للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْأَوَّلِ حَيْثُ يُفِيدُ الْعِلْمَ؛ لِأَنَّ التَّعْوِيلَ فِيهِ عَلَى الْقَرِينَةِ، وَلَا عَلَى الثَّانِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ عَلَى الثَّالِثِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا عَلَى الرَّابِعِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ حَيْثُ يُقَالُ يُفِيدُ الظَّنَّ.

(مَسْأَلَةٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ) أَيْ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ (فِي الْفَتْوَى وَالشَّهَادَةِ) أَيْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِمَا يُفْتِي بِهِ الْمُفْتِي، وَبِمَا يَشْهَدُ بِهِ الشَّاهِدُ بِشَرْطِهِ (إجْمَاعًا، وَكَذَا سَائِرَ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ) أَيْ بَاقِيهَا يَجِبُ الْعَمَلُ فِيهَا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ كَالْإِخْبَارِ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ بِتَنَجُّسِ الْمَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قِيلَ: سَمْعًا) لَا عَقْلًا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبْعَثُ الْآحَادَ إلَى الْقَبَائِلِ وَالنَّوَاحِي لِتَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ، فَلَوْلَا أَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِخَبَرِهِمْ لَمْ يَكُنْ لِبَعْثِهِمْ فَائِدَةٌ (وَقِيلَ: عَقْلًا) ، وَإِنْ دَلَّ السَّمْعُ

ــ

[حاشية العطار]

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ بِالْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ:، وَلَا عَلَى الثَّانِي) الْقَائِلِ أَنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ مُطْلَقًا، وَلَا بِالْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ:، وَكَذَا عَلَى الرَّابِعِ) التَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ فَقَطْ لَا فِي الْإِجْمَاعِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) اُنْظُرْ وَجْهَ ظُهُورِهِ مَعَ أَنَّهُ عَوَّلَ فِيهِ عَلَى الِاسْتِفَاضَةِ، وَإِذَا كَانَ الْمُعَوَّلُ عَلَى الِاسْتِفَاضَةِ لَا عِبْرَةَ بِالْقَرِينَةِ كَمَا أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي الْمُتَوَاتِرِ الْكَثْرَةُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ حَيْثُ يُفِيدُ الْعِلْمَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ (قَوْلُهُ: كَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى التَّقْيِيدِ بِهِ بِقِيَاسِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ بِهِ فِي إفَادَةِ الظَّنِّ فَفِي إفَادَةِ الْعِلْمِ النَّظَرِيِّ أَوْلَى اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يُقَالُ) أَيْ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: يُفِيدُ الظَّنَّ) بِأَنْ لَمْ تَقُمْ مَعَهُ قَرِينَةٌ.

[مَسْأَلَة الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ]

(قَوْلُهُ: يَجِبُ الْعَمَلُ إلَخْ) تَبِعَ فِي التَّعْبِيرِ بِالْوُجُوبِ صَاحِبَ الْحَاصِلِ، وَفِي مَحْصُولِ الْإِمَامِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الِاتِّفَاقَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْجَوَازِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ دُونَ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ ثُمَّ الْخُصُومُ بِأَسْرِهِمْ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْخَبَرِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ صِحَّتُهُ كَمَا فِي الْفَتْوَى وَالشَّهَادَةِ وَالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ اهـ.

نَقَلَهُ الْبُدَخْشِيُّ (قَوْلُهُ: فِي الْفَتْوَى) مُتَعَلِّقٌ بِحَالٍ مَحْذُوفَةٍ، أَيْ وَارِدًا فِي الْفَتْوَى وَلَيْسَ ظَرْفًا لَغْوًا مُتَعَلِّقًا بِالْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُفْتِي يَعْمَلُ بِخَبَرِ الْآحَادِ فِي فَتْوَاهُ، وَفِي الشَّهَادَةِ كَذَا قَالَ النَّاصِرُ وَبَحَثَ مَعَهُ سم بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَعْنَى عَمَلِهِ بِهِ فِي الْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي فَتْوَاهُ عَمِلَ بِهِ وَعَوَّلَ عَلَيْهِ، وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ وَمِثْلُ الْفَتْوَى الْحُكْمُ؛ لِأَنَّهُ فَتْوَى وَزِيَادَةٌ (قَوْلُهُ: وَبِمَا يَشْهَدُ بِهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مَا عَدَا الْمُتَوَاتِرِ إذْ لَا يَخْفَى فِي الشَّهَادَةِ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) أَيْ مِنْ عَدَالَةٍ وَسَمْعٍ وَبَصَرٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي مَحَلِّهِ اهـ. زَكَرِيَّا

(قَوْلُهُ:، وَكَذَا سَائِرُ) أَيْ الْمَذْكُورُ، وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ كَهَذَيْنِ أَيْ الْفَتْوَى وَالشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: وَبِتَنَجُّسِ الْمَاءِ) ، وَلَوْ خَالَفَهُ مَذْهَبًا أَنْ بَيَّنَ وَجْهَهَا (قَوْلُهُ: سَمْعًا لَا عَقْلًا) أَيْ الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ سَمْعِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فَلَوْلَا أَنَّهُ إلَخْ اسْتِدْلَالٌ عَقْلِيٌّ فَيَكُونُ الدَّلِيلُ السَّمْعِيُّ هُنَا مُقَوًّى بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ فَقَوْلُهُ لَا عَقْلًا أَيْ لَا عَقْلًا صِرْفًا وَأَوْرَدَ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْبَعْثِ مُصَادَرَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ بِهِ إخْبَارُ آحَادٍ أَيْضًا.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّفَاصِيلَ الْوَارِدَةَ بِبَعْثَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْآحَادُ، وَإِنْ كَانَتْ آحَادًا فَجُمْلَتُهَا تُفِيدُ التَّوَاتُرَ الْمَعْنَوِيَّ كَالْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى شَجَاعَةِ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وُجُودِ حَاتِمٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْلَا أَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ إلَخْ) إشَارَةً إلَى قِيَاسٍ اسْتِثْنَائِيٍّ اسْتَثْنَى فِيهِ نَقِيضَ التَّالِي، وَتَقْرِيرَهُ هَكَذَا لَوْ لَمْ يَجِبْ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لَمَا بَعَثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْآحَادَ لِتَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ لَكِنَّهُ بَعَثَهُمْ لِذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِبَعْثِهِمْ فَائِدَةٌ إشَارَةٌ إلَى دَلِيلِ الشَّرْطِيَّةِ وَقَوْلُهُ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ إشَارَةٌ إلَى دَلِيلِ الِاسْتِثْنَائِيَّة وَيَتَوَجَّهُ عَلَى دَلِيلِ الشَّرْطِيَّةِ مَنْعُ لُزُومِ الْعَبَثِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ انْتِفَاءُ الْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ الْعَمَلُ، وَلَمْ يَجِبْ حَصَلَتْ الْفَائِدَةُ (قَوْلُهُ:، وَإِنْ دَلَّ السَّمْعُ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَقُولُ الدَّلَالَةَ سَمْعًا وَعَقْلًا مَعًا، وَإِنْ كَانَ السَّمْعُ غَيْرَ مَقْصُودٍ، وَلَمْ يَقُلْ بِالْعَقْلِ فَقَطْ إلَّا الْمُعْتَزِلَةُ الْمُحَكِّمُونَ لَهُ وَفِي الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِهِ لِلْبُدَخْشِيِّ دَلَّ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى كَوْنِهِ حُجَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>