للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْأَذَانِ وَالتَّشَهُّدِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْلِيمِ

(مَسْأَلَةٌ) : (الصَّحِيحُ يُحْتَجُّ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ) (قَالَ) النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي سَمَاعِهِ مِنْهُ وَقِيلَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ صَحَابِيٌّ آخَرُ وَقُلْنَا يُبْحَثُ عَنْ عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ أَوْ تَابِعِيٍّ (وَكَذَا) بِقَوْلِهِ (عَنْ) أَيْ عَنْ النَّبِيِّ (عَلَى الْأَصَحِّ) لِظُهُورِهِ فِي السَّمَاعِ مِنْهُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ دُونَ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ لَا لِظُهُورِهِ فِي الْوَاسِطَةِ عَلَى مَا سَبَقَ (وَكَذَا) بِقَوْلِهِ (سَمِعْته أَمَرَ وَنَهَى) لِظُهُورِهِ فِي صُدُورِ أَمْرٍ وَنَهْيٍ مِنْهُ وَقِيلَ لَا لِجَوَازِ أَنْ يُطْلِقَهُمَا الرَّاوِي عَلَى مَا لَيْسَ بِأَمْرٍ وَلَا نَهْيٍ تَسَمُّحًا (أَوْ أُمِرْنَا) أَوْ نُهِينَا أَوْ أَوْجَبَ (أَوْ حُرِّمَ وَكَذَا رُخِّصَ) بِبِنَاءِ الْجَمِيعِ لِلْمَفْعُولِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِظُهُورِ أَنَّ فَاعِلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ لَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ وَالنَّاهِي بَعْضَ الْوُلَاةِ، وَالْإِيجَابُ وَالتَّحْرِيمُ وَالتَّرْخِيصُ اسْتِنْبَاطًا مِنْ قَائِلِهِ (وَالْأَكْثَرُ يَحْتَجُّ بِقَوْلِهِ) أَيْضًا (مِنْ السُّنَّةِ) لِظُهُورِهِ فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ وَقِيلَ لَا لِجَوَازِ إرَادَةِ سُنَّةِ الْبَلَدِ (فَكُنَّا مَعَاشِرَ النَّاسِ) نَفْعَلُ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَوْ كَانَ النَّاسُ يَفْعَلُونَ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكُنَّا نَفْعَلُ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِظُهُورِهِ فِي تَقْرِيرِ النَّبِيِّ وَقِيلَ لَا لِجَوَازِ أَنْ لَا يَعْلَمَ بِهِ (فَكَانَ النَّاسُ يَفْعَلُونَ فَكَانُوا لَا يَقْطَعُونَ

ــ

[حاشية العطار]

وَلَوْ فُتِحَ بَابُ التَّغْيِيرِ لَجَسَرَ عَلَيْهِ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلِهِ اهـ.

