مُجَامَعَةُ الْأُولَى لِكُلٍّ مِنْ الْإِطْلَاقَاتِ الثَّلَاثَةِ.
(وَالْمَجَازُ) الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَهُوَ الْمَجَازُ فِي الْإِفْرَادِ (اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ) فِيمَا وُضِعَ لَهُ لُغَةً أَوْ عُرْفًا أَوْ شَرْعًا (بِوَضْعٍ ثَانٍ) خَرَجَ الْحَقِيقَةُ (لِعَلَاقَةٍ) بَيْنَ مَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا وَمَا وُضِعَ لَهُ ثَانِيًا خَرَجَ الْعَلَمُ الْمَنْقُولُ كَفَضْلٍ وَمَنْ زَادَ كَالْبَيَانِيِّينَ مَعَ قَرِينَةٍ مَانِعَةٍ عَنْ إرَادَةِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا
ــ
[حاشية العطار]
لِلْحَاجَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَخْفَى مُجَامَعَةُ الْأَوَّلِ) ، أَيْ: تَفْسِيرُ الشَّرْعِيِّ بِمَا لَمْ يُسْتَفَدْ اسْمُهُ إلَّا مِنْ الشَّرْعِ لِكُلٍّ مِنْ الْإِطْلَاقَاتِ الثَّلَاثَةِ أَيْ عَلَى الْوَاجِبِ، وَالْمَنْدُوبِ، وَالْمُبَاحِ؛ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى الشَّيْءِ أَنَّهُ شَرْعِيٌّ بِمَعْنَى أَنَّ اسْمَهُ لَمْ يُسْتَفَدْ إلَّا مِنْ الشَّرْعِ وَأَنَّهُ شَرْعِيٌّ بِمَعْنَى أَنَّهُ وَاجِبٌ، أَوْ مَنْدُوبٌ، أَوْ مُبَاحٌ وَيَنْفَرِدُ عَنْهَا فِي صَلَاةِ الْحَائِضِ مَثَلًا، وَالصَّلَاةُ فِي الْمَغْصُوبِ فَإِنَّهَا لَا تُوصَفُ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ وَاسْمُهَا مُسْتَفَادٌ مِنْ الشَّرْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ تَشْمَلُ الصَّحِيحَ، وَالْفَاسِدَ فَإِنَّ وَصْفَ الصِّحَّةِ لَيْسَ دَاخِلًا فِي مَفْهُومِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ
[الْمَجَازُ]
(قَوْلُهُ: الْمَجَازُ) هُوَ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ أَصْلُهُ مُجَوَّزٌ بِمَعْنَى الْجَوَازِ نُقِلَ إلَى الْكَلِمَةِ الْجَائِزَةِ مَكَانَهَا الْأَصْلِيَّ أَوْ الْمُجَوَّزِ بِهَا عَلَى مَا هُوَ مَشْهُورٌ. (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) أَتَى بِهَذَا الْوَصْفِ هُنَا دُونَ الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ سَيَأْتِي يَقُولُ وَقَدْ يَكُونُ فِي الْإِسْنَادِ فَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْمُعَرَّفَ هُنَا الْمَجَازُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا مَا يَشْمَلُ الْمَجَازَ فِي الْإِسْنَادِ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ لَا يَشْمَلُهُ وَلَمَّا لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِلْحَقِيقَةِ فِي الْإِسْنَادِ أَغْنَاهُ ذَلِكَ عَنْ أَنْ يُقَيِّدَ بِهِ فِيمَا هُنَالِكَ لِعَدَمِ التَّوَهُّمِ وَأَيْضًا الْحَقِيقَةُ وَإِنْ انْقَسَمَتْ إلَى مُفْرَدَةٍ وَمُرَكَّبَةٍ فَحَقِيقَتُهَا وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ الْمَجَازِ فِي الْإِفْرَادِ فَإِنَّ حَقِيقَتَهُ تُبَايِنُ حَقِيقَةَ الْمَجَازِ فِي الْإِسْنَادِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْإِفْرَادِ) أَيْ الْكَلِمَاتِ فَيَشْمَلُ الْمَجَازَ الْمُرَكَّبَ لِشُمُولِ اللَّفْظِ لَهُ وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّ الْمَجَازَ الْمُطْلَقَ يُرَادُ بِهِ اللَّفْظُ وَالْمَجَازُ فِي قَوْلِك الْمَجَازُ فِي الْإِفْرَادِ مُرَادٌ بِهِ الْمَصْدَرُ الْمِيمِيُّ أَيْ التَّجَوُّزُ فِي الْإِفْرَادِ اهـ.
أَقُولُ مُحَصَّلُ هَذِهِ الْمُنَاقَشَةِ عَدَمُ صِحَّةِ الْحَمْلِ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ الْمَجَازُ فِي الْإِفْرَادِ لِأَنَّ فِيهِ حَمْلَ الْمُتَبَايِنَيْنِ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ مُرَادٌ بِهِ اللَّفْظُ وَالْمَحْمُولُ الْحَدَثُ.
وَالْجَوَابُ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَحْمُولِ الْمَصْدَرُ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ اللَّفْظُ وَفِي الْإِفْرَادِ حَالٌ وَفِي لِلظَّرْفِيَّةِ الِاعْتِبَارِيَّةِ أَوْ الْمُصَاحَبَةِ أَوْ الظَّرْفُ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ عَلَى نَحْوِ مَا قِيلَ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالِاسْمِ الشَّرِيفِ لِتَأْوِيلِهِ بِمَعْنَى الْمَعْبُودِ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَصْدَرُ قَدَّرْنَا الْمُضَافَ أَيْ وَهُوَ مَجَازُ الْمَجَازِ أَيْ اللَّفْظُ الْمُتَجَوَّزُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ) خَرَجَ مَا لَمْ يُسْتَعْمَلْ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُهْمَلَةِ وَمَا وُضِعَ وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ عَلَى نَسَقِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: خَرَجَ الْعَلَمُ الْمَنْقُولُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الثَّانَوِيَّةَ فِي الزَّمَنِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّانَوِيَّةُ فِي التَّبْعِيدِ وَحِينَئِذٍ فَالْعَلَمُ الْمَنْقُولُ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ بِوَضْعٍ ثَانٍ وَقَوْلُهُ لِعَلَاقَةِ قَيْدٌ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ.
وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَلْفِيقًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ عَرَّفُوا الْمَجَازَ بِالْكَلِمَةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَتْ لَهُ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الْعَلَاقَةُ وَقِيلَ الْوَضْعُ الثَّانَوِيُّ.
وَأَجَابَ سم بِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْقَوْلُ بِمَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ فَالْأَحْسَنُ فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْقَائِلَ بِالْوَضْعِ الثَّانَوِيِّ لَا يَنْفِي الْعَلَاقَةَ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ مِنْهَا اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ هِيَ كَافِيَةٌ عَنْ الْوَضْعِ الثَّانَوِيِّ أَوْ لَا بُدَّ مِنْهُ مَعَهَا وَهُوَ التَّحْقِيقُ وَمُفَادُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْعَلَمَ الْمَنْقُولَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ.
وَقَدْ قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ صَرَّحَ الْآمِدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ بِأَنَّ الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ يَشْتَرِكَانِ فِي امْتِنَاعِ اتِّصَافِ أَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ بِهِمَا كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو.
(قَوْلُهُ: كَفَضْلٍ) قَالَ النَّاصِرُ فِيهِ أَنَّ الْعَلَاقَةَ مَوْجُودَةٌ بَيْنَ الْمَنْقُولِ عَنْهُ وَالْمَنْقُولِ إلَيْهِ فِي فَضْلٍ فَالْأَوْلَى التَّمْثِيلُ بِجَعْفَرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ وُجُودَ الْعَلَاقَةِ مُجَرَّدَةً غَيْرُ كَافٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَتِهَا كَمَا هُوَ مُفَادُ لَامِ التَّعْلِيلِ وَهِيَ غَيْرُ مُلَاحَظَةِ فَضْلٍ عَلَى أَنَّا لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ وُجُودِهَا فِي جَعْفَرٍ فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ النَّهْرُ الصَّغِيرُ فَيُمْكِنُ أَنَّ الْعَلَاقَةَ الْمُشَابَهَةُ.
(قَوْلُهُ: كَالْبَيَانِيِّينَ) الْأَحْسَنُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ أَيْ مَنْ زَادَ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ كَالْبَيَانِيِّينَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأُصُولِ