(الثَّانِي) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (حُكْمُ الْأَصْلِ وَمِنْ شَرْطِهِ ثُبُوتُهُ بِغَيْرِ الْقِيَاسِ قِيلَ وَالْإِجْمَاعِ) إذْ لَوْ ثَبَتَ بِالْقِيَاسِ كَانَ الْقِيَاسُ الثَّانِي عِنْدَ اتِّحَادِ الْعِلَّةِ لَغْوًا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقِيَاسِ الْفَرْعِ فِيهِ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْأَوَّلِ، وَعِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا غَيْرَ مُنْعَقِدٍ لِعَدَمِ اشْتِرَاكِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِيهِ فِي عِلَّةِ الْحُكْمِ. مِثَالُ الْأَوَّلِ قِيَاسُ الْغُسْلِ عَلَى الصَّلَاةِ فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ بِجَامِعِ الْعِبَادَةِ ثُمَّ قِيَاسُ الْوُضُوءِ عَلَى الْغُسْلِ فِيمَا ذُكِرَ وَهُوَ لَغْوٌ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقِيَاسِ الْوُضُوءِ عَلَى الصَّلَاةِ، وَمِثَالُ الثَّانِي قِيَاسُ الرَّتْقِ وَهُوَ انْسِدَادُ مَحَلِّ الْجِمَاعِ عَلَى جَبِّ الذَّكَرِ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بِجَامِعِ فَوَاتِ الِاسْتِمْتَاعِ، ثُمَّ قِيَاسُ الْجُذَامِ عَلَى الرَّتْقِ فِيمَا ذُكِرَ وَهُوَ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ؛ لِأَنَّ فَوَاتَ الِاسْتِمْتَاعِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِيهِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْأَصْلِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ مُسْتَنَدُهُ النَّصُّ فَيُسْنَدُ الْقِيَاسُ إلَيْهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، نَعَمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْإِجْمَاعُ عَنْ قِيَاسٍ وَيُدْفَعُ بِأَنَّ كَوْنَ حُكْمِ الْأَصْلِ حِينَئِذٍ عَنْ قِيَاسٍ مَانِعٌ فِي الْقِيَاسِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ.
(وَكَوْنُهُ غَيْرَ مُتَعَبَّدٍ فِيهِ بِالْقَطْعِ) كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ؛ لِأَنَّ مَا تُعُبِّدَ فِيهِ بِالْقَطْعِ إنَّمَا يُقَاسُ عَلَى مَحَلِّهِ مَا يُطْلَبُ فِيهِ الْقَطْعُ أَيْ الْيَقِينُ كَالْعَقَائِدِ وَالْقِيَاسُ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ وَاعْتُرِضَ
ــ
[حاشية العطار]
كَذَا) الْأَوْلَى عَلَى أَنَّهُ عِلَّتُهُ كَذَا وَهِيَ مَوْجُودَةٌ لِيُوَافِقَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ
[الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ حُكْمُ الْأَصْلِ]
(قَوْلُهُ: الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ) هَذَا رَابِعٌ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: حُكْمُ الْأَصْلِ) يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْأَصْلِ هُنَا مَحَلُّ الْحُكْمِ أَوْ دَلِيلُ الْحُكْمِ لَا الْحُكْمُ لِإِضَافَتِهِ إلَيْهِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً (قَوْلُهُ: وَمِنْ شَرْطِهِ إلَخْ) جَعْلُهُ شَرْطًا يَقْتَضِي فَسَادَ الْقِيَاسِ عِنْدَ عَدَمِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ فَسَادٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مُسَلَّمٌ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْهُ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ (قَوْلُهُ: الْفَرْعُ فِيهِ) أَيْ فِي الْقِيَاسِ الثَّانِي وَكَذَا مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ اشْتِرَاكِ إلَخْ) فَإِنَّ الْعِلَّةَ فِيهِمَا مُخْتَلِفَةٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قِيَاسُ الْوُضُوءِ عَلَى الْغُسْلِ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ بِجَامِعِ الْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ: لِلِاسْتِغْنَاءِ إلَخْ) لِأَنَّ الْجَامِعَ مُتَّحِدٌ (قَوْلُهُ: وَمِثَالُ الثَّانِي قِيَاسُ الرَّتْقِ) فِيهِ تَسَامُحٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْجَبِّ وَالرَّتْقِ سَبَبٌ لِلْفَسْخِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْحُكْمِ إذْ مَحَلُّ الْحُكْمِ مُتَعَلِّقُهُ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ كَفَسْخِ النِّكَاحِ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ نَظَائِرَهُ (قَوْلُهُ: فِي فَسْخِ النِّكَاحِ) أَيْ فِي جَوَازِ فَسْخِ النِّكَاحِ لِيَصِحَّ كَوْنُهُ حُكْمًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فَوَاتَ الِاسْتِمْتَاعِ) غَيْرُ مَوْجُودٍ فَإِنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِمَنْ بِهِ الْجُذَامُ مُمْكِنٌ، فَإِنْ أَرَادَ فَوَاتَ تَمَامِهِ فَكَذَلِكَ فَإِنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ فَوَاتُ أَصْلِ الِاسْتِمْتَاعِ لِإِتْمَامِهِ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي التَّوَرُّكِ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: مُسْتَنَدُهُ النَّصُّ) بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ وَعَلَى هَذَا فَيُعْلَمُ بِمَعْنَى يُعْرَفُ لِعَدَمِ وُجُودِ مَفْعُولَيْنِ وَفِي نُسْخَةٍ يُعْلَمُ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ إلَخْ بِزِيَادَةِ أَنَّ فَالنَّصُّ خَبَرُهَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ أَيْ نَعَمْ هُنَاكَ دَلِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَنْ قِيَاسٍ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ تَحَقَّقَ هَذَا الِاحْتِمَالُ (قَوْلُهُ: عَنْ قِيَاسٍ مَانِعٍ) هَذَا رَاجِعٌ إلَى عَدَمِ وُجُودِ شَرْطٍ لَا إلَى وُجُودِ مَانِعٍ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ عَنْ قِيَاسٍ وَالْأَصْلُ هَذَا الِاحْتِمَالُ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ) لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْمَانِعِ لَا يُؤَثِّرُ
(قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ غَيْرَ مُتَعَبِّدٍ فِيهِ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَرْجِيحُهُ مِنْ جَوَازِهِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَ.
أَقُولُ لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الْعَقْلِيَّاتِ أَعَمُّ مِنْ الْقَطْعِيَّاتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَمُجَرَّدُ جَوَازِهِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ لَا يُنَافِي هَذَا الِاشْتِرَاكَ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْكَمَالُ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ الَّذِي أَوْرَدَهُ لِجَوَازِ أَنْ لَا يُوَافِقَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ وَالْغَرَضُ مَنْعُ التَّعَارُضِ فِي كَلَامِهِ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ إلَخْ) اُعْتُرِضَ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الِاحْتِجَاجُ بِهِ إلَّا مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ جَرَيَانِهِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ كَالْغَزَالِيِّ بِخِلَافِ مَنْ يَقُولُ بِجَرَيَانِهِ فِيهَا كَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهَا الْيَقِينُ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ فَلَا يَتَأَتَّى الِاحْتِجَاجُ بِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute