(وَمَسْأَلَةُ اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى إنْ اتَّحَدَا) ، أَيْ: كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاحِدًا
ــ
[حاشية العطار]
الظَّرْفِيَّةِ، وَقَدْ يَكُونُ مَجَازًا كَفِي إذَا اُسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى عَلَى، ثُمَّ إنَّ الِاشْتِرَاكَ، وَالنَّقْلَ، وَالْحَقِيقَةَ، وَالْمَجَازَ فِي الْفِعْلِ قَدْ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْمَادَّةِ كَالْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْهَيْئَةِ كَالْمُضَارِعِ الْمُشْتَرِكِ بَيْنَ الْحَالِ، وَالِاسْتِقْبَالِ وَصِيَغِ الْعُقُودِ الْمَنْقُولَةِ مِنْ الْمَاضِي إلَى الْإِنْشَاءِ وَصِيَغِ الْمَاضِي الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ، فَالْمُعْتَبَرُ فِي الِاشْتِرَاكِ، وَالنَّقْلِ، وَالْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ تَعَدُّدُ الْوَضْعِ أَعَمُّ مِنْ الْوَضْعِ الشَّخْصِيِّ كَوَضْعِ الْمَادَّةِ، وَمِنْ الْوَضْعِ النَّوْعِيِّ كَمَا فِي الْهَيْئَةِ.
وَالْأَلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ بِالْوَضْعِ الْعَامِّ لَيْسَ فِيهَا تَعَدُّدُ الْوَضْعِ أَصْلًا لَا شَخْصِيًّا وَلَا نَوْعِيًّا فَلَا تَدْخُلُ فِي الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَا وُهِمَ إذَا تَمَهَّدَ هَذَا فَنَقُولُ وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ فِي هَذَا التَّقْسِيمِ إخْلَالٌ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا عَدَمُ الْحَصْرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْمَنْقُولَ بِأَقْسَامِهِ وَلَا التَّسَاوِيَ وَلَا الْعُمُومَ، وَالْخُصُوصَ الْمُطْلَقَ، وَمِنْهَا أَنَّ بَعْضَ تِلْكَ الْأَقْسَامِ يَرْجِعُ لِلْمَعْنَى فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَبَعْضَهَا لِلَّفْظِ وَبَعْضَهَا بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا مَعًا وَلَمْ يُبَيِّنْ الْحَالَ فِي ذَلِكَ، وَمِنْهَا أَنَّهُ أَطْلَقَ اللَّفْظَ فَشَمِلَ الْمُرَكَّبَ، وَالْمُفْرَدَ مَعَ اخْتِصَاصِ بَعْضِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ بِالِاسْمِ وَبَعْضِهَا يَتَعَدَّاهُ إلَى أَخَوَيْهِ وَلَا يَتَجَاوَزُ الْمُفْرَدَ، ثُمَّ إنَّ الْبَعْضَ مِنْ هَذِهِ التَّقْسِيمَاتِ حَقِيقِيٌّ، وَالْبَعْضَ اعْتِبَارِيٌّ.
وَقَدْ تَفَطَّنَ لِهَذَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ الْكَمَالُ فَقَالَ التَّحْقِيقُ أَنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ لِلْمُفْرَدِ، وَإِنَّهُ تَقْسِيمٌ بِحَسَبِ الِاعْتِبَارِ إلَّا أَنَّ فِي كَلَامِ الْكَمَالِ إجْمَالًا عَلِمْته مِمَّا قَرَرْنَاهُ وَاَلَّذِي أَوْقَعَ الْمُصَنِّفَ فِي ذَلِكَ مُرَاعَاةُ الِاخْتِصَارِ فَلَمْ يُبَالِ بِأَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ مَعَ أَنَّ الْعِنَايَةَ بِهَا أَهَمُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الِاهْتِمَامِ بِشَأْنِ اللَّفْظِ وَأَمَّا الْعَلَّامَةُ سم فَإِنَّهُ لِشَغَفِهِ بِالِاعْتِرَاضِ أَخَذَ يَتَعَقَّبُ الْكَمَالَ وَيَدَّعِي أَنَّهُ حُجِبَ عَنْ التَّمَتُّعِ بِمَا أَبْدَاهُ مِنْ الْوَجْهِ الْحَسَنِ، وَالْحَقُّ مَعَ الْكَمَالِ.
وَقَدْ ذَكَرَ فِي خِلَالِ كَلَامِهِ مُقَدَّمَاتٍ لَا تَتِمُّ لَهُ كَقَوْلِهِ إنَّ مَعْنَى الْفِعْلِ، وَالْحَرْفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا مَعْنَاهُمَا غَيْرُ خَالٍ عَنْ الِاتِّصَافِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَالْجُزْئِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَقَابِلَانِ لَا يَجُوزُ خُلُوُّ مَعْنًى عَنْهُمَا وَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الِاعْتِبَارِ الْمُقَسَّمِ فِي الْأَقْسَامِ وَأَنَّ الِانْقِسَامَ إلَى الْكُلِّيِّ، وَالْجُزْئِيِّ جَارٍ فِي الْمُرَكَّبَاتِ أَيْضًا فَجَازَ أَنْ يَكُونَ عُدُولُ الْمُصَنِّفِ إلَى جَعْلِ التَّقْسِيمِ لِمُطْلَقِ اللَّفْظِ الشَّامِلِ لِلْمُرَكَّبِ إشَارَةً إلَى جَرَيَانِهِ فِيهِ أَيْضًا وَأَنَّ تَدَاخُلَ الْأَقْسَامِ لَا مَحْذُورَ فِيهِ.
وَأَقُولُ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَبَاطِلٌ، وَالْعَجَبُ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عِبَارَةَ السَّيِّدِ الْمُوَجَّهَةَ لِتَخْصِيصِ التَّقْسِيمِ إلَى الْكُلِّيِّ، وَالْجُزْئِيِّ بِمَعْنَى الِاسْمِ الَّتِي أَقَرَّهَا الْمُحَقِّقُونَ حَاوَلَ الْقَوْلَ بِجَرَيَانِهِمَا فِي أَخَوَيْهِ مُعَلِّلًا بِالتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ غَيْرُ نَافِعٍ، بَلْ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ قَوْلَهُ لَا يَجُوزُ خُلُوُّ مَعْنًى عَنْهُمَا قَدْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ مِنْ كَلَامِ السَّيِّدِ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ كَلَامَهُ، وَالتَّقَابُلُ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ جَارِيًا فِي سَائِرِ الْمَوَادِّ، بَلْ مُتَقَابِلَانِ فِيمَا اخْتَصَّا بِهِ، وَهُوَ الِاسْمُ فَلَا يَجُوزُ خُلُوُّ مَعْنَاهُ عَنْهُمَا لَا خُلُوُّ كُلِّ مَعْنًى عَنْهُمَا، وَمَا ذَكَرَهُ إنَّمَا هُوَ فِي تَقَابُلُ التَّضَادِّ.
وَقَدْ نَصَّ السَّيِّدُ قُدِّسَ سِرُّهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ حَاشِيَةِ الشَّمْسِيَّةِ أَنَّ التَّقَابُلَ بَيْنَ الْكُلِّيِّ، وَالْجُزْئِيِّ الْحَقِيقِيِّ تَقَابُلُ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ خُصُوصُ الْمَحَلِّ، فَالْعَمَى، وَالْبَصَرُ مُتَقَابِلَانِ فِي زَيْدٍ الْأَعْمَى لَا فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ الْإِنْسَانِ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ هُنَا وَأَمَّا الثَّانِي فَمُخَالِفٌ لِمَا طَفَحَتْ بِهِ كُتُبُ الْمَعْقُولِ أَنَّ حَقِيقَةَ الْمُقَسَّمِ مَلْحُوظَةٌ فِي كُلِّ قِسْمٍ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْكُلِّيِّ وَاَلَّذِي تَضَمَّنَتْهُ الْأَقْسَامُ حِصَصُهُ؛ وَلِذَلِكَ قَالُوا إنَّ التَّقْسِيمَاتِ تَتَضَمَّنُ تَعَارِيفَ الْأَقْسَامِ.
وَأَمَّا الثَّالِثُ؛ فَلِأَنَّ جَرَيَانَ الْكُلِّيَّةِ، وَالْجُزْئِيَّةِ فِي مُرَكَّبٍ مَا نَادِرٌ كَمَا فِي الْجِسْمِ النَّامِي مَثَلًا، وَالنَّادِرُ غَيْرُ مُلْتَفَتٍ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُمْ قَالُوا بِتَأْوِيلِ مِثْلِهِ بِمُفْرَدٍ لِيَطَّرِدَ الْبَابُ.
وَأَمَّا الرَّابِعُ فَإِنَّ تَدَاخُلَ الْأَقْسَامِ لَا مَحْذُورَ فِيهِ؛ إذْ سَائِرُ التَّقْسِيمَاتِ