للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ كَمَا تَقَدَّمَ

(الْحُرُوفُ) أَيْ هَذَا مَبْحَثٌ مِنْ الْحُرُوفِ الَّتِي يَحْتَاجُ الْفَقِيهُ إلَى مَعْرِفَةِ مَعَانِيهَا لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا فِي الْأَدِلَّةِ لَكِنْ سَيَأْتِي مِنْهَا أَسْمَاءٌ فَفِي التَّعْبِيرِ بِهَا تَغْلِيبٌ لِلْأَكْثَرِ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ عَدَّهَا بِالْقَلَمِ الْهِنْدِيِّ اخْتِصَارًا فِي الْكِتَابَةِ.

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْقَلَمِ الْمُعْتَادِ وَلْنَمْشِ عَلَيْهِ لِوُضُوحِهِ (أَحَدُهَا إذَنْ مِنْ نَوَاصِبِ الْمُضَارِعِ) قَالَ سِيبَوَيْهِ لِلْجَوَابِ وَالْجَزَاءِ إلَخْ (قَالَ الشَّلَوْبِينُ دَائِمًا وَ) قَالَ (الْفَارِسِيُّ غَالِبًا)

ــ

[حاشية العطار]

عَرَّفُوا التَّعْرِيضَ بِتَعْرِيفَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي الظَّاهِرِ مُتَّفِقَةِ الْمَآلِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ كَلَامٌ قُصِدَ بِهِ مَعْنَيَانِ مَعًا:

أَحَدُهُمَا: مِنْ وَسَطِهِ حَقِيقِيًّا كَانَ أَوْ مَجَازِيًّا أَوْ كِنَائِيًّا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مُسْتَعْمَلًا فِيهِ.

وَثَانِيهِمَا: مِنْ عَرَّضَ وَجَانَبَهُ بِطَرِيقِ الرَّمْزِ وَالْإِشَارَةِ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ الْكَلَامُ تَنَاوُلًا بَعِيدًا بِقَرِينَةٍ خَفِيَّةٍ مِثْلُ الْفَحْوَى وَالسِّيَاقِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ الْكَلَامُ مُسْتَعْمَلًا فِيهِ اهـ.

وَهُوَ مَا حَقَّقَهُ صَاحِبُ الْكَشْفِ أَيْضًا وَنَقَلَهُ عَنْهُ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَةِ الْمُطَوَّلِ وَأَقَرَّهُ، فَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْبَيَانِيِّينَ فَاتَّجَهَ اعْتِرَاضُ النَّاصِرِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ الْمَذْكُورَةِ وَمَا أَجَابَ بِهِ سم مِنْ أَنَّ مُخَالَفَةَ مَا فِي الْمِفْتَاحِ وَمَا حَقَّقَهُ صَاحِبُ الْكَشْفِ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ مُوَافَقَتَهُمَا وَلَا يَثْبُتُ أَنَّ مَا قَالَهُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اصْطِلَاحًا لِطَائِفَةٍ مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَا يُجْدِي نَفْعًا.

وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَى أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَنْبَغِي التَّمَسُّكُ بِهِ عَلَى الْخَصْمِ مِرَارًا نَعَمْ يَكْفِيهِ فِي الِاسْتِرْوَاحِ فِي الْجَوَابِ يَقُولُ صَاحِبُ الْكَشْفِ قُبَيْلَ التَّحْقِيقِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَنَّهُ أَيْ صَاحِبَ الْكَشَّافِ اعْتَبَرَ فِي الْكِنَايَةِ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ وَفِي التَّعْرِيضِ اسْتِعْمَالَهُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ مَعَ الْإِشَارَةِ إلَى مَا لَمْ يُوضَعْ لَهُ مِنْ السِّيَاقِ وَالتَّحْقِيقِ إلَخْ عَلَى أَنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّأْوِيلِ كَمَا لَا يَخْفَى.

وَفِي الْكَمَالِ أَنَّ الْكِنَايَةَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَا احْتَمَلَ مَعْنَيَيْنِ فَأَكْثَرَ سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ أَوْ الْمَعَانِي لَازِمًا لِغَيْرِهِ مِنْهَا أَمْ لَمْ يَكُنْ.

