للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عِنْدَ الْحَامِلِ) هُوَ الْمُجْتَهِدُ وَافَقَ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمْ لَا بِأَنْ ظَهَرَ غَلَطُهُ فَتَنَاوَلَ الْحَدُّ الْقِيَاسَ الْفَاسِدَ كَالصَّحِيحِ (وَإِنْ خُصَّ) الْمَحْدُودُ (بِالصَّحِيحِ) أَيْ قُصِرَ عَلَيْهِ (حَذْفٌ) مِنْ الْحَدِّ (الْأَخِيرِ) وَهُوَ عِنْدَ الْحَامِلِ فَلَا يَتَنَاوَلُ حِينَئِذٍ إلَّا الصَّحِيحَ لِانْصِرَافِ الْمُسَاوَاةِ الْمُطْلَقَةِ إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَالْفَاسِدُ قَبْلَ ظُهُورِ فَسَادِهِ مَعْمُولٌ بِهِ كَالصَّحِيحِ.

(وَهُوَ) أَيْ الْقِيَاسُ (حُجَّةٌ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ) كَالْأَدْوِيَةِ (قَالَ الْإِمَامُ) الرَّازِيّ (اتِّفَاقًا) أَسْنَدَهُ إلَيْهِ لِيَبْرَأَ مِنْ عُهْدَتِهِ.

(وَأَمَّا غَيْرُهَا) كَالشَّرْعِيَّةِ (فَمَنَعَهُ قَوْمٌ) فِيهِ (عَقْلًا) قَالُوا لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْخَطَأُ وَالْعَقْلُ مَانِعٌ مِنْ سُلُوكِ ذَلِكَ قُلْنَا

ــ

[حاشية العطار]

فَلَا يَرِدُ عَدَمُ شُمُولِهِ لِلْعِلَّةِ الْبَسِيطَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْحَامِلِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ لِمُسَاوَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُجْتَهِدُ) جَرَى فِيهِ عَلَى الْأَصْلِ وَعَلَى شُمُولِ الْمُجْتَهِدِ لِلْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ وَالْمُجْتَهِدِ الْمُقَيَّدِ وَإِلَّا فَالْحَامِلُ أَعَمُّ مِنْهُ وَلِهَذَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ، وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْمُجْتَهِدِ لِيَتَنَاوَلَ الْمُقَلِّدَ الَّذِي يَقِيسُ عَلَى أَصْلِ إمَامِهِ اهـ. زَكَرِيَّا (قَوْلُهُ: وَافَقَ) أَيْ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ لِانْصِرَافِ إلَخْ) لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ لِلْفَرْضِ الْكَامِلِ وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِمْ الْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ تَشْمَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: الْمُطْلَقَةِ) أَيْ الَّتِي لَمْ تُقَيَّدْ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا عِنْدَ الْحَامِلِ (قَوْلُهُ: وَالْفَاسِدُ قَبْلَ ظُهُورِ فَسَادِهِ) أَيْ وَهُوَ دَاخِلٌ حِينَئِذٍ فِي التَّعْرِيفِ وَدُفِعَ بِهَذَا مَا يُقَالُ الْفَاسِدُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ وَغَيْرُ دَاخِلٍ فِي التَّعْرِيفِ وَكُلُّ قِيَاسٍ يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ فَيَلْزَمُ عَدَمُ شُمُولِ التَّعْرِيفِ لِشَيْءٍ مِنْهَا.

