للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى اعْتِدَالِهِمَا خِلَافَ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى النَّفْيِ وَبِذِكْرِ الْقَاضِي مِنْ النَّافِينَ إلَى أَنَّ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ الْمُثْبِتِينَ كَالْآمِدِيِّ لَمْ يُحَرِّرْ النَّقْلَ عَنْهُ لِتَصْرِيحِهِ بِالنَّفْيِ فِي كِتَابِ التَّقْرِيبِ

ــ

[حاشية العطار]

بِاسْتِقْرَاءِ جُزْئِيَّاتِ الْفَاعِلِ مَثَلًا قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ هِيَ أَنَّ كُلَّ فَاعِلٍ مَرْفُوعٌ فَإِذَا رَفَعْنَا فَاعِلًا لَمْ نَسْمَعْ رَفْعَهُ مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ قِيَاسًا؛ لِانْدِرَاجِهِ فِيهَا وَأُورِدَ أَنَّ الرَّفْعَ مِنْ الْمَعَانِي؛ لِأَنَّهُ كَيْفِيَّةُ اللَّفْظِ فَلَيْسَ مِنْ اللُّغَةِ الَّتِي هِيَ الْأَلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ لِلْمَعَانِي.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْإِعْرَابَ لَفْظِيٌّ وَأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْحَرَكَاتِ، وَهِيَ أَحْرُفٌ صَغِيرَةٌ تَأْتِي بَعْدَ الْحَرْفِ فَيَضْمَحِلُّ سُكُونُهُ عَلَى مَا حَقَّقَهُ الرَّضِيُّ أَنَّهُ مَعْنَوِيٌّ، فَالْمُرَادُ كَالْفَاعِلِ مِنْ حَيْثُ رَفْعُهُ وَيَرُدُّ عَلَى الْجَوَابِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَلْفَاظِ الْإِفْرَادِيَّةِ مِنْ حَيْثُ مَعَانِيهَا، وَالرَّفْعُ، وَالنَّصْبُ مِنْ الْأَحْكَامِ التَّرْكِيبِيَّةِ.

وَقَدْ يُدَّعَى شُمُولُ اللُّغَةِ لَهَا فَيَنْدَفِعُ، أَوْ أَنَّ الْكَافَ لِلتَّنْظِيرِ وَأُورِدَ أَيْضًا أَنَّهُ جَعَلَ الْعُمُومَ مِنْ عَوَارِضِ الْمَعْنَى مَعَ أَنَّهُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ كَمَا يَأْتِي.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ، أَيْ: الشُّمُولِ وَاَلَّذِي مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ الْعُمُومُ بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ إرَادَتِهِ بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ وَوَصْفُ الْمَعْنَى بِهِ مَجَازٌ.

(قَوْلُهُ: إلَى اعْتِدَالِهِمَا) إنْ أَرَادَ التَّسَاوِي مِنْ حَيْثُ الْقَائِلُ فَفِيهِ أَنَّ الْمُثْبَتَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي فَمَنْ أَثْبَتَ الْأَكْثَرِيَّةَ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مُقَدَّمٌ، وَإِنْ أَرَادَ التَّسَاوِي مِنْ حَيْثُ الْقَوْلُ، فَالتَّرْجِيحُ بِالدَّلِيلِ لَا بِالْقَائِلِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْمُثْبَتِ مُقَدَّمًا عَلَى النَّافِي عِنْدَ جَهْلِ الْوَاقِعِ أَمَّا إذَا عُلِمَ الْوَاقِعُ وَأَنَّ الْقَائِلَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ بِالِاسْتِقْرَاءِ، فَالنَّافِي لِأَكْثَرِيَّةِ الْقَائِلَيْنِ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُثْبَتِ وَأَنَّ مَحَلَّ التَّرْجِيحِ بِالدَّلِيلِ لَا بِالْقَائِلَيْنِ إذَا أَبْدَى أَحَدُ الْقَائِلَيْنِ مَطْعَنًا. وَأَمَّا إذَا لَمْ يُبْدِ، فَالتَّرْجِيحُ بِعَدَدِ الْقَائِلِ،

وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ خِلَافَ قَوْلِ إلَخْ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْقِيَاسِ تَرْجِيحُ الثَّانِي، وَإِلَيْهِ عَزَاهُ الشَّارِحُ ثَمَّ وَرَجَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ.

(قَوْلُهُ: قَوْلِ بَعْضِهِمْ) ، وَهُوَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ فِي الْمَحْصُولِ (قَوْلُهُ: كَالْآمِدِيِّ) تَمْثِيلٌ لِمَنْ ذَكَرَهُ مِنْ الْمُثْبِتِينَ لَا لِلتَّنْظِيرِ مَعَ الْقَاضِي.

[وَمَسْأَلَةُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى إنْ اتَّحِدَا]

(قَوْلُهُ: اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى إلَخْ) اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ الِاسْمَ صَالِحٌ لَأَنْ يَنْقَسِمَ إلَى الْجُزْئِيِّ، وَالْكُلِّيِّ الْمُنْقَسِمِ إلَى الْمُتَوَاطِئِ، وَالْمُشَكِّكِ بِخِلَافِ الْفِعْلِ، وَالْحَرْفِ كَمَا أَفْصَحَ بِسِرِّ ذَلِكَ السَّيِّدُ فِي حَوَاشِي الشَّمْسِيَّةِ.

وَأَمَّا الِانْقِسَامُ إلَى الْمُشْتَرَكِ، وَالْمَنْقُولِ بِأَقْسَامِهِ، وَإِلَى الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ فَلَيْسَ مِمَّا يَخْتَصُّ بِالِاسْمِ وَحْدَهُ فَإِنَّ الْفِعْلَ قَدْ يَكُونُ مُشْتَرَكًا كَخَلَقَ بِمَعْنَى أَوْجَدَ وَافْتَرَى، وَعَسْعَسَ بِمَعْنَى أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ.

وَقَدْ يَكُونُ مَنْقُولًا كَصَلَّى، وَقَدْ يَكُونُ حَقِيقَةً كَقَتَلَ؛ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ، وَقَدْ يَكُونُ مَجَازًا بِمَعْنَى ضَرَبَ ضَرْبًا شَدِيدًا، وَكَذَا الْحَرْفُ أَيْضًا كَمِنْ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ، وَالتَّبْعِيضِ، وَقَدْ يَكُونُ حَقِيقَةً كَفِي إذَا اُسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>