وَأَمَّا التَّعْرِيضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَاهُ بِاصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وَالْبَيَانِيِّينَ وَاحِدٌ.

وَقَدْ ذَكَرَهُ فُقَهَاؤُنَا مُقْتَرِنًا بِالْكِنَايَةِ حَيْثُ قَالُوا التَّعْرِيضُ بِالْقَذْفِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَإِنْ نَوَاهُ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَمُنْفَرِدًا حَيْثُ قَالُوا لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ التَّعْرِيضُ بِالرُّجُوعِ لِمَنْ أَقَرَّ بِعُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ) أَيْ فَإِنَّهَا تَكُونُ حَقِيقَةً وَتَكُونُ مَجَازًا فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ تَابِعًا لِوَالِدِهِ فِي تَقْسِيمِهَا إلَى الْقِسْمَيْنِ فَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ الْقُبَيْلَ السَّابِقَ وَيُرَدُّ قَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فَهُوَ مَجَازٌ عَائِدٌ عَلَى اللَّفْظِ لَا عَلَى الْكِنَايَةِ لِأَنَّهُ مِمَّا يُعَارِضُهُ مَا هُنَا مِنْ قَوْلِهِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ أَبَدًا وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ.

وَأَمَّا تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ فَهُوَ مَجَازٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِدَفْعٍ اُسْتُشْكِلَ تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ مَعَ عَوْدِهِ لِلْكِنَايَةِ مَعَ تَأْنِيثِهَا.

[الْحُرُوفُ]

(قَوْلُهُ: مَبْحَثُ الْحُرُوفِ) هُوَ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ الْمُرَادُ بِهِ مَكَانُ الْبَحْثِ وَالْبَحْثُ إثْبَاتُ الْمَحْمُولَاتِ لِلْمَوْضُوعَاتِ فَالْمَعْنَى مَحَلٌّ يَثْبُتُ فِيهِ أَحْوَالُ الْحُرُوفِ لَهَا وَتُحْمَلُ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: الَّتِي يَحْتَاجُ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِعُذْرِ الْأُصُولِيِّينَ فِي ذِكْرِهِمْ لَهَا مَعَ أَنَّهَا مِنْ مَبَاحِثِ عِلْمِ النَّحْوِ فَيُحْتَمَلُ ذِكْرُهَا هُنَا عَلَى سَبِيلِ الْمَبْدَئِيَّةِ فَلَا تُعَدُّ مِنْ مَسَائِلِ الْأُصُولِ أَوْ يُقَالُ بِتَغَايُرِ جِهَةِ الْبَحْثِ فَيَكُونُ مِنْ مَسَائِلِهِ.

(قَوْلُهُ: لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الْوُقُوعِ الِاحْتِيَاجُ إذْ قَدْ يَكْثُرُ وُقُوعُ الشَّيْءِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا نَادِرٌ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ سَيَأْتِي مِنْهَا أَسْمَاءُ) كَإِذْ وَإِذَا الظَّرْفِيَّتَيْنِ وَأَيِّ الْمُشَدَّدَةِ وَكُلِّ.

(قَوْلُهُ: تَغْلِيبٌ لِلْأَكْثَرِ) أَيْ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْأَسْمَاءَ أَشْرَفُ مِنْ الْحُرُوفِ فَكَانَتْ تُغَلَّبُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ لَا تَغْلِيبَ فَإِنَّ الصَّفَّارَ فِي شَرْحِ كِتَابِ سِيبَوَيْهِ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ يُطْلِقُ الْحَرْفَ عَلَى الِاسْمِ وَالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَوَاصِبِ الْمُضَارِعِ) أَيْ أَنَّهَا قَدْ تَنْصِبُهُ إذَا اسْتَوْفَتْ الشُّرُوطَ.

(قَوْلُهُ: لِلْجَوَابِ وَالْجَزَاءِ) أَيْ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهَا لَا أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِذَلِكَ إذْ لَا يُوصَفُ الْوَضْعُ بِدَوَامٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>