[الْقِيَاسُ حُجَّةٌ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ]

(قَوْلُهُ: وَهُوَ حُجَّةٌ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْقِيَاسِ، وَقَدْ حَرَّرَهُ صَاحِبُ التَّلْوِيحِ فَقَالَ وَأَصْحَابُ الظَّوَاهِرِ نَفَوْهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَقْلِ حَمْلُ النَّظِيرِ عَلَى النَّظِيرِ لَا فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا مِنْ الْعَقْلِيَّاتِ وَالْأُصُولِ الدِّينِيَّةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْخَوَارِجُ أَوْ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَقْلِ ذَلِكَ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ خَاصَّةً إمَّا لِامْتِنَاعِهِ عَقْلًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الشِّيعَةِ وَالنَّظَّامُ وَإِمَّا لِامْتِنَاعِهِ سَمْعًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ دَاوُد الْأَصْفَهَانِيُّ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ امْتِنَاعِ الْقِيَاسِ فَقِيلَ هُوَ وَاجِبٌ عَقْلًا لِئَلَّا تَخْلُوَ الْوَقَائِعُ عَنْ الْأَحْكَامِ إذْ النَّصُّ لَا يَفِي بِالْحَوَادِثِ الْغَيْرِ الْمُتَنَاهِيَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ أَجْنَاسَ الْأَحْكَامِ وَكُلِّيَّاتِهَا مُتَنَاهِيَةٌ لِجَوَازِ التَّنْصِيصِ عَلَيْهَا بِالْعُمُومَاتِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَذَهَبَ النَّهْرَوَانِيُّ وَالْقَاشَانِيُّ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاقِعٍ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ وَاقِعٌ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِهِ فَقِيلَ بِالْعَقْلِ، وَقِيلَ بِالسَّمْعِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالسَّمْعِ فَقِيلَ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ، وَقِيلَ قَطْعِيٍّ اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ) ذِكْرُهُ هُنَا اسْتِطْرَادٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا هُوَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنْ رَجَعَ لِأَمْرٍ شَرْعِيٍّ كَدَفْعِ الْمَضَارِّ كَانَ مُنْدَرِجًا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَالْأَدْوِيَةِ) كَأَنْ يَكُونَ دَوَاءُ هَذَا الْمَرَضِ عَقَارًا حَارًّا فَيُفْقَدُ فَيَأْتِي الطَّبِيبُ بِمَا يُمَاثِلُهُ فِي الْحَرَارَةِ مَثَلًا لِمُوَافَقَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمِزَاجِ الْمَرَضِ الْمَخْصُوصِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْأَغْذِيَةُ وَوَجْهُ كَوْنِهِ دُنْيَوِيًّا أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ الْمَطْلُوبُ بِهِ حُكْمًا شَرْعِيًّا بَلْ ثُبُوتُ نَفْعِ هَذَا الشَّيْءِ لِذَلِكَ الْمَرَضِ وَالْقِيَاسُ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ رُكْنٌ جَلِيلٌ مِنْ أَرْكَانِ قَوَاعِدِ الطِّبِّ وَهُوَ أَنْفَعُ وَأَسْلَمُ عِنْدَهُمْ مِنْ التَّجَارِبِ كَمَا بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي شَرْحِ النُّزْهَةِ الطِّبِّيَّةِ لِدَاوُدَ وَهُوَ شَرْحٌ جَامِعٌ لِمُهِمَّاتِ أُصُولِ الطِّبِّ أَلَّفْنَاهُ عِنْدَ اسْتِقْرَارِنَا بِمَدِينَةِ دِمَشْقَ حِينَ انْصِرَافِنَا مِنْ السِّيَاحَةِ بِالْبِلَادِ الرُّومِيَّةِ

(قَوْلُهُ: لِيَبْرَأَ مِنْ عُهْدَتِهِ) فَإِنَّ الْإِحَاطَةَ بِعَدَمِ الْمُخَالِفِ عُسْرَةٌ (قَوْلُهُ: لَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْخَطَأُ) لِجَوَازِ. وُجُودِ فَارِقٍ لَا نَطَّلِعُ عَلَيْهِ وَالْقِيَاسُ مَعَ الْفَارِقِ بَاطِلٌ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا مَوْجُودٌ فِي الدُّنْيَوِيِّ فَلَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يُخَفَّفُ فِي الدُّنْيَوِيِّ مَا لَا يُخَفَّفُ فِي غَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>