للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا لَا يُدْرَكُ مَعْنَاهُ كَوُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقِيلَ يَجُوزُ بِمَعْنَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَحْكَامِ صَالِحٌ لَأَنْ يَثْبُتَ بِالْقِيَاسِ بِأَنْ يُدْرَكَ مَعْنَاهُ. وُجُوبُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَهُ مَعْنًى يُدْرَكُ وَهُوَ إعَانَةُ الْجَانِي فِيمَا هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ كَمَا يُعَانُ الْغَارِمُ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ بِمَا يُصْرَفُ إلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ.

(وَإِلَّا الْقِيَاسَ عَلَى مَنْسُوخٍ) فَلَا يَجُوزُ لِانْتِفَاءِ اعْتِبَارِ الْجَامِعِ بِالنَّسْخِ وَقِيلَ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ مُظْهِرٌ لِحُكْمِ الْفَرْعِ الْكَمِينِ وَنَسْخُ الْأَصْلِ لَيْسَ نَسْخًا لِلْفَرْعِ (خِلَافًا لِلْمُعَمِّمِينَ) جَوَازَ الْقِيَاسِ فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ (وَلَيْسَ النَّصُّ عَلَى الْعِلَّةِ) لِحُكْمٍ (وَلَوْ فِي) جَانِبِ التَّرْكِ (أَمْرًا بِالْقِيَاسِ) أَيْ لَيْسَ أَمْرًا بِهِ لَا فِي جَانِبِ الْفِعْلِ نَحْوُ أَكْرِمْ زَيْدًا لِعِلْمِهِ وَلَا فِي جَانِبِ التَّرْكِ نَحْوُ الْخَمْرُ حَرَامٌ لِإِسْكَارِهَا (خِلَافًا) (لِلْبَصْرِيِّ) أَبِي الْحُسَيْنِ فِي قَوْلِهِ إنَّهُ أَمَرَ بِهِ فِي الْجَانِبَيْنِ إذْ لَا فَائِدَةَ لِذِكْرِ الْعِلَّةِ إلَّا ذَاكَ حَتَّى لَوْ لَمْ يُرَدْ التَّعَبُّدُ بِالْقِيَاسِ اُسْتُفِيدَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إلَّا ذَلِكَ بَلْ الْفَائِدَةُ بَيَانُ مُدْرَكِ الْحُكْمِ لِيَكُونَ أَوْقَعَ فِي النَّفْسِ (وَثَالِثُهَا) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ (التَّفْصِيلُ) أَيْ أَنَّهُ أُمِرَ بِهِ فِي جَانِبِ التَّرْكِ دُونَ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي التَّرْكِ الْمَفْسَدَةُ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْغَرَضُ مِنْ انْعِدَامِهَا

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ: مَا لَا يُدْرَكُ مَعْنَاهُ) أَيْ لَا يُدْرَكُ مَعْنَاهُ فِي الْفَرْعِ، وَإِنْ أُدْرِكَ فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَإِعَانَةُ الْجَانِي إلَخْ) وَخُصَّ ذَلِكَ بِالْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِمْ مُنَاصَرَةُ الْجَانِي وَالذَّبُّ عَنْهُ لِكَوْنِهِمْ عُصْبَةً فَكَانَ اعْتِبَارُهُمْ أَقْرَبَ قَالَ زَكَرِيَّا الْقَوْلُ الرَّاجِحُ أَنْ يَقُولَ هَذَا لَا يَكْفِي فِي إدْرَاكِ الْمَعْنَى فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى خُصُوصِ الْعَاقِلَةِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ اهـ.

وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مَا اجْتَرَأَ عَلَى مَا فَعَلَ إلَّا اعْتِمَادًا عَلَيْهِمْ وَأَيْضًا كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَنْصُرُونَ الْجَانِيَ وَيَذُبُّونَ عَنْهُ فَجَزَاهُمْ الشَّارِعُ بِتَحَمُّلِهِمْ

(قَوْلُهُ: فِيمَا هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ) أَيْ فِي قَتْلٍ أَيْ فِي بَدَلِهِ.

[الْقِيَاسَ عَلَى مَنْسُوخٍ]

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا الْقِيَاسَ عَلَى مَنْسُوخٍ إلَخْ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي النُّسَخِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّ نَسْخَ الْأَصْلِ لَا يَبْقَى مَعَهُ حُكْمُ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ مُفَادَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَلَا يَخْلُو كَلَامُهُ عَنْ غُمُوضٍ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَكَأَنَّهُ اتَّكَلَ عَلَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْقَوْلِ بِالْجَوَازِ وَعَدَمِهِ إلَّا الْحُجِّيَّةُ وَعَدَمُهَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَجُوزُ) فِيهِ نَظَرًا لِأَنَّ الْمَنْسُوخَ لَمْ يَبْقَ لَهُ وُجُودٌ فِي الشَّرْعِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْأَحْكَامُ لِقِيَاسٍ وَلَا غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الْكَمِينِ) أَيْ الْمُسْتَتِرِ (قَوْلُهُ: وَنَسْخُ الْأَصْلِ لَيْسَ نَسْخًا إلَخْ) لِأَنَّ الْفَرْعَ لَهُ حُكْمٌ ثَابِتٌ وَهُوَ الْكَمِينُ (قَوْلُهُ: لِلْمُعَمِّمِينَ جَوَازَ الْقِيَاسِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ خِلَافًا لِلْمُعَمِّمِينَ حُجِّيَّةَ الْقِيَاسِ فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحُجِّيَّةِ لَكِنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ كَوْنُ الْخِلَافِ فِي الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ النَّصُّ إلَخْ) مُرَادُهُ فِي هَذَا بَيَانُ دَلِيلٍ عَلَى حُجِّيَّةِ الْقِيَاسِ غَيْرُ مَرَضِيٍّ عِنْدَهُ

(قَوْلُهُ: فِي الْجَانِبَيْنِ) أَيْ جَانِبِ الْفِعْلِ وَجَانِبِ التَّرْكِ (قَوْلُهُ: إلَّا ذَلِكَ) أَيْ رَبْطَ الْحُكْمِ بِهَا وُجُودًا وَعَدَمًا (قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يَرِدْ التَّعَبُّدُ إلَخْ) الْأَمْرُ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: ٢] (قَوْلُهُ: اُسْتُفِيدَ) أَيْ الْأَمْرُ بِالْقِيَاسِ وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ فِي صُورَةِ النَّصِّ عَلَى الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: بَلْ الْفَائِدَةُ بَيَانُ إلَخْ) هَذَا سَنَدٌ لِلْمَنْعِ فَاللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ الْجَوَازُ أَنْ يَكُونَ الْفَائِدَةُ إلَخْ كَمَا هُوَ مُصْطَلَحُ النُّظَّارِ وَإِلَّا فَظَاهِرُهُ الْغَصْبُ وَهُوَ غَيْرُ مُوَجَّهٍ عِنْدَهُمْ إلَّا عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ جَوَّزَهُ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ ذَكَرَ السَّنَدَ عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ وَتَمَامُ هَذَا الْكَلَامِ فِيمَا كَتَبْنَاهُ عَلَى الْوَلَدِيَّةِ فِي عِلْمِ الْمُنَاظَرَةِ (قَوْلُهُ: يَحْصُلُ الْغَرَضُ) عَبَّرَ بِالْغَرَضِ لِكَوْنِهِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>