للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي سَبَبِ حُكْمِهَا (وَالْمُقَيَّدُ) فِي مَوْضِعَيْنِ (بِمُتَنَافِيَيْنِ) وَقَدْ أَطْلَقَ فِي مَوْضِعٍ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى فِي قَضَاءِ أَيَّامِ رَمَضَانَ {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] وَفِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: ٩٢] وَفِي صَوْمِ التَّمَتُّعِ {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] (يَسْتَغْنِي) فِيمَا أَطْلَقَ فِيهِ (عَنْهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْلَى بِأَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ قِيَاسًا) كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ بِأَنْ بَقِيَ عَلَى إطْلَاقِهِ لِامْتِنَاعِ تَقْيِيدِهِ بِهِمَا لِتَنَافِيهِمَا وَبِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِانْتِفَاءِ مُرَجِّحِهِ فَلَا يَجِبُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ تَتَابُعٌ وَلَا تَفْرِيقٌ أَمَّا إذَا كَانَ أَوْلَى بِالتَّقْيِيدِ بِأَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ مِنْ حَيْثُ الْقِيَاسُ كَأَنْ وُجِدَ الْجَامِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُقَيَّدِهِ دُونَ الْآخَرِ قُيِّدَ بِهِ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ الْحَمْلَ قِيَاسِيٌّ فَإِنْ قِيلَ: لَفْظِيٌّ فَلَا.

(الظَّاهِرُ وَالْمُؤَوَّلُ) أَيْ هَذَا مَبْحَثُهُمَا (الظَّاهِرُ مَا دَلَّ) عَلَى الْمَعْنَى (دَلَالَةً ظَنِّيَّةً) أَيْ رَاجِحَةً فَيَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ الْمَعْنَى مَرْجُوحًا كَالْأَسَدِ رَاجِحٌ فِي الْحَيَوَانِ الْمُفْتَرِسِ مَرْجُوحٌ فِي الرَّجُلِ الشُّجَاعِ

ــ

[حاشية العطار]

أَيْ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَفِيهِ أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي فِيهَا عَيْنُ الْخِلَافِ فِيمَا قَبْلَهَا، فَهَلَّا جَمَعَهُمَا بِأَنْ يَقُولَ: إنْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ مَعَ اتِّحَادِ الْحُكْمِ أَوْ عُكِسَ ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَخْ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخِلَافَ هُنَا غَيْرُ الْخِلَافِ السَّابِقِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمَسْحِ إلَى الْمِرْفَقِ فِي التَّيَمُّمِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (قَوْلُهُ: فِي سَبَبِ حُكْمِهِمَا) وَهُوَ الْحَدَثُ وَالْحُكْمُ هُوَ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَالْمَسْحِ (قَوْلُهُ: وَالْمُقَيَّدُ بِمُتَنَافِيَيْنِ إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ، وَإِنْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ مَعَ اتِّحَادِ الْحُكْمِ أَيْ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ السَّبَبُ، وَاتَّحَدَ الْحُكْمُ مَا لَمْ يُوجَدْ مُقَيَّدٌ بِمُتَنَافِيَيْنِ، وَقَدْ أَطْلَقَ فِي مَوْضِعٍ، وَإِلَّا فَلَا تَقْيِيدَ يَرْجِعُ إلَى الْخِلَافِ قَالَ سم فِيمَا كَتَبَهُ بِهَامِشِ حَاشِيَةِ الْكَمَالِ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: وَالْمُقَيَّدُ بِمُتَنَافِيَيْنِ يُسْتَغْنَى عَنْهُمَا إلَخْ شَامِلًا لِمَا إذَا اتَّحَدَ الْحُكْمُ وَالسَّبَبُ كَمَا فِي رِوَايَاتِ غَسَلَاتِ الْكَلْبِ، وَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الِاسْتِغْنَاءِ إلْغَاءُ الْقَيْدَيْنِ لِتَعَارُضِهِمَا مَعَ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ، وَمُتَعَلَّقِ الْحُكْمِ، وَلِمَا إذَا لَمْ يَتَّحِدَا كَمَا فِي مِثَالِ الشَّارِحِ عَلَى هَذَا يُعْمَلُ بِالْإِطْلَاقِ فِي مَحَلِّهِ كَمَا يُعْمَلُ بِكُلِّ قَيْدٍ فِي مَحَلِّهِ، وَأَمَّا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ فَإِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الْقِسْمِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ ضَرُورَةَ تَوَقُّفِ الْقِيَاسِ عَلَى أَصْلٍ وَفَرْعٍ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِيهِ لِاتِّحَادِ الْمَحَلِّ وَالْحُكْمِ الْمُوجِبِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَطْلَقَ فِي مَوْضِعٍ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْمُطْلَقَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَلَا يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ، وَقَدْ أَطْلَقَ فِي مَوْضِعٍ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي قَوْلِهِ) أَيْ كَالْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ الَّذِي فِي قَوْله تَعَالَى إلَخْ بِدَلِيلِ التَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ: يُسْتَغْنَى) أَيْ الْمُقَيَّدُ بِمُتَنَافِيَيْنِ الَّذِي أُطْلِقَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَوْ يُقَالُ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُقَيَّدِ بِدُونِ قَيْدِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَبَعْضُهُمْ ضَبَطَ يُسْتَغْنَى بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْلَى) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُطْلَقُ أَوْلَى بِالتَّقْيِيدِ بِأَحَدِهِمَا مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْآخَرِ فَقَوْلُهُ: مِنْ الْآخَرِ أَيْ مِنْهُ بِالْآخِرِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ أَوْلَى بِالتَّقْيِيدِ) مِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [المائدة: ٨٩] وَفِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [المجادلة: ٤] وَفِي صَوْمِ التَّمَتُّعِ {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] فَحَمْلُ الْمُطْلَقِ فِيهِ عَلَى كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فِي التَّتَابُعِ أَوْلَى عَلَى قَوْلٍ قَدِيمٍ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى صَوْمِ التَّمَتُّعِ فِي التَّفْرِيقِ لِاتِّحَادِهِمَا فِي الْجَامِعِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ النَّهْيُ عَنْ الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ اهـ. ز.

(قَوْلُهُ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُقَيَّدِهِ) أَيْ بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَبَيْنَ الْمُقَيَّدِ بِأَحَدِ الْقَيْدَيْنِ فَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَضَمِيرُهُ لِأَحَدِ الْقَيْدَيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ لَفْظِيٌّ) أَيْ فَإِنْ قُلْنَا: الْحَمْلُ لَفْظِيٌّ فَلَا تَقْيِيدَ وَإِنْ وُجِدَ الْجَامِعُ؛ لِأَنَّ فِي الْحَمْلِ عَلَى أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ تَرْجِيحًا بِلَا مُرَجِّحٍ لِتَعَارُضِهِمَا بِخِلَافِهِ عَلَى أَنَّهُ قِيَاسٌ فَإِنَّ الْجَامِعَ مُرَجِّحٌ.

[الظَّاهِرُ وَالْمُؤَوَّلُ]

(قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ وَالْمُؤَوَّلُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُؤَوَّلُ إلَى الظُّهُورِ عِنْدَ قِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: دَلَالَةً ظَنِّيَّةً) وَلَا فَرْقَ فِي تِلْكَ الدَّلَالَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ لُغَوِيَّةً أَوْ عُرْفِيَّةً أَوْ شَرْعِيَّةً وَقَدْ مَثَّلَ لِلْأَوَّلَيْنِ، وَمِثَالُ الثَّالِثِ الصَّلَاةُ فَإِنَّهَا رَاجِحَةٌ فِي ذَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَرْجُوحَةٌ فِي الدُّعَاءِ (قَوْلُهُ: رَاجِحٌ فِي الْحَيَوَانِ إلَخْ) وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُوبَ الْحَمْلِ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ؛ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْ الظَّاهِرِ لِغَيْرِ دَلِيلٍ عَبَثٌ فَالْحَمْلُ عَلَيْهِ مُتَعَيِّنٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>