للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الِاسْتِقْلَالُ بِالِاسْتِنْبَاطِ أَيْضًا وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ عَكْسَ هَذَا أَيْضًا أَيْ جَوَازَهُ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ دُونَ الْمَنْصُوصَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَةَ قَطْعِيَّةٌ فَلَوْ تَعَدَّدَتْ لَزِمَ الْمُحَالُ الْآتِي بِخِلَافِ الْمُسْتَنْبَطَةِ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ فِيهَا عِنْدَ الشَّارِعِ مَجْمُوعَ الْأَوْصَافِ وَأَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْقَوْلَ لِقَوْلِهِ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ (وَمَنَعَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ شَرْعًا مُطْلَقًا) مَعَ تَجْوِيزِهِ عَقْلًا قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ شَرْعًا لَوَقَعَ وَلَوْ نَادِرًا لَكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ.

وَأُجِيبَ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ اللُّزُومِ بِمَنْعِ عَدَمِ الْوُقُوعِ وَأُسْنِدَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَسْبَابِ الْحَدَثِ وَالْإِمَامُ يَجْعَلُ الْحُكْمَ فِيهَا مُتَعَدِّدًا أَيْ: الْحُكْمَ الْمُسْتَنِدَ إلَى وَاحِدٍ مِنْهَا غَيْرَ الْمُسْتَنِدِ إلَى آخَرَ وَإِنْ اتَّفَقَا نَوْعَانِ (وَقِيلَ يَجُوزُ فِي التَّعَاقُبِ) دُونَ الْمَعِيَّةِ لِلُزُومِ الْمُحَالِ الْآتِي لَهَا بِخِلَافِ التَّعَاقُبِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُوجَدُ فِي الثَّانِيَةِ مَثَلًا مِثْلُ الْأَوَّلِ لَا عَيْنُهُ (وَالصَّحِيحُ الْقَطْعُ بِامْتِنَاعِهِ) عَقْلًا لِلُّزُومِ الْمُحَالِ مِنْ وُقُوعِهِ

ــ

[حاشية العطار]

أَيْ فَلَا نَجْزِمُ بِهِ بَلْ يُحْتَمَلُ وَيُحْتَمَلُ قَوْلُهُ بِأَنْ يَتَعَيَّنَ الِاسْتِقْلَالُ إلَخْ أَيْ فَلَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: بِالِاسْتِنْبَاطِ) أَيْ اسْتِنْبَاطِ الْعَقْلِ كُلَّ وَصْفٍ بِالْعِلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: لَزِمَ الْمُحَالَ الْآتِي) الَّذِي هُوَ جَمْعُ النَّقِيضَيْنِ وَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ؛ لِأَنَّ دَلَالَتَهَا قَطْعِيَّةٌ لَا تَتَخَلَّفُ وَفِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْصُوصٍ قَطْعِيٍّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَعَدُّدُ الْعَلَامَاتِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُ الْمُحَالَ الْآتِي وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا جَازَ ذَلِكَ يَهْدِمُ مَا ادَّعَاهُ مِنْ التَّعَدُّدِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ جَوَازَ التَّعَدُّدِ ظَنًّا وَهُوَ لَا يُنَافِي الِاحْتِمَالَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الشَّارِعِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا عِلَّةً عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ إذْ الْعِبْرَةُ بِاعْتِبَارِ الشَّارِعِ

(قَوْلُهُ: لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ) أَيْ لَمْ أَرَهُ مَحْكِيًّا لِغَيْرِهِ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ قَوْلًا لِابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ مَنْصُوصَةً كَانَتْ أَوْ مُسْتَنْبَطَةً فِي التَّعَاقُبِ أَوْ فِي الْمُعَيَّنَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمٍ إلَخْ) وَإِلَّا فَالْجَوَازُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْوُقُوعَ (قَوْلُهُ: وَأَسْنَدَ) أَيْ قَوَّى الْمَنْعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّفَقَا نَوْعًا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا نَوْعًا فِي مُطْلَقِ الْحَدَثِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا تَعَسُّفٌ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ وَمُجَرَّدُ تَجْوِيزِ التَّعَدُّدِ لَا يَكْفِي الْإِمَامَ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَدِلٌّ (قَوْلُهُ: فِي التَّعَاقُبِ) أَيْ تَعَاقُبِ الْعِلَلِ بِأَنْ يَكُونَ الْعِلَّةُ أَحَدَهُمَا عَلَى الْبَدَلِ لَا ذِكْرِهِمَا فِي زَمَانَيْنِ كَمَا قَرَّرَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُلْتَفَتٍ إلَيْهِ إذْ الْمُلْتَفَتُ إلَيْهِ عِلَّةُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: مِثْلُ الْأَوَّلِ إلَخْ) نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ إلَّا أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالتَّعَاقُبِ وَفِيهِ إذَا كَانَ الثَّانِي مِثْلَ الْأَوَّلِ كَانَ التَّعَدُّدُ ظَاهِرِيًّا فَقَطْ وَإِلَّا فَلَا تَعَدُّدَ حِينَئِذٍ لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: امْتِنَاعُهُ عَقْلًا) قَالَ سم يُوهِمُ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ عَقْلًا جَوَازَهُ شَرْعًا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادًا إذْ الْمُمْتَنِعُ عَقْلًا مُمْتَنِعٌ شَرْعًا اهـ.

وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ مَنْصُوصَةً كَانَتْ أَوْ مُسْتَنْبَطَةً فِي التَّعَاقُبِ أَوْ فِي الْمَعِيَّةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لَا يَجُوزُ عَقْلًا اجْتِمَاعُ عِلَّتَيْنِ عَلَى مَعْلُولٍ وَاحِدٍ وَهَذَا الْأَصْلُ مَهَّدْنَاهُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَنَاضَلْنَا عَنْهُ وَادَّعَيْنَا قِيَامَ الْقَاطِعِ عَلَيْهِ وَحَكَمْنَا بِأَنَّ مُخَالِفَهُ مَحْجُوجٌ بِبَرَاهِينِ الْعُقُولِ.

وَكَلَامُ الْعُقَلَاءِ فِي جَمِيعِ الْعُلُومِ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ مُطَابِقٌ عَلَى هَذَا وَمَا هِيَ عِنْدِي إلَّا قَاعِدَةٌ كَامِنَةٌ فِي أَفْئِدَةِ الْعُقَلَاءِ وَاخْتِلَافُ الْأُصُولِيِّينَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ نَظَرِهِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ بِخُصُوصِهَا، ثُمَّ إذَا خَاضُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>