(تَرْجِعُ) ثَلَاثَتُهَا (إلَى ضَرْبِ شَبَهٍ إذْ تَحَصَّلَ الظَّنُّ فِي الْجُمْلَةِ) لَا مُطْلَقًا (وَلَا تُعَيَّنُ جِهَةُ الْمَصْلَحَةِ) الْمَقْصُودَةِ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُدْرَكُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا بِخِلَافِ الْمُنَاسَبَةِ.
(خَاتِمَةٌ فِي نَفْيِ مَسْلَكَيْنِ ضَعِيفَيْنِ لَيْسَ تَأَتِّي الْقِيَاسِ بِعِلِّيَّةِ وَصْفٍ، وَلَا الْعَجْزِ عَنْ إفْسَادِهِ دَلِيلُ عِلِّيَّتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا) ، وَقِيلَ نَعَمْ فِيهِمَا أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّ الْقِيَاسَ مَأْمُورٌ بِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَبِرُوا} [الحشر: ٢] عَلَى تَقْدِيرِ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ يَخْرُجُ بِقِيَاسِهِ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمْرِ فَيَكُونُ الْوَصْفُ عِلَّةً.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا تَتَعَيَّنُ عِلِّيَّتُهُ أَنْ لَوْ لَمْ يُخْرَجْ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمْرِ إلَّا بِقِيَاسِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأَمَّا الثَّانِي فَكَمَا فِي الْمُعْجِزَةِ فَإِنَّهَا إنَّمَا دَلَّتْ عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ لِلْعَجْزِ عَنْ مُعَارَضَتِهَا، وَأُجِيبَ بِالْفَرْقِ فَإِنَّ الْعَجْزَ هُنَاكَ مِنْ الْخَلْقِ، وَهُنَا مِنْ الْخَصْمِ.
(الْقَوَادِحُ) أَيْ هَذَا مَبْحَثُهَا وَهِيَ مَا يَقْدَحُ
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: تَرْجِعُ ثَلَاثَتُهَا إلَخْ) أَيْ أَنَّهَا تُفِيدُ شَبَهًا لِلْعِلَّةِ لَا عِلَّةً حَقِيقِيَّةً لِمَا ذَكَرَهُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْمَسَالِكِ الْمُرَادَةِ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الْمُنَاسَبَةِ وَقَوْلُهُ يَحْصُلُ الظَّنُّ أَيْ لِلْعِلِّيَّةِ. اهـ. شَيْخُ الْإِسْلَامِ.
ثُمَّ إنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّبَهَ مَنْزِلَةٌ بَيْنَ الْمُنَاسَبَةِ وَالطَّرْدِ فَكَيْفَ يَرْجِعُ الطَّرْدُ إلَى الشَّبَهِ الَّذِي هُوَ مَنْزِلَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنَاسِبِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذِهِ إذَا اجْتَمَعَتْ تَرْجِعُ إلَى نَوْعِ شَبَهٍ وَلَعَلَّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ ثَلَاثَتُهَا إشَارَةٍ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَتْنِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ دُونَ سَائِرِ الصُّوَرِ وَقَوْلُهُ لَا مُطْلَقًا أَيْ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ (قَوْلُهُ: جِهَةُ الْمَصْلَحَةِ) وَهِيَ الْحِكْمَةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُنَاسَبَةِ) أَيْ فَإِنَّهَا تُحَصِّلُ الظَّنَّ وَتُعَيِّنُ جِهَةَ الْمَصْلَحَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُنَاسَبَةَ أُخْتَ الْإِخَالَةِ حَتَّى يُعْتَرَضَ بِأَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْمَسَالِكِ.
[خَاتِمَةٌ فِي نَفْيِ مَسْلَكَيْنِ ضَعِيفَيْنِ]
(قَوْلُهُ: خَاتِمَةٌ) اسْمُ الْفَاعِلِ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ أَيْ مَخْتُومٌ بِهَا فَهِيَ مَجَازٌ فِي الْمُفْرَدِ أَوْ أَنَّ الْمَجَازَ فِي الْإِسْنَادِ فَمَعْنَى كَوْنِهَا خَاتِمَةً أَنَّ صَاحِبَ الْكِتَابِ خَتَمَهُ بِهَا (قَوْلُهُ: لَيْسَ تَأَتِّي الْقِيَاسِ إلَخْ) كَأَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ الْوَصْفُ الْمَذْكُورُ عِلَّةَ الْحُكْمِ أَمْكَنَ الْقِيَاسُ عَلَى مَحَلِّ نَصِّهِ (قَوْلُهُ: عَنْ إفْسَادِهِ) أَيْ الْوَصْفِ الْمَجْعُولِ عِلَّةً، وَلَوْ قَالَ إفْسَادُهَا أَيْ الْعِلَّةِ كَانَ أَنْسَبَ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: يَخْرُجُ بِقِيَاسِهِ) أَيْ الْقِيَاسِ الْمُسْتَنِدِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ الْوَصْفُ عِلَّةً) فِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الدَّوْرُ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْعِلَّةِ، وَقَدْ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) لِجَوَازِ أَنْ يَثْبُتَ بِقِيَاسٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: فَكَمَا فِي الْمُعْجِزَةِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْمُعْجِزَةِ فَهُوَ تَنْظِيرٌ (قَوْلُهُ:، وَهُنَا مِنْ الْخَصْمِ) وَيُمْكِنُ أَنْ يَنْتَفِيَ الْعَجْزُ عَنْ خَصْمٍ آخَرَ.
[الْقَوَادِحُ]
(قَوْلُهُ: الْقَوَادِحُ) وَهِيَ كَثِيرَةٌ وَتَقَدَّمَ بَعْضُهَا وَذَكَرَ مِنْهَا هَاهُنَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَادِحًا؛ وَلِذَا قَالَ مِنْهَا إلَخْ وَعَدَّهَا الْبَيْضَاوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ سِتَّةً قَالَ الْعَضُدُ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ اعْتِرَاضَاتٌ عَلَى الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى الْعِلِّيَّةِ وَكُلُّهَا تَرْجِعُ إلَى مَنْعٍ وَمُعَارَضَةٍ، وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُسْتَدِلِّ إثْبَاتُ مُدَّعَاهُ بِدَلِيلِهِ وَالْإِلْزَامُ وَغَرَضُ الْمُعْتَرِضِ إفْحَامُهُ بِمَنْعِهِ عَنْ الْإِثْبَاتِ فَالْمُسْتَدِلُّ هُوَ الْمُدَّعِي وَالْإِثْبَاتُ هُوَ مُدَّعَاهُ وَالشَّاهِدُ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَصَلَاحِيَّتُهُ لِلشَّهَادَةِ بِصِحَّةِ الْمُقَدِّمَاتِ، وَنَفَاذُهَا بِتَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ، وَإِلَّا يَكُونُ كَتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَالْمُعْتَرِضُ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالدَّافِعُ لِلدَّعْوَى وَالدَّفْعُ يَكُونُ بِهَدْمِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَهَدْمُ شَهَادَةِ الدَّلِيلِ بِالْقَدْحِ فِي صِحَّتِهِ بِمَنْعِ مُقَدِّمَةٍ مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ وَطَلَبُ الدَّلِيلِ عَلَيْهَا وَعَدَمُ نَفَاذِ شَهَادَتِهِ بِالْمُعَارَضَةِ بِمَا يُقَاوِمُهَا وَيَمْنَعُ ثُبُوتَ حُكْمِهَا فَمَا لَيْسَ مِنْ الْقَبِيلِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَقْصُودِ الِاعْتِرَاضِ فَلَا يُسْمَعُ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ بِالْجَوَابِ بَلْ الْجَوَابُ عَنْهُ فَاسِدٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جَوَابٌ لِمَنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُجَابَ، وَإِنْ فُرِضَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ اهـ.
وَقَدْ لَخَّصَ فِي التَّلْوِيحِ التَّفْتَازَانِيُّ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ أَنَّ النَّقْضَ وَفَسَادَ الْوَضْعِ مِنْ قَبِيلِ الْمَنْعِ وَالْقَلْبِ وَالْعَكْسِ، وَالْقَوْلَ بِالْمُوجَبِ مِنْ قَبِيلِ الْمُعَارَضَةِ وَعِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ الْمُنَاقَضَةُ عِبَارَةٌ عَنْ مَنْعِ مُقَدِّمَةِ الدَّلِيلِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ السَّنَدِ أَوْ بِدُونِهِ وَعِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ عِبَارَةٌ عَنْ النَّقْضِ وَمَرْجِعُهَا إلَى الْمُمَانَعَةِ؛ لِأَنَّهَا امْتِنَاعٌ عَنْ تَسْلِيمِ بَعْضِ الْمُقَدِّمَاتِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، وَتَخَلُّفُ الْحُكْمِ بِمَنْزِلَةِ السَّنَدِ لَهُ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