وَيَنْبَغِي لِرَاوِي الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى أَنْ يَقُولَ عَقِيبَهُ أَوْ كَمَا قَالَ أَوْ نَحْوُهُ أَوْ شِبْهُهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ، وَقَدْ كَانَ قَوْمٌ مِنْ الصَّاحِبَةِ يَتَعَلَّمُونَ ذَلِكَ، وَهُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَعَانِي الْكَلَامِ خَوْفًا مِنْ الزَّلَلِ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِمَا فِي الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى مِنْ الْخَطَرِ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ عَنْ «ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ، ثُمَّ قَالَ أَوْ مِثْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ أَوْ شَبِيهٌ بِهِ» اهـ. (تَذْنِيبٌ) مِمَّا يَلْتَحِقُ مِمَّا نَقَلْنَاهُ مَا ذَكَرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ النَّاظِرُ حَدِيثًا مُسْتَنِدًا فِي كِتَابٍ صَحِيحٍ، وَلَمْ يَسْتَرِبْ فِي ثُبُوتِهِ وَاسْتَبَانَ انْتِفَاءُ اللَّبْسِ وَالرَّيْبِ عَنْهُ، وَلَمْ يُسْمَعْ الْكِتَابُ مِنْ شَيْخٍ فَهَذَا رَجُلٌ لَا يَرْوِي مَا رَآهُ، وَلَكِنَّ الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ الْعَمَلِ عَلَى الْمُجْتَهِدِينَ بِمُوجِبَاتِ الْأَخْبَارِ عَلَى أَنْ تَنْتَظِمَ لَهُمْ الْأَسَانِيدُ فِي جَمِيعِهَا وَالْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ إنْ رُوجِعْنَا فِيهِ الثِّقَةُ وَالشَّاهِدُ لَهُ أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يَرِدُ عَلَيْهِمْ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ الِانْتِهَاءُ إلَيْهِ وَالْعَمَلُ بِمُوجِبِهِ وَمَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ الْكِتَابُ، وَلَمْ يَكُنْ مُخَاطَبًا بِمَضْمُونِهِ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ مُسْمِعٍ كَانَ الَّذِينَ قَصَدُوا بِمَضْمُونِ الْكِتَابِ وَمَقْصُودِ الْخِطَابِ، وَلَوْ قَالَ هَذَا الرَّجُلَ رَأَيْت فِي صَحِيحِ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَدْ وَثِقْت بِاشْتِمَالِ الْكِتَابِ عَلَيْهِ فَعَلَى الَّذِي سَمِعَهُ يَذْكُرُ ذَلِكَ أَنْ يَثِقَ بِهِ وَيُلْحِقَهُ بِمَا يَلْقَاهُ فِي نَفْسِهِ وَرَآهُ وَرَوَاهُ مِنْ الشَّيْخِ الْمُسْمِعِ، وَلَوْ عُرِضَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى جَهَلَةِ الْمُحَدِّثِينَ لَأَبَوْهُ فَإِنَّ فِيهِ سُقُوطَ مَنْصِبِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ ظُهُورِ الثِّقَةِ وَصِحَّةِ الرِّوَايَةِ، وَهُمْ عُصْبَةٌ لَا مُبَالَاةَ بِهِمْ فِي حَقَائِقِ الْأُصُولِ، وَإِذَا نَظَرَ النَّاظِرُ فِي تَفَاصِيلِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ صَادَفَ جَمِيعَهَا جَارِيَةً فِي الرَّدِّ وَالْقَبُولِ عَلَى ظُهُورِ الثِّقَةِ وَانْخِرَامِهَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْأُصُولِيُّ فَإِذَا صَادَفْنَاهُ لَزِمْنَاهُ وَتَرَكْنَا وَرَاءَهُ الْمُحَدِّثِينَ يَنْقَطِعُونَ فِي وَضْعِ أَلْقَابٍ وَتَرْتِيبِ أَبْوَابٍ

[مَسْأَلَةٌ الصَّحِيحُ يُحْتَجُّ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ]

(قَوْلُهُ: يُحْتَجُّ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ ضَعِيفٌ يُعَضَّدُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا قَالَهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ لِمَا قَالَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَالَ النَّبِيُّ (قَوْلُهُ: لِظُهُورِهِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ صُدُورُ أَمْرٍ وَنَهْيٍ مِنْهُ حَقِيقَةً لَا السَّمَاعُ إذْ سَمِعْته صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ الشَّكَّ فِيهِ فِي السَّمَاعِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا سَبَقَ) أَيْ مِنْ الْقَوْلِ بِالْبَحْثِ عَنْ عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ فَالْمُرَادُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي سَبَقَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا رُخِّصَ إلَخْ) فَصَلَهُ بِكَذَا لِكَثْرَةِ التَّرْخِيصِ مِنْ الْأَئِمَّةِ فَأَمْرُهَا أَضْعَفُ (قَوْلُهُ: بِبِنَاءِ الْجَمِيعِ لِلْمَفْعُولِ) لَعَلَّهُ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَلِتَأَخُّرِهِ عَمَّا قَبْلَهُ أَيْ الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ فِي مَرْتَبَةِ أَمَرَ أَوْ نَهَى وَإِلَّا فَالْبِنَاءُ لِلْفَاعِلِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ (قَوْلُهُ: نَفْعَلُ فِي عَهْدِهِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي عَهْدِهِ عَائِدٌ لِلْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: فَكَانُوا لَا يَقْطَعُونَ) أَيْ الْيَدَ وَقَوْلُهُ فِي الشَّيْءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>