فَلَا إذَنْ» فَيَعُمُّ كُلَّ بَيْعٍ لِلرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، وَالْخُصُوصُ كَمَا «قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِلٌ: تَوَضَّأْت مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ يُجْزِيكَ» فَلَا يَعُمُّ غَيْرَهُ (وَالْمُسْتَقِلُّ) دُونَ السُّؤَالِ (الْأَخَصُّ) مِنْهُ (جَائِزٌ إذَا أَمْكَنَتْ مَعْرِفَةُ الْمَسْكُوتِ) مِنْهُ كَأَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ» كَالْمُظَاهِرِ فِي جَوَابِ مَنْ أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مَاذَا عَلَيْهِ فَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: جَامَعَ أَنَّ الْإِفْطَارَ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَإِذَا لَمْ تُمْكِنْ مَعْرِفَةُ الْمَسْكُوتِ مِنْ الْجَوَابِ فَلَا يَجُوزُ لِتَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ (وَالْمُسَاوِي وَاضِحٌ) كَأَنْ يُقَالَ: مَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ كَالظِّهَارِ فِي جَوَابِ مَاذَا عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَكَأَنْ يُقَالَ لِمَنْ قَالَ: جَامَعْت فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مَاذَا عَلَيَّ: عَلَيْك كَفَّارَةٌ كَالظِّهَارِ.
وَالْأَعَمُّ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ (وَالْعَامُّ) الْوَارِدُ عَلَى (سَبَبٍ خَاصٍّ) فِي سُؤَالٍ أَوْ غَيْرِهِ (مُعْتَبَرٌ عُمُومُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ) نَظَرًا لِظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَقِيلَ: هُوَ مَقْصُورٌ عَلَى السَّبَبِ لِوُرُودِهِ فِيهِ، مِثَالُهُ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ وَلُحُومُ الْكِلَابِ
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: فَلَا إذْنَ) هُوَ الْجَوَابُ وَهُوَ عَامٌّ لِكُلِّ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ صَدَرَ مِنْ السَّائِلِ أَوْ غَيْرِهِ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ بِدُونِ السُّؤَالِ اهـ. ز.
(قَوْلُهُ: فَيَعُمُّ كُلَّ بَيْعٍ) صَدَرَ مِنْ السَّائِلِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: يُجْزِيك) مِثَالٌ لِكَوْنِ الْجَوَابِ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ وَخَاصٍّ بِالسَّائِلِ عَنْ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَا يَعُمُّ غَيْرَ السَّائِلِ فَالضَّمِيرُ فِي لَا يَعُمُّ غَيْرَهُ لِلسَّائِلِ، وَيَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْوُضُوءِ وَالْمَعْنَى يُجْزِيك أَيْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ فَلَا يَعُمُّ غَيْرَهُ أَيْ غَيْرَ ذَلِكَ الْوُضُوءِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَقِلُّ) وَهُوَ بِحَيْثُ لَوْ اُبْتُدِئَ بِهِ كَانَ مُفِيدًا لِلْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: الْأَخَصُّ) أَيْ بِحَسَبِ مَنْطُوقِهِ وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَ بِحَسَبِ مَنْطُوقِهِ وَمَفْهُومِهِ مُسَاوِيًا (قَوْلُهُ: جَائِزٌ) أَيْ الْإِجَابَةُ بِهِ جَائِزَةٌ صَحِيحَةٌ، أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى جَائِزُ الْوُقُوعِ لَا مَانِعَ مِنْ وُقُوعِهِ لُغَةً وَلَا شَرْعًا (قَوْلُهُ: مَعْرِفَةُ الْمَسْكُوتِ) أَيْ الْحُكْمِ الْمَسْكُوتِ، وَمِنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِ " مَعْرِفَةُ " وَضَمِيرُهُ يَرْجِعُ لِلْجَوَابِ لَا يُقَالُ: إذَا كَانَتْ مَعْرِفَتُهُ مُمْكِنَةً كَانَ مُسَاوِيًا لَا أَخَصَّ لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَخَصِّيَّةُ بِاعْتِبَارِ الْمَنْطُوقِ، وَالْمُسَاوَاةُ بِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ، وَإِمْكَانُ تِلْكَ الْمَعْرِفَةِ أَنْ يَكُونَ فِي الْجَوَابِ تَنْبِيهٌ عَلَى حُكْمِ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ، وَأَنْ يَكُونَ السَّائِلُ أَهْلًا لِلتَّنْبِيهِ لِذَلِكَ، وَأَنْ يَبْقَى مِنْ وَقْتِ الْعَمَلِ زَمَنٌ يَسَعُ التَّأَمُّلَ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ التَّنْبِيهُ (قَوْلُهُ: كَالْمُظَاهِرِ) التَّشْبِيهُ تَامٌّ عَلَى مَذْهَبِنَا - مَعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ - فَإِنَّ كَفَّارَةَ الصَّوْمِ عِنْدَنَا مُرَتَّبَةٌ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ مُخَيَّرَةٌ (قَوْلُهُ: مَنْ أَفْطَرَ إلَخْ) عَامٌّ يَشْمَلُ الْجِمَاعَ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ جَامَعَ) لِأَنَّ قَوْلَهُ: مَنْ جَامَعَ إلَخْ فِي قُوَّةِ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ عَلَى الْمُشْتَقِّ الْمُؤْذِنِ بِالْعِلِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ إلَخْ) مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ فِي ضِمْنِ الْعَامِّ فَإِنَّ قَوْلَهُ: وَالْعَامُّ إلَخْ غَيْرُ قَاصِرٍ عَلَى الْجَوَابِ وَالسُّؤَالِ (قَوْلُهُ وَالْمُسَاوِي وَاضِحٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَقِلًّا أَمْ لَا؛ وَلِهَذَا مَثَّلَ الشَّارِحُ لَهُ بِمِثَالَيْنِ أَوَّلُهُمَا لِلْمُسْتَقِلِّ، وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَطْفِ الْمُسَاوِي عَلَى الْمُسْتَقِلِّ، وَفِيهِ تَكْرَارٌ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُسْتَقِلِّ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَالْأَوْجَهُ عَطْفُهُ عَلَى الْأَخَصِّ، وَالْمُسَاوِي صَادِقٌ بِالْمُسَاوَاةِ فِي الْعُمُومِ، وَفِي الْخُصُوصِ فَالْمِثَالُ الْأَوَّلُ لِلْعُمُومِ، وَالثَّانِي لِلْخُصُوصِ لَكِنْ بِزِيَادَةِ إنْ جَامَعْت فِي نَهَارِ رَمَضَانَ بَعْدُ عَلَيْك قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فِي سُؤَالٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ السُّؤَالُ عَامًّا، أَوْ لَا وَفِي سُؤَالٍ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِسَبَبٍ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: الْوَارِدُ أَوْ فِي شَأْنِ سُؤَالٍ وَجُمْلَةُ قَوْلِهِ وَالْعَامُّ إلَخْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ جَوَابُ السَّائِلِ إلَخْ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِظَاهِرِ اللَّفْظِ) إذْ الْحُجَّةُ فِي اللَّفْظِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْعُمُومَ، وَالسَّبَبُ لَا يَصْلُحُ مُعَارِضًا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: هُوَ مَقْصُودٌ إلَخْ) نَسَبَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ: إنَّهُ الَّذِي صَحَّ عِنْدَنَا مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَكَذَا نَقَلَهُ تِلْمِيذُهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ (قَوْلُهُ: أَتَتَوَضَّأُ) بِتَاءَيْنِ مُثَنَّاتَيْنِ خِطَابٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: بُضَاعَةَ) فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ أَهْلُ اللُّغَةِ يَضُمُّونَ الْبَاءَ وَيَكْسِرُونَهَا وَالْمَحْفُوظُ الضَّمُّ وَفِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ حَكَى بَعْضُهُمْ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَالَهُ بَعْضُ حَوَاشِي التَّلْوِيحِ (قَوْلُهُ: الْحِيَضُ) جَمْعُ حِيضَةٍ كَكِسْرَةٍ وَكِسَرٍ وَدِيمَةٍ وَدِيَمٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ حَيْضَةٍ بِالْفَتْحِ كَضِيَعِ جَمْعُ ضَيْعَةٍ، وَالْمُرَادُ إلْقَاءُ خِرَقِ الْحِيَضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute