للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِذَلِكَ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَهُ تَصْرِيحًا بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا.

(وَالْفِقْهُ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ)

ــ

[حاشية العطار]

لِأَنَّ مَفْهُومَهُمَا مُخْتَلِفٌ أَيْ وَالْمَطْلُوبُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ التَّعْرِيفُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ لَا يُمْكِنُ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَفْهُومِ بِغَيْرِ الْإِجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِعِلْمِهِ مِنْ تَعْرِيفِ الْفِقْهِ (قَوْلُهُ: أَيْ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ فِيمَا نَقَلَ عَنْهُ الشَّارِحُ تَمَامَ التَّعْرِيفِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ) كَالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَأَبِي حَفْصٍ الزَّنْجَانِيِّ وَمُرَادُ الشَّارِحِ بِذَلِكَ النَّقْضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِهَذَا الْإِيجَابِ الْجُزْئِيِّ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ السَّلْبِ الْكُلِّيِّ فِي قَوْلِهِ وَمَا قَالُوا الْفِقْهُ إلَخْ إذْ مَعْنَاهُ مَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ.

(قَوْلُهُ: تَصْرِيحًا بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ مَا الْفَائِدَةُ فِي تَصْرِيحِ بَعْضِهِمْ بِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ مِنْ تَعْرِيفِ الْفِقْهِ.

[تَعْرِيفِ الْفِقْه]

(قَوْلُهُ: وَالْفِقْهُ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ النَّاصِرُ بِأَنَّهُ لَا دَاعِيَ لِتَعْرِيفِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَرَّفَ الْفِقْهَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى الْعِلْمِيِّ لِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى التَّرْكِيبِيِّ الْإِضَافِيِّ وَالْفِقْهُ الْوَاقِعُ جُزْءٌ مِنْ الْمَعْنَى الْعِلْمِيِّ لَا مَعْنَى لَهُ كَالزَّايِ مِنْ زَيْدٍ حَتَّى يُعَرِّفَهُ وَلِهَذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِتَعْرِيفِ جُزْئِهِ الْأَوَّلِ أَعْنِي أُصُولَهُ.

وَأَمَّا ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ فَإِنَّمَا عَرَّفُوهُ؛ لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا مَعْنَى أُصُولِ الْفِقْهِ مُرَكَّبًا إضَافِيًّا لِتَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ الْمُرَكَّبِ عَلَى مَعْرِفَةِ أَجْزَائِهِ فَتَعَرَّضُوا لِتَعْرِيفِ طَرَفَيْهِ، ثُمَّ عَرَّفُوهُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى اللَّقَبِيِّ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَيْنَ الْأُصُولِ وَالْفِقْهِ غَايَةُ الْمُنَاسَبَةِ وَالِارْتِبَاطِ نَاسَبَ تَعْرِيفَهُ عَقِبَ تَعْرِيفِهِ لِالْتِفَاتِ النَّفْسِ إلَى بَيَانِهِ عِنْدَ التَّعَرُّضِ لِبَيَانِ الْأُصُولِ وَكَفَى بِهِ دَاعِيًا وَأَبْلَغُ مِنْهُ أَنَّ لَفْظَ أُصُولِ الْفِقْهِ لَمَّا كَانَ لَقَبًا مُشْعِرًا بِمَدْحِ هَذَا الْفَنِّ بِابْتِنَاءِ الْفِقْهِ عَلَيْهِ، وَلَا شُبْهَةَ فِي تَوَقُّفِ الْمَدْحِ بِذَلِكَ عَلَى مَعْرِفَةِ أَنَّ الْفِقْهَ ذُو خَطَرٍ وَقَدْرٍ وَإِلَّا فَلَا مَدْحَ بِذَلِكَ الِابْتِنَاءِ وَلَا يُنَافِي هَذَا كَوْنَ الْمُضَافِ إلَيْهِ بِمَعْنَى الْأَحْكَامِ دُونَ مَعْرِفَتِهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يَنْبَنِي عَلَى الدَّلِيلِ اهـ.

قِيلَ مَبْنَى السُّؤَالِ عَلَى أَنَّ تَعْرِيفَ الْمُصَنِّفَ الْفِقْهَ لِوُقُوعِهِ جُزْءًا فِي قَوْلِنَا أُصُولُ الْفِقْهِ وَلَك أَنْ تَقُولَ تَعْرِيفُ الْفِقْهِ لِوُقُوعِهِ جُزْءًا مِنْ تَعْرِيفِ أُصُولِ الْفِقْهِ بِقَوْلِنَا دَلَائِلُ الْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةُ وَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ السُّؤَالُ مِنْ أَصْلِهِ اهـ.

وَأَقُولُ تَعْرِيفُ الْفِقْهِ بِمَا ذُكِرَ شَهِيرٌ لَا يَحْتَاجُ لِبَيَانِهِ بِاعْتِبَارِ جَعْلِهِ جُزْءًا مِنْ الْمُعَرَّفِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ بِذِكْرِهِ بَيَانُ جِهَةِ شَرَفِ فَنِّ الْأُصُولِ وَإِظْهَارُهَا قَالَ الْمُجِيبُ وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ جَعْلِهِ جُزْءًا مِنْ الْمُعَرَّفِ أَنْ لَا يَحْتَاجَ لِبَيَانٍ وَإِلَّا نَافَى ذِكْرَهُ فِي التَّعْرِيفِ كَيْفَ وَقَدْ قَالُوا مُعَرَّفُ الشَّيْءِ مَا يَلْزَمُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ مَعْرِفَتُهُ فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ أَجْزَاءُ التَّعْرِيفِ مَعْلُومَةً عِنْدَ السَّامِعِ قَبْلَ الْمُعَرِّفِ فَتُذْكَرُ لَهُ مَحْمُولَةً عَلَيْهِ لِتَنْكَشِفَ لَهُ الْحَقِيقَةُ الْمَجْهُولَةُ عِنْدَهُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ إلَخْ) تَعْرِيفٌ لِعِلْمِ الْفِقْهِ بِاعْتِبَارِ التَّصْدِيقَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَسَائِلِ كَمَا هُوَ أَحَدُ إطْلَاقِ مَعْنَى الْعِلْمِ، ثُمَّ إنَّ الْحُكْمَ يُطْلَقُ عَلَى خِطَابِ اللَّهِ إلَخْ وَهَذَا اصْطِلَاحُ الْأُصُولِيِّينَ وَعَلَى النِّسْبَةِ التَّامَّةِ الَّتِي بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ إيجَابِيَّةً كَانَتْ أَوْ سَلْبِيَّةً وَعَلَى إذْعَانِ تِلْكَ النِّسْبَةِ الَّذِي هُوَ التَّصْدِيقُ وَهَذَا مُصْطَلَحُ الْمَنَاطِقَةِ وَعَلَى الْمَحْكُومِ بِهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمْ إذَا عَبَّرُوا عَنْ الْحُكْمِ الْخَبَرِيِّ بِالنِّسْبَةِ التَّقْيِيدِيَّةِ أَضَافُوا الْمَحْكُومَ بِهِ إلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ كَمَا قَالُوا مَعْنَى قَوْلِنَا زَيْدٌ أَبُوهُ قَائِمٌ زَيْدٌ قَائِمُ الْأَبِ حَيْثُ فُسِّرَ الْعِلْمُ هُنَا بِالتَّصْدِيقِ الَّذِي مَوْرِدُهُ النِّسْبَةُ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ تَعَيَّنَ أَنْ يُرَادَ بِالْحُكْمِ هُنَا بِالنِّسْبَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَيْ بِجَمِيعِ النِّسَبِ التَّامَّةِ اهـ.

قَالَ عَبْدُ الْحَكِيمِ فِي حَوَاشِي الْخَيَالِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ حُقِّقَ أَنَّ النِّسْبَةَ الْوَاقِعَةَ بَيْنَ زَيْدٍ وَقَائِمٍ مَثَلًا هُوَ الْوُقُوعُ بِعَيْنِهِ وَاللَّاوُقُوعُ كَذَلِكَ وَلَيْسَ هُنَا نِسْبَةٌ أُخْرَى هِيَ مَوْرِدُ الْإِيجَابِ وَالسَّلْبِ وَأَنَّهُ قَدْ تُتَصَوَّرُ تِلْكَ النِّسْبَةُ فِي نَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ حُصُولِهَا وَلَا حُصُولِهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا تَعَلُّقٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ تَعَلُّقَ الثُّبُوتِ أَوْ الِانْتِفَاءِ وَتُسَمَّى حُكْمِيَّةً وَمَوْرِدَ الْإِيجَابِ وَالسَّلْبِ وَنِسْبَةً ثُبُوتِيَّةً أَيْضًا نِسْبَةُ الْعَامَّ إلَى الْخَاصِّ أَعْنِي الثُّبُوتَ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَصَوَّرُ أَوَّلًا فِي حُصُولِهَا وَقَدْ تُسَمَّى سَلْبِيَّةً أَيْضًا إذَا اُعْتُبِرَ انْتِفَاءُ الثُّبُوتِ.

وَقَدْ تُتَصَوَّرُ بِاعْتِبَارِ حُصُولِهَا أَوَّلًا حُصُولُهَا فِي نَفْس الْأَمْرِ فَإِنْ تَرَدَّدَ فَهُوَ الشَّكُّ وَإِنْ أَذْعَنَ لِحُصُولِهَا أَوَّلًا حُصُولُهَا فَهُوَ التَّصْدِيقُ الْمُسَمَّى بِالْحُكْمِ فَالنِّسْبَةُ الثُّبُوتِيَّةُ تَتَعَلَّقُ بِهَا عُلُومٌ ثَلَاثَةٌ:

اثْنَانِ تُصُوِّرَ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَحْتَمِلُ النَّقِيضَ، وَالثَّانِي يَحْتَمِلُهُ، وَالثَّالِثُ تَصْدِيقِيٌّ فَظَهَرَ. أَنَّ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ لَيْسَ مُغَايِرًا لِلْوُقُوعِ وَاللَّاوُقُوعِ وَأَمَّا النِّسْبَةُ التَّقْيِيدِيَّةُ الْمُغَايِرَةُ لَهَا فَمِمَّا لَا تَثْبُتُ وَإِلَّا لَزِمَ ازْدِيَادُ أَجْزَاءِ الْقَضِيَّةِ وَتَصَوُّرَاتُ التَّصْدِيقِ عَلَى أَرْبَعَةٍ اهـ.

وَمَا حَقَّقَهُ ذَلِكَ الْفَاضِلُ هُوَ مُخْتَارُ الْجَلَالِ الدَّوَانِيِّ فِي حَاشِيَةِ التَّهْذِيبِ إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَ الْمُرَكَّبَ التَّامَّ مُشْتَمِلًا عَلَى نِسْبَةٍ تَامَّةٍ يَرْتَبِطُ بِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>