للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنْ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ) بَيْنَهُمَا (وَالتَّرْجِيحُ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُتَقَارِنَيْنِ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا تَسَاوَيَا فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ (فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعَمَّ) مِنْ الْآخَرِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ وَجْهٍ (فَكَمَا سَبَقَ) فِي مَسْأَلَةِ آخِرِ مَبْحَثِ التَّخْصِيصِ فَلْيُرَاجَعْ.

(مَسْأَلَةٌ يُرَجَّحُ بِعُلُوِّ الْإِسْنَادِ) أَيْ قِلَّةِ الْوَسَائِطِ بَيْنَ الرَّاوِي لِلْمُجْتَهِدِ وَبَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَفِقْهِ الرَّاوِي وَلُغَتِهِ وَنَحْوِهِ) لِقِلَّةِ احْتِمَالِ الْخَطَأِ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُقَابِلَاتِهَا (وَوَرَعِهِ وَضَبْطِهِ وَفِطْنَتِهِ وَلَوْ رَوَى) الْخَبَرَ (الْمَرْجُوحَ بِاللَّفْظِ) وَالرَّاجِحَ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ بِالْمَعْنَى (وَيَقَظَتِهِ وَعَدَمِ بِدْعَتِهِ) بِأَنْ يَكُونَ حَسَنَ الِاعْتِقَادِ (وَشُهْرَةِ عَدَالَتِهِ) لِشِدَّةِ الْوُثُوقِ بِهِ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ السِّتَّةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُقَابِلَاتِهَا (وَكَوْنِهِ مُزَكًّى بِالِاخْتِبَارِ) مِنْ الْمُجْتَهِدِ، فَيُرَجَّحُ عَلَى الْمُزَكَّى عِنْدَهُ بِالْإِخْبَارِ؛ لِأَنَّ الْمُعَايَنَةَ أَقْوَى مِنْ الْخَبَرِ (أَوْ أَكْثَرَ مُزَكِّينَ وَمَعْرُوفَ النَّسَبِ قِيلَ وَمَشْهُورَهُ) لِشِدَّةِ الْوُثُوقِ بِهِ، وَالشُّهْرَةُ زِيَادَةٌ فِي الْمَعْرِفَةِ وَالْأَصَحُّ لَا تَرْجِيحَ بِهَا.

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ: إنْ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَوْضُوعُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ جُهِلَ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَعُلِمَ الْمُتَأَخِّرُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جُهِلَ التَّارِيخُ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَعُلِمَ الْمُتَأَخِّرُ (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ النَّسْخُ) هَذَا مَوْضُوعُ جَمِيعِ مَا سَبَقَ.

[مَسْأَلَةٌ يُرَجَّحُ بِعُلُوِّ الْإِسْنَادِ]

(قَوْلُهُ: يُرَجَّحُ بِعُلُوِّ الْإِسْنَادِ أَيْ فِي الْإِخْبَارِ، وَأَنْوَاعُ التَّرْجِيحِ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ بِحَسَبِ حَالِ الرَّاوِي وَهُوَ مِنْ هُنَا إلَى قَوْلِهِ وَكَوْنِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ.

الثَّانِي: بِحَسَبِ حَالِ الْمَرْوِيِّ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْقَوْلُ إلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ عَكْسُهُ.

الثَّالِثُ: بِحَسَبِ الْمَدْلُولِ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ وَالنَّاقِلُ عَنْ الْأَصْلِ إلَى قَوْلِهِ وَالْوَضْعِيُّ.

الرَّابِعُ: بِالْأُمُورِ الْخَارِجِيَّةِ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُوَافِقُ دَلِيلًا آخَرَ إلَى قَوْلِهِ فَعَلَى الْخَامِسِ تَرْجِيحُ الْإِجْمَاعَاتِ.

السَّادِسُ: تَرْجِيحُ الْأَقْيِسَةِ اهـ. زَكَرِيَّا.

وَزَادَ الشَّيْخُ خَالِدٌ نَوْعَيْنِ وَهُمَا تَرْجِيحُ الْعِلَلِ وَتَرْجِيحُ الْحُدُودِ (قَوْلُهُ: لِلْمُجْتَهِدِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْتَجُّ بِالْأَمَارَاتِ الَّتِي هِيَ حَمْلُ التَّرْجِيحِ عِنْدَ تَعَارُضِهَا (قَوْلُهُ: وَفِقْهِ الرَّاوِي) قَالَ سم لَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَادَ الْفِقْهُ الْمُتَعَلِّقُ بِذَلِكَ الْبَابِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ ذَلِكَ الْمَرْوِيُّ حَتَّى إذَا كَانَ الْمَرْوِيُّ مُتَعَلِّقًا بِالْبُيُوعِ قُدِّمَ خَبَرُ الْفَقِيهِ بِالْبُيُوعِ عَلَى خَبَرِ الْفَقِيهِ بِمَا عَدَاهَا دُونَهَا ثُمَّ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا فَقِيهًا بِذَلِكَ الْبَابِ حَالَتَيْ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ، وَالْآخَرُ فَقِيهًا بِهِ حَالَ الْأَدَاءِ فَقَطْ فَالْمُتَّجَهُ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْبُدَخْشِيِّ عَلَى الْمِنْهَاجِ يُرْوَى أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ لَقِيَ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ مَا بَالُ أَهْلِ الْعِرَاقِ لَا يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهُ، وَقَدْ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ» قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَدَّثَنِي حَمَّادٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ» فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عَجَبًا مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ يُعَارِضُنِي بِمَا حَدَّثَنِي أَعْلَى مِنْهُ إسْنَادًا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَمَّا حَمَّادٌ فَكَانَ أَفْقَهَ مِنْ الزُّهْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمُ مِنْ سَالِمٍ، وَلَوْلَا سَبْقُ ابْنِ عُمَرَ لَقُلْت عَلْقَمَةُ أَفْقَهُ مِنْهُ.

وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَعَبْدُ اللَّهِ أَيْ هُوَ مَعْرُوفٌ بِالْفِقْهِ وَالضَّبْطِ بِحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ فَرَجَحَ حَدِيثُهُ بِزِيَادَةِ فِقْهِ رَاوِيهِ، فَإِنْ قُلْت حَدِيثُ الْأَوْزَاعِيِّ مُثْبِتٌ وَحَدِيثُ أَبِي حَنِيفَةَ نَافٍ فَكَيْفَ يَجُوزُ تَرْجِيحُهُ عَلَيْهِ قُلْنَا النَّفْيُ إنْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِدَلِيلِهِ وَعُرِفَ أَنَّ رَاوِيَهُ مِمَّنْ اعْتَمَدَ عَلَى الدَّلِيلِ لَا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحَوَادِثِ الْعَدَمُ فَهُوَ مِمَّا يُعَارِضُ الْإِثْبَاتَ حِينَئِذٍ، وَيُطْلَبُ التَّرْجِيحُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَحَدِيثُ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَسْتَنِدُ إلَى الْحِسِّ يُؤَكِّدُهُ مَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْفَعُ يَدَهُ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ لَا يَعُودُ» اهـ.

(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَى مُقَابِلَاتِهَا) ذَكَرَ التَّرْجِيحَ بَيْنَ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْمُتَعَاطِفَاتِ وَبَيْنَ مُقَابِلِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّرْجِيحِ بَيْنَهَا بَعْضِهَا مَعَ بَعْضٍ وَالْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِمَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّ الْمُجْتَهِدِ أَنَّهُ مُرَجَّحٌ.

(قَوْلُهُ: وَفِطْنَتِهِ) هِيَ كَمَالُ الْيَقَظَةِ فَالتَّرْجِيحُ بِهَا عَلَى ذِي الْيَقَظَةِ، وَالتَّرْجِيحُ بِالْيَقَظَةِ عَلَى ذِي الْغَفْلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رُوِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَوْ الْفَاعِلِ، الْمَرْجُوحُ عَلَى كُلٍّ مَرْفُوعٌ بِالنِّيَابَةِ عَنْ الْفَاعِلِ عَلَى الْأَوَّلِ وَبِالْفَاعِلِيَّةِ عَلَى الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَهُوَ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ الرَّاوِي الْمَرْجُوحُ بِكَثْرَةِ الْوَسَائِطِ أَوْ قِلَّةِ فِقْهِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ بِالرَّفْعِ أَيْ الشَّخْصُ الرَّاجِحُ بِقِلَّةِ الْوَسَائِطِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَيُؤَيِّدُ الْبِنَاءَ لِلْفَاعِلِ كَوْنُ الْكَلَامِ فِي التَّرْجِيحِ بِحَسَبِ حَالِ الرَّاوِي (قَوْلُهُ: أَوْ أَكْثَرَ مُزَكِّينَ) وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الشُّهْرَةَ فَلَا تَكْرَارَ (قَوْلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>