للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ التَّرَاخِي فِيهِ غَيْرَ وَاجِبٍ فَهَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا حَذَرًا مِنْ الِاشْتِرَاكِ وَلَا نَعْرِفُهُ أَوْ هُوَ لِلْفَوْرِ لِأَنَّهُ الْأَحْوَطُ أَوْ التَّرَاخِي لِأَنَّهُ يَسُدُّ عَنْ الْفَوْرِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ لِامْتِنَاعِ التَّقْدِيمِ أَوْ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا حَذَرًا مِنْ الِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ وَهُوَ الْأَوَّلُ الرَّاجِحُ أَيْ طَلَبُ الْمَاهِيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِوَقْتٍ مِنْ فَوْرٍ أَوْ تَرَاخٍ.

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ أَبُو بَكْرٍ (الرَّازِيّ) مِنْ الْحَنَفِيَّةِ (وَ) الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ (الشِّيرَازِيُّ) مِنْ الشَّافِعِيَّةِ (وَعَبْدُ الْجَبَّارِ) مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ (الْأَمْرُ) بِشَيْءٍ

ــ

[حاشية العطار]

بَلْ جَوَازًا صَرَّحَ بِهِ الْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّ عَدَمَ الِامْتِثَالِ يُلَائِمُ الْقَوْلَ بِالتَّوَقُّفِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ الْوَاقِفِيَّةِ ثُمَّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ وَقَفَ عَطْفًا عَلَى مَنْ مَنَعَ لَيْسَ عَلَى مَنْ يَنْبَغِي أَيْضًا إذْ الْوَاقِفِيَّةُ طَائِفَتَانِ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ وَحَاوَلَ سم رَدَّ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الْكُورَانِيُّ مُفَرِّعًا عَلَى كَلَامٍ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فِيهِ حِكَايَةُ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا أَنَّ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْعُدَّةِ وَإِنْ كَانَ خَارِقًا لِلْإِجْمَاعِ هُوَ قَوْلٌ ثَابِتٌ وَلَا يَمْنَعُ ثُبُوتَهُ خَرْقُهُ لِلْإِجْمَاعِ وَلَا ثُبُوتُ الْقَوْلِ بِالتَّوَقُّفِ عَنْ الِامْتِثَالِ وَعَدَمِهِ.

أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ الْمُسْتَصْفَى وَمِنْهُمْ مَنْ غَلَا فَقَالَ يُتَوَقَّفُ فِي الْمُبَادِرِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ الَّذِي صَدَّرَ كَلَامَهُ بِعِبَارَتِهِ وَإِنْ بَادَرَ بِفِعْلِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ لَانْقَطَعَ بِكَوْنِهِ مُمْتَثِلًا مَعَ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ حَكَى ابْنُ بَرْهَانٍ عَنْ غُلَاةِ الْوَاقِفِيَّةِ إنَّا لَا نَقْطَعُ بِأَمْثَالِهِ بَلْ نَتَوَقَّفُ فِيهِ إلَخْ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَتْنِ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ وَمَنْ وَقَفَ هَذَا زُبْدَةُ كَلَامِهِ الَّذِي أَطَالَهُ جِدًّا وَزَادَ مَا هُوَ دَيْدَنُهُ مِنْ الْحَطِيطَةِ عَلَى الْكُورَانِيِّ بِتَجْوِيزِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اطَّلَعَ عَلَى نَقْلٍ آخَرَ يُوَافِقُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ عِبَارَتُهُ مِمَّا قَدْ فَرَغْنَا مِنْ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ.

ثُمَّ إنَّهُ قَدْ رَجَعَ الْأَمْرُ فِي كَلَامِهِ لِمَا قَالَهُ الْكَمَالُ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى قَوْلَيْ الْوَقْفِ وَقَوْلُهُ إنَّ الْمَذْهَبَ الْخَارِقَ لِلْإِجْمَاعِ ثَابِتٌ نَحْنُ لَا نَمْنَعُ ثُبُوتَهُ وَلَا يُنْكِرُ ثُبُوتَهُ أَحَدٌ وَلَيْسَ النِّزَاعُ فِيهِ إنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْبِنَاءِ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ التَّنْبِيهِ عَلَى خَرْقِهِ لِلْإِجْمَاعِ فَرُبَّمَا اعْتَقَدَ الْوَاقِفُ عَلَى الْكِتَابِ صِحَّتَهُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَرَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ لِامْتِنَاعِ التَّقْدِيمِ.

