للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مَعْنًى آخَرَ كَالنَّبِيذِ، أَيْ: الْمُسْكِرِ مِنْ غَيْرِ مَاءِ الْعِنَبِ ثَبَتَ لَهُ بِالْقِيَاسِ ذَلِكَ الِاسْمُ لُغَةً فَيُسَمَّى النَّبِيذُ خَمْرًا فَيَجِبُ اجْتِنَابُهُ بِآيَةِ {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: ٩٠] لَا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْخَمْرِ، وَسَوَاءٌ فِي الثُّبُوتِ الْحَقِيقَةُ، وَالْمَجَازُ. (وَقِيلَ: تَثْبُتُ الْحَقِيقَةُ لَا الْمَجَازُ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنْهَا (وَلَفْظُ الْقِيَاسِ) فِيمَا ذُكِرَ (يُغْنِي عَنْ قَوْلِك) أَخْذًا مِنْ ابْنِ الْحَاجِبِ (مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَثْبُتْ تَعْمِيمُهُ بِاسْتِقْرَاءٍ) فَإِنَّ مَا ثَبَتَ تَعْمِيمُهُ بِذَلِكَ مِنْ اللُّغَةِ كَرَفْعِ الْفَاعِلِ وَنَصْبِ الْمَفْعُولِ لَا حَاجَةَ فِي ثُبُوتِ مَا لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ إلَى الْقِيَاسِ حَتَّى يُخْتَلَفَ فِي ثُبُوتِهِ وَأَشَارَ كَمَا قَالَ بِذِكْرِ قَائِلِي الْقَوْلَيْنِ

ــ

[حاشية العطار]

هَذِهِ الْعِلَّةِ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: فِي مَعْنًى آخَرَ) بِالْإِضَافَةِ وَبِالتَّوْصِيفِ.

(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ اجْتِنَابُهُ) إشَارَةٌ إلَى بَيَانِ الْفَائِدَةِ فِي ثُبُوتِ اللُّغَةِ بِالْقِيَاسِ، وَهُوَ الِاسْتِغْنَاءُ فِي النَّبِيذِ مَثَلًا عَنْ قِيَاسِهِ عَلَى الْخَمْرِ شَرْعًا، وَعَنْ النَّظَرِ فِي شَرَائِطِ الْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ هَلْ وُجِدَتْ بِخِلَافِ مَنْ لَا يَقُولُ بِثُبُوتِ اللُّغَةِ قِيَاسًا فَيَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ، أَوْ إلَى دَلِيلٍ مِنْ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي الثُّبُوتِ إلَخْ) هَذَا التَّعْمِيمُ أَخَذَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْمُقَابِلِ.

(قَوْلُهُ: لَا الْمَجَازُ) فَلَا يُسْتَعْمَلُ الْأَسَدُ فِي النَّمِرِ مَثَلًا لِعَلَاقَةِ الْجَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَسْتَعْمِلْهُ فِيهِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْعَلَاقَةِ سَمَاعُ النَّوْعِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ الشَّخْصِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا اسْتَشْكَلَهُ سم مِنْ أَنَّ الْعَرَبَ إذَا تَجَوَّزَتْ بِكَلِمَةٍ عَنْ مَوْضُوعِهَا وَتَجَوَّزْنَا فِيهَا لِمَعْنًى آخَرَ فَإِنْ وُجِدَتْ عَلَاقَةٌ بَيْنَ هَذَا الْمَجَازِ الَّذِي اسْتَعْمَلْنَاهُ وَبَيْنَ الْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ الْمَوْضُوعِ لَهُ فَذَاكَ لَيْسَ بِقِيَاسٍ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ أَجَازَتْ الِاسْتِعْمَالَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وُجِدَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَجَوَّزِ عَنْهُ عَلَاقَةٌ، وَإِنْ لَاحَظْنَا الْعَلَاقَةَ بَيْنَ مَا تَجَوَّزْنَا فِيهِ وَتَجَوَّزُوا فِيهِ أَعْنِي بَيْنَ الْمَجَازَيْنِ وَلَمْ تُوجَدْ هَذِهِ الْعَلَاقَةُ فِي الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ، فَالْقِيَاسُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْعُ مُشْتَمِلًا عَلَى عِلَّةٍ تُوجَدُ فِي الْأَصْلِ، وَالْعِلَّةُ هِيَ الْعَلَاقَةُ وَلَمْ تُوجَدْ اهـ.

فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْعَلَاقَةِ سَمَاعُ نَوْعِهَا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَخْفَضُ رُتْبَةً إلَخْ) ، أَيْ: فَلَا يُحْتَمَلُ التَّوَسُّعُ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ أَنْ يُقَاسَ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لَا يُقَاسُ عَلَى الْمَجَازِيِّ؛ إذْ لَا ضَرُورَةَ عَلَى أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ قَدْ يَنْعَكِسُ فَيُقَالُ حَيْثُ تُوُسِّعَ فِيهِ أَوَّلًا جَازَ أَنْ يُتَوَسَّعَ فِيهِ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَحَلًّا لِلتَّوَسُّعِ.

(قَوْلُهُ: يُغْنِي إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ إلْحَاقُ مَسْكُوتٍ بِمَنْطُوقٍ وَكُلُّ مَعْنًى انْدَرَجَ تَحْتَ عَامٍّ ثَبَتَ عُمُومُهُ بِاسْتِقْرَاءٍ، أَوْ بِنَقْلٍ أَيْضًا فَإِنَّهُ مَنْطُوقٌ لَا مَسْكُوتٌ.

(قَوْلُهُ: تَعْمِيمُهُ) ، أَيْ: لِجَمِيعِ الْمَعَانِي الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ فَإِنَّ الْوَاضِعَ إذَا وَضَعَ لَفْظًا يَعُمُّ بِاسْتِقْرَاءٍ مَنْ اللُّغَةِ كَصِيغَةِ الْمُصَغَّرِ، وَالْمَنْسُوبِ، وَالْمُشْتَقِّ وَغَيْرِهَا مِمَّا تَحَقَّقَ فِيهِ الْوَضْعُ النَّوْعِيُّ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ سَمَاعُ مَا صَدَقَاتِهِ مِنْ الْوَاضِعِ، بَلْ يَكْفِي سَمَاعُهُ مِنْهُ، وَالِاسْتِعْمَالُ مُفَوَّضٌ إلَى الْمُتَكَلِّمِ.

(قَوْلُهُ: بِاسْتِقْرَاءٍ) اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْتِقْرَاءِ، وَإِنْ كَانَ النَّقْلُ مِثْلَهُ لِلْعِلْمِ بِذَلِكَ الطَّرِيقِ الْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ: كَرَفْعِ الْفَاعِلِ) إذَا حَصَلَ لَنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>