للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية العطار]

بَعِيدًا عَنْهَا وَجَدْت أَفْئِدَتَهُمْ تَحُومُ حَوْلَ الْمَنْعِ فَلَا يُوجَدُ وَصْفَانِ فَصَاعِدًا يَحْسُنُ أَنْ يُضَافَ الْحُكْمُ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنْ يَتَعَاقَبَا وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى الْأَوَّلِ كَمَا فِي السَّبَبَيْنِ إذَا اجْتَمَعَا كَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا عَلَى حَدَثٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا طَهَارَةٌ أَنَّ الْحَدَثَ الثَّانِيَ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا وَيَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ إذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْقَدِيمِ فِي أَنَّ سَبْقَ الْحَدَثِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ بَاقِيَ حَدَثِهِ عَمْدًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَقَدْ يُضَافُ إلَى الثَّانِي فَقَطْ كَمَا فِي اجْتِمَاعِ السَّبَبِ وَالْمُبَاشَرَةِ، وَقَدْ يُضَافُ إلَى أَمْثَلِهِمَا وَأَشْبَهِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِي الْوَجْهِ الثَّانِي أَنْ يُوجَدَا مَعًا فَإِمَّا أَنْ يَبْطُلَ عَمَلُهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ يَعْمَلَ أَنْسَبُهُمَا أَوْ يَعْمَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَا بِعَيْنِهِ أَوْ يَعْمَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَلَكِنْ يَكُونُ النَّاشِئُ حُكْمَيْنِ لَا حُكْمًا وَاحِدًا فَهَذِهِ خَمْسُ طُرُقٍ لَا سَادِسَ لَهَا وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إعْمَالُ عِلَّتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ بَلْ إمَّا لَا إعْمَالَ فَلَا حُكْمَ فِرَارًا مِنْ الْعَمَلِ بِعِلَّتَيْنِ، وَإِمَّا إعْمَالٌ وَلَكِنْ حُكْمَانِ أَوْ إعْمَالٌ وَلَكِنْ لِعِلَّةٍ وَالشَّرِيعَةُ عَلَى هَذَا جَارِيَةٌ وَفُرُوعُ الْفِقْهِ دَائِرَةٌ ثُمَّ ذَكَرَ فُرُوعًا نَفِيسَةً أَذْكُرُ لَك بَعْضَهَا مِنْهَا أَنَّهُ إذَا وَكَّلَ اثْنَيْنِ فِي خُلْعِ امْرَأَتِهِ هَذَا عَلَى أَلْفٍ وَهَذَا عَلَى أَلْفَيْنِ فَأَوْقَعَا الْخُلْعَ مَعًا، فَقَالَتْ قَبِلْت مِنْكُمَا أَوْ كَانَتْ وَكَّلَتْ وَكِيلَيْنِ فَطَلَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ وَكِيلَيْ الزَّوْجِ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ وَكِيلَيْ الزَّوْجَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي الْفَتَاوَى لَا يَقَعُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِ الرَّجُلِ مُعَاوَضَةٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِبَيْعِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ وَآخَرَ بِبَيْعِهِ بِأَلْفَيْنِ فَبَاعَا مَعًا لَا يَصِحُّ

وَمِنْهَا الْقَاتِلُ الْمُرْتَدُّ ازْدَحَمَ عَلَى قَتْلِهِ عِلَّتَانِ الْقَتْلُ فَنَأْخُذُهُ قِصَاصًا، وَالرِّدَّةُ فَنَأْخُذُهُ تَطْهِيرًا لِلْأَرْضِ مِنْ الْمُفْسِدِينَ وَلَا يُمْكِنُ إعْمَالُهُمَا لِضِيقِ الْمَحَلِّ عَنْهُمَا وَلَوْ ارْتَفَعَ أَحَدُهُمَا بِأَنْ يَعُودَ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ يَعْفُوَ عَنْهُ وَلِيُّ الدَّمِ لَعَمِلَتْ الْعِلَّةُ الْأُخْرَى عَمَلَهَا غَيْرَ أَنَّ الْغَرَضَ ازْدِحَامُ الْعِلَّتَيْنِ فَنُعْمِلُ عِلَّةَ الْقِصَاصِ وَنُسَلِّمُهُ إلَى وَلِيِّ الدَّمِ، وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ غَرَضَ الشَّارِعِ مِنْ تَطْهِيرِ الْأَرْضِ مِنْ الْمُفْسِدِينَ حَاصِلٌ بِإِزْهَاقِ الْوَجْهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ

وَغَرَضُ وَلِيِّ الدَّمِ مِنْ التَّشَفِّي لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمُبَاشَرَةِ الْقَتْلِ فَيُسَلَّمُ إلَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِإِعْمَالِ الْعِلَّتَيْنِ وَأَنَّ الْقَتْلَ يَقَعُ عَنْ الْأَمْرَيْنِ، وَمِنْهَا لَوْ اسْتَوْلَدَ مُدَبَّرَتَهُ فَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ أَكْثَرُ سَلَفِ الْأَصْحَابِ وَخَلَفُهُمْ أَنَّهُ يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ أَقْوَى فَيَرْتَفِعُ بِهِ الْأَضْعَفُ كَمَا يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ الْمُسْتَوْلَدَةِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ وَمِنْهَا الْوَارِثُ الْحَائِزُ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مُوَرِّثِهِ فَفِيهِ سَبَبَا الْإِرْثِ وَالدَّيْنِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْأَوَّلِ لِقُوَّتِهِ إذْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى شَيْءٍ فِي جِهَةِ الدَّيْنِ تَتَوَقَّفُ عَلَى إقْبَاضٍ وَتَعْوِيضٍ وَهُمَا مُتَعَذِّرَانِ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ مِلْكُهُ، وَمِنْهَا عِتْقُ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ وَاقِعٌ لِكَوْنِهِ مَالِكًا مُوسِرًا وَبِهَذَا خَرَجَ الْمُعْسِرُ وَالْعِلَّةُ مَجْمُوعُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْيَسَارِ، ثُمَّ قَالَ وَإِذَا ازْدَحَمَ عِلَّتَانِ عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ فَالْعِلَّةُ الْعَامَّةُ لِعُمُومِهَا وَتَسْقُطُ الْخَاصَّةُ عَنْ دَرَجَةِ الِاعْتِبَارِ مُطْلَقًا وَقَدْ يُقَالُ الْعِلَّةُ فِي مَوْضِعِ الْخُصُوصِ الْخَاصَّةُ وَفِيمَا عَدَاهُ الْعَامَّةُ وَهَذَا إجْحَافٌ وَإِخْرَاجٌ لِوَصْفِ الْعُمُومِ عَنْ صَلَاحِيَةِ الْعِلَّةِ فِي مَوْضِعِ الْخُصُوصِ بِلَا دَاعٍ فَمِنْ ذَلِكَ مَنْفَعَةُ الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَنَحْوِهِمَا تُضْمَنُ بِالتَّفْوِيتِ وَالْفَوَاتُ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ. كَذَا قَالُوا وَأَنَا أَرَى الْعِلَّةَ الْفَوَاتَ لَا التَّفْوِيتَ وَأَنَّ خُصُوصَ التَّفْوِيتِ يُلْغَى

فَإِذَا كَانَ بَيْنَ الْعِلَّتَيْنِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ فَالْعَمَلُ مِنْهُمَا لِمَا هُوَ أَقْوَى فِي كُلِّ صُورَةٍ بِخُصُوصِهَا وَلَهُ نَظَائِرُ، مِنْهَا إذَا كَانَ لِلْقَاضِي وَصِيَّةٌ عَلَى يَتِيمٍ فَهُوَ يَتَصَرَّفُ لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَاضٍ وَتِلْكَ صِفَةٌ تَعُمُّ الْيَتِيمَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْيَتَامَى وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَصِيٌّ وَتِلْكَ صِفَةٌ تَبْقَى وَإِنْ زَالَتْ صِفَةُ الْقَضَاءِ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الْقَضَاءِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَالَ خُصُوصُ كَوْنِهِ قَاضِيًا بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذَا الْيَتِيمِ بَقِيَ عُمُومُ كَوْنِهِ وَصِيًّا فَلَا يَخْتَصُّ تَصَرُّفُهُ بِزَمَنِ الْقَضَاءِ، وَقَدْ تَتَعَقَّبُ الْمَحَلَّ عِلَّتَانِ مُقْتَضَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مُقْتَضَى أُخْتِهَا وَنَعْلَمُ أَنَّهُمَا غَيْرَ مُجْتَمِعَيْنِ وَأَنَّ إحْدَاهُمَا وَاقِعَةٌ وَالْأُخْرَى زَائِلَةٌ غَيْرَ أَنَّا لَا نَدْرِي عَيْنَ الذَّاهِبَةِ وَلَا نُمَيِّزُ بَيْنَ الْحَاضِرَةِ وَالْغَائِبَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ التَّعْلِيلِ بِالْمُبْهَمَةِ كَمَا قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>