(أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ دَلِيلُهَا حُكْمَ الْفَرْعِ) (بِعُمُومِهِ أَوْ خُصُوصِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ) لِلِاسْتِغْنَاءِ حِينَئِذٍ عَنْ الْقِيَاسِ بِذَلِكَ الدَّلِيلِ مِثَالُهُ فِي الْعُمُومِ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى عِلِّيَّةِ الطَّعَامِ فَلَا حَاجَةَ فِي إثْبَاتِ رِبَوِيَّةِ التُّفَّاحِ مَثَلًا إلَى قِيَاسِهِ عَلَى الْبُرِّ بِجَامِعِ الطَّعْمِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِعُمُومِ الْحَدِيثِ، وَمِثَالُهُ فِي الْخُصُوصِ حَدِيثُ «مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ فَلْيَتَوَضَّأْ» فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى عِلِّيَّةِ الْخَارِجِ النَّجِسِ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ فَلَا حَاجَةَ لِلْحَنَفِيِّ إلَى قِيَاسِ الْقَيْءِ أَوْ الرُّعَافِ عَلَى الْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلَيْنِ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِجَامِعِ الْخَارِجِ النَّجِسِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِخُصُوصِ الْحَدِيثِ، وَالْمُخَالِفُ يَقُولُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ الْقِيَاسِ بِالنَّصِّ لَا يُوجِبُ إلْغَاءَهُ لِجَوَازِ دَلِيلَيْنِ عَلَى مَدْلُولٍ وَاحِدٍ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
(وَالصَّحِيحُ) أَنَّهُ (لَا يُشْتَرَطُ) فِي الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ (الْقَطْعُ بِحُكْمِ الْأَصْلِ) بِأَنْ يَكُونَ دَلِيلُهُ قَطْعِيًّا مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ مُتَوَاتِرَةٍ (وَلَا انْتِفَاءُ مُخَالَفَةِ مَذْهَبِ الصَّحَابِيِّ) أَيْ مُخَالَفَتُهَا لَهُ (وَلَا الْقَطْعُ بِوُجُودِهَا فِي الْفَرْعِ) بَلْ يَكْفِي الظَّنُّ بِذَلِكَ وَبِحُكْمِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ غَايَةُ الِاجْتِهَادِ فِيمَا يُقْصَدُ بِهِ الْعَمَلُ وَالْمُخَالِفُ كَأَنَّهُ يَقُولُ الظَّنُّ يَضْعُفُ بِكَثْرَةِ الْمُقَدِّمَاتِ فَرُبَّمَا يَضْمَحِلُّ فَلَا يَكْفِي.
وَأَمَّا مَذْهَبُ الصَّحَابِيِّ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ حُجِّيَّتِهِ فَمَذْهَبُهُ الَّذِي خَالَفَتْهُ الْعِلَّةُ الْمُسْتَنْبَطَةُ مِنْ النَّصِّ فِي الْأَصْلِ بِأَنْ عَلَّلَ هُوَ بِغَيْرِهَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنِدَ فِيهِ إلَى دَلِيلٍ آخَرَ وَالْخَصْمُ يَقُولُ الظَّاهِرُ اسْتِنَادُهُ إلَى النَّصِّ الْمَذْكُورِ.
