(خَاصٌّ وَعَامٌّ) لِعُمُومِ الْمُطْلَقِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَنَافِي الْمَفْهُومِ يُلْغِي الْقَيْدَ وَيُجْرِي الْمُطْلَقَ عَلَى إطْلَاقِهِ.
(وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَمْرًا، وَالْآخَرُ نَهْيًا) نَحْوُ أَعْتِقْ رَقَبَةً، لَا تُعْتِقْ رَقَبَةً كَافِرَةً، أَعْتِقْ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، لَا تُعْتِقْ رَقَبَةً (فَالْمُطْلَقُ مُقَيَّدٌ بِضِدِّ الصِّفَةِ) فِي الْمُقَيَّدِ لِيَجْتَمِعَا فَالْمُطْلَقُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ مُقَيَّدٌ بِالْإِيمَانِ، وَفِي الثَّانِي مُقَيَّدٌ بِالْكُفْرِ (وَإِنْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ) مَعَ اتِّحَادِ الْحُكْمِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] وَفِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] (فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُحْمَلُ) الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ فَيَبْقَى الْمُطْلَقُ عَلَى إطْلَاقِهِ (وَقِيلَ: يُحْمَلُ) عَلَيْهِ (لَفْظًا) أَيْ بِمُجَرَّدِ وُرُودِ اللَّفْظِ الْمُقَيَّدِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى جَامِعٍ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُحْمَلُ عَلَيْهِ (قِيَاسًا) فَلَا بُدَّ مِنْ جَامِعٍ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ حُرْمَةُ سَبَبِهِمَا أَيْ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ (وَإِنْ اتَّحَدَ الْمُوجِبُ) فِيهِمَا (وَاخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا) كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى فِي التَّيَمُّمِ {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: ٤٣] وَفِي الْوُضُوءِ فَاغْسِلُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ، وَالْمُوجِبُ لَهُمَا الْحَدَثُ، وَاخْتِلَافُ الْحُكْمِ مِنْ مَسْحِ الْمُطْلَقِ وَغَسْلِ الْمُقَيَّدِ الْمَرَافِقِ وَاضِحٌ (فَعَلَى الْخِلَافِ) مِنْ أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَيْهِ لَفْظًا أَوْ قِيَاسًا، وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ اشْتِرَاكُهُمَا
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: خَاصٌّ وَعَامٌّ) أَيْ وَلَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ، وَإِنْ عَبَّرَ بِهِمَا فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الِاصْطِلَاحِ مَجَازٌ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِ الْعَامِّ لَا يُخَصِّصُهُ؛ إذْ كَانَ مَفْهُومَ لَقَبٍ، وَهُوَ هُنَا مَفْهُومُ صِفَةٍ كَمَا يَشْهَدُ بِهِ التَّمْثِيلُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هَاهُنَا تَتْمِيمًا لِلْأَقْسَامِ (قَوْلُهُ: عَلَى إطْلَاقِهِ) إلَّا أَنَّهُ يَطْرُقُهُ هُنَا مَا سَبَقَ مَا أَنَّ ذِكْرَ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ هَلْ يُخَصِّصُ أَوَّلًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِي بِالْكُفْرِ) ؛ لِأَنَّهُ ضِدُّ الْإِيمَانِ، قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَالْحَمْلُ فِي ذَلِكَ ضَرُورِيٌّ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: إنَّهُ وَاضِحٌ، وَتَسْمِيَتُهُمَا بِذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِمَا عَامًّا وَخَاصًّا مَجَازٌ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ: اتَّحَدَ مُوجِبُهُمَا، وَلَوْ قَالَ: وَإِنْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ أَوْ الْحُكْمُ لَكَانَ أَخْصَرَ وَعَبَّرَ هَاهُنَا بِالسَّبَبِ، وَفِيمَا تَقَدَّمَ بِالْمُوجِبِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْمُوجِبَ هُوَ السَّبَبُ (قَوْلُهُ: مَعَ اتِّحَادِ الْحُكْمِ) ، وَهُوَ وُجُوبُ الْإِعْتَاقِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ) وَمَا إذَا اتَّحَدَ السَّبَبُ وَالْحُكْمُ وَكَانَا مُثْبَتَيْنِ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو زَيْدٍ فِي الْأَسْرَارِ وَأَبُو الْمَنْصُورِ الْمَاتُرِيدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ: لَفْظًا) أَيْ يَدُلُّ بِلَفْظِهِ عَلَى تَقْيِيدِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ؛ وَلِهَذَا لَمَّا قُيِّدَتْ الشَّهَادَةُ بِالْعَدَالَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأُطْلِقَتْ فِي سَائِرِ الصُّوَرِ حَمَلْنَا الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) وَالْحَنَفِيَّةُ يَمْنَعُونَ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ الْقِيَاسِ، وَهُوَ عَدَمُ مُعَارَضَةِ مُقْتَضَى نَصٍّ فِي الْمُقْتَبَسِ فَإِنَّ الْمُطْلَقَ نَصٌّ دَالٌّ عَلَى إجْزَاءِ الْمُقَيَّدِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَثْبُتَ بِالْقِيَاسِ عَدَمُ إجْزَاءِ غَيْرِ الْمُقَيَّدِ لِانْتِفَاءِ صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ: قِيَاسًا) وَمِثْلُ الْقِيَاسِ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَالْمُطْلَقُ بَاقٍ عَلَى إطْلَاقِهِ وَالْمُقَيَّدُ عَلَى تَقْيِيدِهِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ (قَوْلُهُ: حُرْمَةُ سَبَبِهِمَا) أَيْ فِي ذَاتِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ آيَةَ الْقَتْلِ وَرَدَتْ فِي الْخَطَأِ وَلَا حُرْمَةَ عَلَى الْمُخْطِئِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّحَدَ الْمُوجِبُ إلَخْ) وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَ فِي الْحُكْمِ وَالْمُوجِبِ فَهُمَا أَمْرَانِ مُتَبَايِنَانِ لَا عَلَاقَةَ لِأَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ بَلْ مُتَعَارِضَانِ (قَوْلُهُ: وَاخْتِلَافُ الْحُكْمِ) قَدْ يُقَالُ: الْحُكْمُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْوُجُوبُ أَيْ وُجُوبُ الْغُسْلِ، وَوُجُوبُ الْمَسْحِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مُخْتَلِفًا جُعِلَ الْحُكْمُ كَأَنَّهُ مُخْتَلِفٌ (قَوْلُهُ: مِنْ مَسْحِ الْمُطْلَقِ إلَخْ) أَيْ الْعُضْوِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ الْأَيْدِي أَيْ الْمُطْلَقِ بِالنَّظَرِ إلَى أَجْزَائِهِمَا فَإِنَّ الْأَيْدِيَ تَصْدُقُ بِالْمُقَيَّدِ بِالْمَرَافِقِ كَغَيْرِهِمَا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ عَامٌّ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ جَمْعًا مُضَافًا إلَى مَعْرِفَةٍ
(قَوْلُهُ: فَعَلَى الْخِلَافِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute