أَيْ طَلَبِ الْفِعْلِ (وَكَذَا الْمَجَازَانِ) هَلْ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَا مَعًا بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ كَقَوْلِك مَثَلًا وَاَللَّهِ لَا أَشْتَرِي وَتُرِيدُ السَّوْمَ، وَالشِّرَاءُ بِالْوَكِيلِ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْمُشْتَرَكِ وَعَلَى الصِّحَّةِ الرَّاجِحَةِ يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهِمَا، أَوْ تَسَاوَيَا فِي الِاسْتِعْمَالِ وَلَا قَرِينَةَ تُبَيِّنُ أَحَدَهُمَا، وَإِطْلَاقُ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ عَلَى الْمَعْنَى كَمَا هُنَا مَجَازِيٌّ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الدَّالِّ عَلَى الْمَدْلُولِ.
(الْحَقِيقَةُ لَفْظٌ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا وُضِعَ) لَهُ ابْتِدَاءً
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: أَيْ: طَلَبِ الْفِعْلِ) بَيَانٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ قَالَ سم، وَهَذَا غَيْرُ لَازِمٍ بِنَاؤُهُ عَلَى مَا ذَكَرَ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى طَرِيقَةِ عُمُومِ الْمَجَازِ.
(قَوْلُهُ: وَتُرِيدُ السَّوْمَ) ، وَالْعَلَاقَةُ السَّبَبِيَّةُ، والمسببية.
(قَوْلُهُ: وَالشِّرَاءُ بِالْوَكِيلِ) لِعَلَاقَةِ الْمُشَابَهَةِ فِي الْإِدْخَالِ فِي الْمِلْكِ فِي كُلٍّ.
(قَوْلُهُ: فِيهِ الْخِلَافُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَطْعَ الْقَاضِي السَّابِقَ لَا يَأْتِي هُنَا؛ لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْحِصَّةِ إلَخْ) ، أَيْ: وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الصِّحَّةِ أَنَّهُ يُحْمَلُ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ عَلَى الْمُجَازَيْنَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ تَسَاوَيَا فِي الِاسْتِعْمَالِ) لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ هَذَا الْقَيْدَ إلَّا فِي الْمُجَازَيْنَ فَيُوهِمُ اخْتِصَاصَهُ بِهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ جَرَى الْبِرْمَاوِيُّ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا قَرِينَةَ تَبَيَّنَ أَحَدُهُمَا) ، وَإِلَّا حُمِلَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْقَرِينَةُ الْمَانِعَةُ مِنْ الْحَقِيقَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: اسْمِ الدَّالِّ) ، وَهُوَ اللَّفْظُ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَدْلُولِ، وَهُوَ الْمَعْنَى قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ، فَهُوَ مِنْ الْمَجَازِ لَا الْخَطَأِ وَحَمَلَهُ عَلَى خَطَأِ الْعَوَامّ مِنْ خَطَأِ الْخَوَاصِّ اهـ.
وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِصَدْرِ الشَّرِيعَةِ حَيْثُ قَالَ إنَّ هَذَا مِنْ الْمَجَازِ، أَوْ مِنْ خَطَأِ الْعَوَامّ عَلَى سَبِيلِ التَّرْدِيدِ اهـ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ، وَهَذَا حَقٌّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْإِطْلَاقَ إنْ كَانَ مَعَ الْخِبْرَةِ، وَمُلَاحَظَةِ أَنَّهُ مِنْ إطْلَاقِ الدَّالِّ عَلَى الْمَدْلُولِ كَانَ مَجَازًا، وَإِنْ كَانَ لِلْغَفْلَةِ عَنْ أَصْلِ الِاصْطِلَاحِ وَعَدَمِ التَّفَطُّنِ لِتَعْيِينِ الْمَحَلِّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ كَانَ مِنْ خَطَأِ الْعَوَامّ.
[الْحَقِيقَةُ لَفْظٌ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا وُضِعَ لَهُ ابْتِدَاءً]
(قَوْلُهُ: الْحَقِيقَةُ) قَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَيْهَا كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ التَّقَابُلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ شَبَهِ التَّقَابُلِ بَيْنَ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ، لَا تَقَابُلِ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ؛ إذْ لَيْسَ الْمَجَازُ عَدَمَ الْحَقِيقَةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِفًا بِهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الِاسْتِعْمَالُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ جُزْءَ مَفْهُومِ الْحَقِيقَةِ وَعَدَمُ الِاسْتِعْمَالِ فِيهِ لَازَمَ مَفْهُومَ الْمَجَازِ كَانَ بَيْنَهُمَا شِبْهَ تَقَابُلِ الْعَدَمِ، وَالْمِلْكَةِ، وَمَفْهُومُ الْمِلْكَةِ أَشْرَفُ لِكَوْنِهِ وُجُودِيًّا وَأَيْضًا الْإِعْدَامُ إنَّمَا تُعْرَفُ بِمِلْكَاتِهَا، وَهِيَ فُعَيْلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ، أَوْ مَفْعُولَةٍ مِنْ حَقِّ الشَّيْءِ ثَبَتَ لِثُبُوتِهَا مَكَانُهَا الْأَصْلِيُّ، فَهِيَ ثَابِتَةٌ فِيهِ، أَوْ مُثْبَتَةٌ، وَالتَّاءُ عَلَى كُلٍّ لِلنَّقْلِ مِنْ الْوَصْفِيَّةِ إلَى الِاسْمِيَّةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ وَوَجْهُ كَوْنِهَا لِلنَّقْلِ أَنَّ الْمَنْقُولَ فَرْعُ الْمَنْقُولِ عَنْهُ كَمَا أَنَّ الْمُؤَنَّثَ فَرْعُ الْمُذَكَّرِ.
(قَوْلُهُ: لَفْظٌ) عَدَلَ عَنْ الْمَنْقُولِ مَعَ أَنَّهُ جِنْسٌ قَرِيبٌ؛ لِاشْتِهَارِهِ فِي الرَّأْيِ، وَالِاعْتِقَادِ، وَعَنْ الْكَلِمَةِ لِيَشْمَلَ الْمُرَكَّبَ عَلَى مَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ قَالَ مُعَرِّبُ فَارِسِيَّةِ الْعِصَامِ أَنَّ بَعْضَ الْقَوْمِ خَصَّصَ الْحَقِيقَةَ، وَالْمَجَازَ، وَالْكِنَايَةَ بِلَفْظِ الْمُفْرَدِ وَأَلْحَقَ عُمُومَهَا إلَى الْمُفْرَدِ، وَالْمُرَكَّبِ كَمَا اخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُ هَاهُنَا؛ إذْ الْوَضْعُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْمُفْرَدِ، بَلْ مَا يَعُمُّ الْمُفْرَدَ، وَالْمُرَكَّبَ فَيَلْزَمُ مِنْ عُمُومِ الْوَضْعِ عُمُومُ مَا يَدُورُ عَلَيْهِ أَيْضًا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ إمَّا مُفْرَدٌ، وَإِمَّا مُرَكَّبٌ وَسَاقَ أَمْثِلَتَهَا وَبِهَذَا اسْتَغْنَيْت عَمَّا أَطَالَ بِهِ الْعَلَامَتَانِ مِمَّا يُشَوِّشُ الْأَذْهَانَ.
(قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) خَرَجَ الْمَجَازُ فَإِنَّ وَضْعَهُ لَيْسَ ابْتِدَاءً، بَلْ بِالتَّبَعِ لِغَيْرِهِ فَإِنَّ أَصْلَ وَضْعِ اللَّفْظِ