(أَمَّا انْتِفَاءُ الْمُعَارِضِ) لِلْعِلَّةِ
ــ
[حاشية العطار]
النَّقْلُ عَنْ الْإِمَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ إلَخْ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا فَإِنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِي شُرُوطِ الْأَصْلِ وَأَنْ لَا يَكُونَ دَلِيلُ حُكْمِهِ شَامِلًا لِحُكْمِ الْفَرْعِ وَبِقَوْلِهِ فِي شُرُوطِ الْفَرْعِ وَلَا يَكُونُ الْفَرْعُ مَنْصُوصًا بِمُوَافِقٍ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمَوَاضِعَ الثَّلَاثَةَ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذَا الِاشْتِرَاطَ يَصِحُّ اعْتِبَارُهُ فِي جَانِبِ كُلٍّ مِنْ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَالْعِلَّةِ، وَعَلَّلْتُهُ بَيَانُ قُوَّةِ خَلَلِ الْقِيَاسِ حِينَئِذٍ حَيْثُ عَمَّ الْخَلَلُ أَرْكَانَهُ الثَّلَاثَةَ فَإِنَّهُ أَبْلَغُ مِمَّا تَعَلَّقَ بِوَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى عِلِّيَّةِ الطُّعْمِ) أَيْ وَعَلَى رِبَوِيَّةِ التُّفَّاحِ بِالْعُمُومِ فَلَا حَاجَةَ لِمَا قِيلَ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ عَلَى رِبَوِيَّةِ التُّفَّاحِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي تَنَاوُلِ دَلِيلِهَا حُكْمَ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ: فَلَا حَاجَةَ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ مِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ فِي الْفَرْعِ نَصَّ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْبُرِّ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْمَطْعُومَاتِ غَيْرُ صَحِيحٍ نَظَرًا إلَى هَذَا الشَّرْطِ.
وَأَجَابَ سم بِأَنَّهُ عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى خِلَافِ هَذَا الشَّرْطِ وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ رَجَّحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ الْمَذْكُورُ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ فَهُوَ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: مَنْ قَاءَ) مِنْ بَابِ بَاعَ وَرَعَفَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَضَمُّهَا لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ (قَوْلُهُ: بِخُصُوصِ الْحَدِيثِ) أَيْ بِالْحَدِيثِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِمَا بِخُصُوصِهِمَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى عُذْرِ الشَّافِعِيَّةِ فِي مُخَالَفَتِهِمْ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَقُولُوا بِمُقْتَضَاهُ مِنْ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِالْقَيْءِ وَالرُّعَافِ
[لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ الْقَطْعُ بِحُكْمِ الْأَصْلِ]
(قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) ذِكْرُهُ لَهُ فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ صَحِيحٌ وَمُنَاسِبٌ فِي الْجُمْلَةِ لِبَعْضِ مَا عَطَفَ عَلَيْهِ لَكِنَّ الْأَنْسَبَ ذِكْرُهُ فِي شُرُوطِ حُكْمِ الْأَصْلِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ مُتَوَاتِرَةٍ) أَيْ أَوْ إجْمَاعٍ قَطْعِيٍّ ثُمَّ إنَّ كَوْنَ الدَّلِيلِ قَطْعِيُّ الْمَتْنِ لَا يَتَسَبَّبُ عَنْهُ الْقَطْعِيُّ بِمَدْلُولِهِ؛ لِأَنَّ قَطْعِيَّ الْمَتْنِ قَدْ يَكُونُ ظَنِّيَّ الدَّلَالَةِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِيِّ مَا كَانَ قَطْعِيَّ الْمَتْنِ وَالدَّلَالَةِ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِوُجُودِهَا فِي الْفَرْعِ وَالْمَقَامُ لِلضَّمِيرِ مَعَ أَنَّ فِي إتْيَانِهِ بِمَا يُشَارُ بِهِ لِلْبَعِيدِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: فِيمَا يُقْصَدُ بِهِ الْعَمَلُ) وَهُوَ الْفُرُوعُ الْعَمَلِيَّةُ (قَوْلُهُ: بِكَثْرَةِ الْمُقَدِّمَاتِ) أَيْ الْمُعَارِضَةِ لَهُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْمُقَدِّمَاتِ الْوَسَائِلُ وَالْمَعُونَاتُ فَإِنَّ مَا كَثُرَتْ وَسَائِلُهُ أَضْعَفُ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَرُبَّمَا يَضْمَحِلُّ فَلَا يَكْفِي إلَخْ) أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ ظَاهِرَهُ مِنْ احْتِمَالِ حُصُولِ الِاضْمِحْلَالِ دُونَ لُزُومِهِ فَلَا يَنْهَضُ الِاسْتِدْلَال وَإِنْ أُرِيدَ لُزُومُهُ فَمَعَ كَوْنِهِ خِلَافَ الظَّاهِرِ