للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الدَّلِيلِ مِنْ حَيْثُ الْعِلَّةُ أَوْ غَيْرُهَا (مِنْهَا تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْ الْعِلَّةِ) بِأَنْ وُجِدَتْ فِي صُورَةٍ مَثَلًا بِدُونِ الْحُكْمِ

ــ

[حاشية العطار]

الْمُعَارَضَةُ مِنْ أَقْسَامِ الِاعْتِرَاضِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ الْخَصْمِ قَدْ ثَبَتَ بِتَمَامِ دَلِيلِهِ، قُلْنَا: هِيَ فِي الْمَعْنَى نَفْيٌ لِتَمَامِ الدَّلِيلِ وَنَفَاذِ شَهَادَتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ حَيْثُ قُوبِلَ بِمَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ مَدْلُولِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الدَّلِيلِ) الْمُرَادُ بِهِ الْقِيَاسُ وَبِالْغَيْرِ أَرْكَانُهُ كَالْفَرْعِ، وَالْأَصْلِ مَثَلًا وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأَوْضَحُ عِلَّةً كَانَ الدَّلِيلَ أَوْ غَيْرَهَا اهـ.

وَفِيهِ أَنَّ الدَّلِيلَ الَّذِي هُوَ الْقِيَاسُ لَا يَكُونُ عِلَّةً (قَوْلُهُ: مِنْهَا تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْ الْعِلَّةِ) مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ الشَّافِعِيُّ مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ النِّيَّةَ فِي صَوْمٍ وَاجِبٍ يَعْرَى أَوَّلُ صَوْمِهِ عَنْ النِّيَّةِ فَلَا يَصِحُّ فَيَنْقُضُهُ الْحَنَفِيُّ بِصَوْمِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِلَا تَبْيِيتٍ فَقَدْ وُجِدَتْ الْعِلَّةُ وَهِيَ الْعُرْيُ عَنْ النِّيَّةِ بِدُونِ الْحُكْمِ، وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ ثُمَّ إنَّ إطْلَاقَهُ التَّخَلُّفَ يَصْدُقُ بِوُجُودِ مَانِعٍ وَفَقْدِ شَرْطٍ وَغَيْرِهِمَا وَإِطْلَاقُهُ الْعِلَّةَ يَصْدُقُ بِالْمَنْصُوصَةِ قَطْعًا وَالْمَنْصُوصَةِ ظَنًّا وَالْمُسْتَنْبَطَةِ وَالْحَاصِلُ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةُ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّهَا الْخَارِجَةُ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ لَكِنَّ النَّقْضَ إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا أَمْكَنَ فِيهِ مِنْهَا قَالَ النَّاصِرُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ فِي الْمَنْصُوصَةِ إذْ الْقَدْحُ فِيهَا بِذَلِكَ رَدٌّ لِلنَّصِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّخَلُّفُ فِي صُورَةِ نَاسِخٍ لِلْعِلِّيَّةِ، وَفِيهِ إشْكَالٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْقَدْحَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ الْأَقْوَالِ الَّتِي فِي الْعِلَّةِ، وَفِي ذَلِكَ تَخْطِئَةُ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ أَحَدُهَا إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ إحْدَاثِ قَوْلٍ ثَالِثٍ إذَا أُجْمِعَ عَلَى قَوْلَيْنِ مَثَلًا اهـ.

أَقُولُ الْإِشْكَالُ الْأَوَّلُ مَنْصُوصٌ فِي التَّلْوِيحِ وَعِبَارَتُهُ هَكَذَا: ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ النَّقْضَ غَيْرُ مَسْمُوعٍ عَلَى الْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ؛ لِأَنَّ التَّأْثِيرَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ، وَلَا يُتَصَوَّرُ الْمُنَاقَضَةُ فِيهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ ثُبُوتَ التَّأْثِيرِ قَدْ يَكُونُ ظَنًّا فَيَصِحُّ الِاعْتِرَاضُ بِالنَّقْضِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ وَقَالَ سم إنَّ الْعِلَّةَ، وَإِنْ كَانَ نَصُّهَا قَطْعِيَّ الْمَتْنِ وَالدَّلَالَةِ فَإِنَّ النَّصَّ الْمَذْكُورَ، وَإِنْ أَفَادَ الْقَطْعَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ كَذَا لَكِنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْقَطْعَ بِأَنَّ كَذَا بِمُجَرَّدِهِ، أَوْ مُطْلَقًا هُوَ الْعِلَّةُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ كَانْتِفَاءِ مَانِعٍ، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ النَّصَّ أَفَادَ الْقَطْعَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ مُجَرَّدُ كَذَا وَأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ كَأَنْ قَالَ: الْعِلَّةُ كَذَا بِمُجَرَّدِهِ، وَلَا مَانِعَ لَهُ، وَلَا شَرْطَ لَمْ يُتَصَوَّرْ تَخَلُّفٌ حِينَئِذٍ حَتَّى يُتَصَوَّرَ اخْتِلَافٌ فِي الْقَدْحِ بِهِ.

قَالَ، وَأَمَّا الْإِشْكَالُ الثَّانِي فَجَوَابُهُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ فِي ذَلِكَ تَخْطِئَةَ الْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّخَلُّفِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ يَسْتَبِينُ أَنَّهُ اُعْتُبِرَ عَلَى كُلٍّ مَعَ مَا ذُكِرَ فِيهِ أَمْرٌ آخَرُ شَرْطًا أَوْ شَطْرًا؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْإِجْمَاعِ إذَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ أَحَدُهَا وَسَلَّمُوا تَخَلُّفَ الْحُكْمِ فِي الْمَادَّةِ الْمَخْصُوصَةِ فَقَدْ يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَعْتَبِرُوا مَعَ كَوْنِ الْعِلَّةِ أَحَدَهَا شَيْئًا آخَرَ لَا تَصْدُقُ الْعِلَّةُ مَعَهُ عَلَى الْمَادَّةِ الْمَخْصُوصَةِ فَتَكُونُ الْعِلَّةُ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ هِيَ ذَلِكَ الْمَجْمُوعُ أَوْ ذَلِكَ الْوَصْفُ بِشَرْطِ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْآخَرِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِمَا ذُكِرَ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ لَا أَنَّهُ بِمُجَرَّدِهِ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فَيَكُونُ الْمَوْجُودُ مِنْ الْإِجْمَاعِ هُوَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ لَا تَخْرُجُ عَنْ تِلْكَ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِي تِلْكَ الْأَقْوَالِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَيَكُونُ مَعْنَى الْقَدْحِ بِالتَّخَلُّفِ هُوَ أَنَّ الْوَصْفَ الْمَذْكُورَ

<<  <  ج: ص:  >  >>