وَمِنْ هُنَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الشَّارِحِ مُؤَاخَذَةٌ فِي عَدَمِ التَّنْبِيهِ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ أَنَّ الْعَلَّامَةَ سم اقْتَصَرَ عَلَى نَقْلِ عِبَارَةِ الصَّفِيِّ الْهِنْدِيِّ لَكَانَ فِي ذَلِكَ مَقْنَعٌ وَغُنْيَةٌ عَنْ التَّطْوِيلِ قَالَ فِي نِهَايَتِهِ مَا نَصُّهُ وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ أَيْ إلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ وَهَؤُلَاءِ اخْتَلَفُوا فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَمُعْظَمُ أَصْحَابِهِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَشَاعِرَةِ وَعَدَدٌ جَمْعًا مِنْ هَذِهِ الْفِرَقِ إلَى جَوَازِ التَّأْخِيرِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِ إمْكَانِ الْعَمَلِ بِهِ فَعَلَى هَذَا مَهْمَا فَعَلَ الْمُكَلَّفُ الْمَأْمُورَ بِهِ مُبَادِرًا أَوْ مُؤَخِّرًا كَانَ مُمْتَثِلًا وَذَهَبَ الْأَقَلُّونَ مِنْهُمْ إلَى أَنَّهُ يَقْتَضِي التَّرَاخِي فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ الْمُبَادِرُ مُمْتَثِلًا.

وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَنُسِبُوا فِيهِ إلَى خَرْقِ الْإِجْمَاعِ.

وَأَمَّا الْوَاقِفِيَّةُ فَمِنْهُمْ مَنْ تَوَقَّفَ فِيهِ تَوَقُّفَ الِاشْتِرَاكِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَوَقَّفَ فِيهِ تَوَقُّفَ اللَّا أَدْرِيَّةِ وَهَؤُلَاءِ انْقَسَمُوا إلَى غُلَاةٍ وَمُقْتَصِدَةٍ أَمَّا الْغُلَاةُ فَهُمْ الَّذِينَ تَوَقَّفُوا فِي الْمُبَادِرِ وَالْمُؤَخِّرِ فِي أَنَّهُ هَلْ هُوَ مُمْتَثِلٌ أَمْ لَا وَنُسِبُوا أَيْضًا إلَى خَرْقِ إجْمَاعِ السَّلَفِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا قَاطِعِينَ إلَى أَنَّ الْمُبَادِرَ مُسَارِعٌ فِي الِامْتِثَالِ وَمُبَالِغٌ فِي الطَّاعَةِ.

وَأَمَّا الْمُقْتَصِدُونَ فَهُمْ الَّذِينَ قَطَعُوا بِامْتِثَالِ الْمُبَادِرِ وَتَوَقَّفُوا فِي الْمُؤَخِّرِ فِي أَنَّهُ هَلْ هُوَ مُمْتَثِلٌ أَمْ لَا ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِتَأْثِيمِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُؤَثِّمْهُ وَمِنْهُمْ مَنْ تَوَقَّفَ فِيهِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ امْتَثَلَ أَصْلَ الْمَطْلُوبِ اهـ. (قَوْلُهُ: حَذَرًا مِنْ الِاشْتِرَاكِ) أَيْ لَوْ قِيلَ بِالْوَضْعِ لِكُلِّ وَاحِدٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ) أَيْ الْأَحَدُ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْأَحْوَطُ) فِيهِ نَظَرٌ مَعَ احْتِمَالِ التَّرَاخِي.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَسُدُّ إلَخْ) لِأَنَّهُ يَكُونُ قَضَاءً عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: مِنْ فَوْرٍ إلَخْ) أَيْ مِنْ ذِي فَوْرٍ إلَخْ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَيْسَ هُوَ الْفَوْرُ وَالتَّرَاخِي لِأَنَّ الْفَوْرَ الْمُبَادَرَةُ وَالتَّرَاخِي التَّأْخِيرُ

[الْأَمْرُ بِشَيْءٍ مُؤَقَّتٍ يَسْتَلْزِمُ الْقَضَاءَ]

(قَوْلُهُ: مِنْ الْحَنَفِيَّةِ) يُوهِمُ كَلَامُهُ انْفِرَادَهُ بِذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ بِهِ غَيْرُهُ بَلْ الْمَنْقُولُ فِي التَّلْوِيحِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لِجُمْهُورِهِمْ حَتَّى قَالَ الْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ فِي تَحْرِيرِهِ إنَّهُ الْمُخْتَارُ عِنْدَهُمْ.

(قَوْلُهُ: الْأَمْرُ بِشَيْءٍ إلَخْ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِاللَّفْظِيِّ كَمَا فَعَلَ فِيمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ مَا هُنَا يَصْلُحُ لِلْأَمْرَيْنِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُ بِأَمْرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>