْمَاعَ) الْأُمَمِ (السَّابِقِينَ) عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (غَيْرُ حُجَّةٍ) فِي مِلَّتِهِ حَيْثُ أَخَذَ أُمَّتَهُ فِي التَّعْرِيفِ (وَهُوَ الْأَصَحُّ) لِاخْتِصَاصِ دَلِيلِ حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ بِأُمَّتِهِ كَحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ «إنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ» وَقِيلَ إنَّهُ حُجَّةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَرْعَهُمْ شَرْعٌ لَنَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ.
(وَ) عُلِمَ (أَنَّهُ) أَيْ الْإِجْمَاعَ (قَدْ يَكُونُ عَنْ قِيَاسٍ) لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ الْمَأْخُوذَ فِي تَعْرِيفِهِ لَا بَدَلِهِ مِنْ مُسْتَنِدٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْقِيَاسُ مِنْ جُمْلَتِهِ (خِلَافًا لِمَانِعِ جَوَازِ ذَلِكَ) أَيْ الْإِجْمَاعِ عَنْ قِيَاسٍ (أَوْ) مَانِعِ (وُقُوعِهِ مُطْلَقًا أَوْ فِي) الْقِيَاسِ (الْخَفِيِّ) دُونَ الْجَلِيّ وَسَيَأْتِي التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا وَالْإِطْلَاقُ وَالتَّفْصِيلُ رَاجِعَانِ إلَى كُلٍّ مِنْ الْجَوَازِ وَالْوُقُوعِ
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: فَالْمُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ انْقِرَاضُ مَا عَدَا الْقَلِيلَ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ لَا يُقَالُ هَذَا يَتَّحِدُ مَعَ قَوْلِهِ الَّذِي مَرَّ أَوْ غَالِبِهِمْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْكَثْرَةِ الْمُشْتَرَطِ انْقِرَاضُهَا هُنَا أَنْ تَكُونَ غَالِبَةً فَلَوْ كَانَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ مَثَلًا وَانْقَرَضَ مِنْهُمْ أَلْفَانِ وَبَقِيَ أَلْفٌ لَمْ يَتَحَقَّقْ الشَّرْطُ لِمَكَانِ الْكَثْرَةِ وَتَحَقَّقَ عَلَى الْقَوْلِ السَّابِقِ لِانْقِرَاضِ غَالِبِ أَهْلِ الْعَصْرِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ الْعَامَّةِ) كَحَرْقٍ وَغَرَقٍ (قَوْلُهُ: لِيَسْتَقِرَّ الرَّأْيُ عَلَيْهِ) كَالْقَطْعِيِّ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى مَا ضَبَطَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الزَّمَنَ الَّذِي اعْتَبَرَهُ فَإِنَّهُ قَالَ الْمُعْتَبَرُ زَمَنٌ لَا يُفْرَضُ فِي مِثْلِهِ اسْتِقْرَارُ الْجَمِّ الْغَفِيرِ عَلَى رَأْيٍ إلَّا عَنْ قَاطِعٍ أَوْ نَازِلٍ مَنْزِلَةَ الْقَاطِعِ وَاعْلَمْ أَنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ قَدْ شَرَطَ مَعَ تَمَادِي الزَّمَنِ تَرْدَادَ الْخَوْضِ فِي الْوَاقِعَةِ فَلَوْ وَقَعَتْ فَأَجَابُوا بِحُكْمٍ فِيهَا، ثُمَّ تَنَاسَوْهَا إلَى مَا سِوَاهَا فَلَا أَثَرَ لِلزَّمَانِ عِنْدَهُ اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ: كَالْقَطْعِيِّ) أَيْ كَاسْتِقْرَارِ الزَّمَنِ فِي الْقَطْعِيِّ.
[إجْمَاعَ الْأُمَمِ السَّابِقَة]
(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ أَنَّ إجْمَاعَ الْأُمَمِ السَّابِقِينَ) أَيْ كُلِّ أُمَّةٍ لَا إجْمَاعَ الْجَمِيعِ مَعَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ: غَيْرُ حُجَّةٍ) فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِجْمَاعِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَيْسَ إجْمَاعًا نَفْيُ الْحُجِّيَّةِ إلَّا أَنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُ فَيَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهَا نَفْيُهُ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَرْعَهُمْ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْحُجِّيَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ شَرْعِهِمْ شُرِعَ لَنَا أَنَّ إجْمَاعَهُمْ حُجَّةٌ. قَالَ فِي الْبُرْهَانِ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي أَنَّ الْإِجْمَاعَ فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ هَلْ كَانَ حُجَّةً فَزَعَمَ زَاعِمُونَ أَنَّ إثْبَاتَهُ حُجَّةٌ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِنَّهَا أُمَّةٌ مُفَضَّلَةٌ عَلَى الْأُمَمِ مُزَكَّاةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute