للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَنْعُ الْإِلْحَاقِ) بِمَحَلِّ مَعْلُولِهَا حَيْثُ يَشْتَمِلُ عَلَى وَصْفٍ مُتَعَدٍّ لِمُعَارَضَتِهَا لَهُ مَا لَمْ يَثْبُتْ اسْتِقْلَالُهُ بِالْعِلِّيَّةِ (وَتَقْوِيَةُ النَّصِّ) الدَّالِّ عَلَى مَعْلُولِهَا بِأَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا (قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ) وَالِدُ الْمُصَنِّفِ (وَزِيَادَةُ الْأَجْرِ عِنْدَ قَصْدِ الِامْتِثَالِ لِأَجْلِهَا) لِزِيَادَةِ النَّشَاطِ فِيهِ حِينَئِذٍ بِقُوَّةِ الْإِذْعَانِ لِقَبُولِ مَعْلُولِهَا وَمِنْ صُوَرِهَا مَا ضَبَطَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا تَعَدِّيَ لَهَا) أَيْ لِلْعِلَّةِ (عِنْدَ كَوْنِهَا مَحَلَّ الْحُكْمِ أَوْ جُزْأَهُ الْخَاصَّ) بِأَنْ لَا يُوجَدَ فِي غَيْرِهِ (أَوْ وَصْفَهُ اللَّازِمَ) بِأَنْ لَا يَتَّصِفَ بِهِ غَيْرُهُ لِاسْتِحَالَةِ التَّعَدِّي حِينَئِذٍ. مِثَالُ الْأَوَّلِ تَعْلِيلُ حُرْمَةِ الرِّبَا فِي الذَّهَبِ بِكَوْنِهِ ذَهَبًا وَفِي الْفِضَّةِ كَذَلِكَ وَمِثَالُ الثَّانِي تَعْلِيلُ نَقْضِ الْوُضُوءِ

ــ

[حاشية العطار]

فَلَا حَاجَةَ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُنَاسَبَةِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ إنَّمَا عَبَدَ لِتِلْكَ الْمُنَاسَبَةِ كَذَا اعْتَرَضَ الْكُورَانِيُّ وَيُجَابُ بِأَنَّ النَّظَرَ لِلْمُنَاسَبَةِ مِنْ حَيْثُ أَمْرُ اللَّهِ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا وَهُوَ أَشَدُّ فِي الِامْتِثَالِ لِامْتِثَالِ النَّصِّ وَامْتِثَالِ حِكْمَةِ الشَّارِعِ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَمَنْعُ الْإِلْحَاقِ إلَخْ) كَتَعْلِيلِ حُرْمَةِ الرِّبَا بِكَوْنِهِ بُرًّا فَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَمْنَعُ إلْحَاقَ الْأُرْزِ بِالْبُرِّ وَالْبُرُّ اشْتَمَلَ عَلَى وَصْفٍ مُتَعَدِّدٍ وَهُوَ الطُّعْمُ فَتَعَارَضَا فَتَسَاقَطَا

(قَوْلُهُ: حَيْثُ يَشْتَمِلُ عَلَى وَصْفٍ مُتَعَدٍّ إلَخْ) قَيَّدَ بِهَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ لِيَنْدَفِعَ بِهَا الِاعْتِرَاضُ بِدُونِهَا عَلَى مَنْ قَرَّرَ الْفَائِدَةَ الْمَذْكُورَةَ بِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ قُصُورَ الْعِلَّةِ عَلِمَ امْتِنَاعَ إلْحَاقِ فَرْعٍ بِمَحَلِّ مَعْلُولِهَا لِانْتِفَائِهَا عَنْهُ فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ مَوْضُوعِ الْقِيَاسِ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ بِلَا فَرْعٍ وَلَا فَرْعَ هُنَا.

فَأَجَابَ الشَّارِحُ كَغَيْرِهِ بِأَنَّ الْفَائِدَةَ تَكُونُ حَيْثُ اشْتَمَلَ مَحَلُّ الْمَعْلُولِ عَلَى وَصْفٍ آخَرَ مُتَعَدٍّ إذْ الْقَاصِرَةُ تُعَارِضُهُ فَلَا يُقَاسُ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جُزْئَيْ الْعِلَّةِ فَلَا تَعْدِيَةَ وَأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً فَتَحْصُلُ التَّعْدِيَةُ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ يَثْبُتُ بِهِ أَنَّ الْوَصْفَ الْمُتَعَدِّيَ مُسْتَقِلٌّ بِالْعِلِّيَّةِ لَا جُزْءٌ لِتَصِحَّ التَّعْدِيَةُ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا سَيَأْتِي فِي التَّرْجِيحَاتِ مِنْ أَنَّهُمَا إذَا اجْتَمَعَا قُدِّمَتْ الْمُتَعَدِّيَةُ عَلَى قَوْلٍ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَتَا لِحُكْمَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. زَكَرِيَّا

(قَوْلُهُ: لِمُعَارَضَتِهَا) أَيْ الْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ لِجَوَازِ أَنَّهَا هِيَ الْعِلَّةُ فِي الْوَاقِعِ أَوْ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا) أَيْ لَا قَطْعِيًّا حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى التَّقْوِيَةِ وَإِلَّا فَالنَّصُّ الْقَطْعِيُّ قَوِيٌّ بِنَفْسِهِ لِعَدَمِ قَبُولِهِ التَّأْوِيلَ، وَفِيهِ أَنَّ مَرَاتِبَ النَّصِّ وَالْيَقِينِ تَتَفَاوَتُ (قَوْلُهُ: لِزِيَادَةِ النَّشَاطِ) عِلَّةٌ لِزِيَادَةِ الْأَجْرِ عِنْدَ قَصْدِ الِامْتِثَالِ لِأَجْلِ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ هُنَاكَ عِبَادَتَانِ امْتِثَالُ الْأَمْرِ وَالْحِكْمَةُ وَهَذَا قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمُنَاسَبَةِ وَالنَّشَاطُ لَا يُنَافِي كَوْنَ أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ أَحَمْزَهَا أَيْ أَشَدَّهَا عَلَى النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَشَدِّيَّةُ بِكَثْرَةِ الْعِبَادَةِ وَصُعُوبَتِهِ فِي نَفْسِهِ لَا لِعَدَمِ انْشِرَاحِ الصَّدْرِ لَهُ لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَى حِكْمَتِهِ وَإِنْ قَلَّ وَهَذَا لَا يُنَافِي النَّشَاطَ فَانْدَفَعَ بَحْثُ الْكُورَانِيِّ بِأَنَّ مَا لَا يُطَّلَعُ عَلَى حِكْمَتِهِ أَشَقُّ عَلَى النَّفْسِ وَأَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ أَحَمْزُهَا (قَوْلُهُ: لِقُوَّةِ الْإِذْعَانِ) عِلَّةٌ لِزِيَادَةِ النَّشَاطِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى بِنَاءِ هَذِهِ الْفَائِدَةِ عَلَى الْفَائِدَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: أَوْ وَصْفِهِ اللَّازِمِ) يَعْنِي اللَّازِمَ الْخَاصَّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِأَنَّ إلَخْ لِيُخْرِجَ اللَّازِمَ الْعَامَّ فَإِنَّهُ كَالْجُزْءِ الْعَامِّ اهـ زَكَرِيَّا.

وَفِيهِ أَنَّ اللَّازِمَ لَا يَكُونُ خَاصًّا بَلْ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَامًّا أَوْ مُسَاوِيًا ثُمَّ إنَّ تَعْبِيرَهُ أَوَّلًا بِالْخَاصِّ وَثَانِيًا بِاللَّازِمِ تَفَنُّنٌ وَكَذَا قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يُوجَدَ وَأَنْ لَا يَتَّصِفَ (قَوْلُهُ: بِكَوْنِهِ ذَهَبًا) فِيهِ أَنَّ هَذَا مِنْ التَّعْلِيلِ بِالْوَصْفِ وَمُقْتَضَى كَوْنِ الْعِلَّةِ الْمَحَلُّ أَنْ تُجْعَلَ الْعِلَّةُ الذَّهَبَ نَفْسَهُ قَالَهُ النَّاصِرُ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّ هَذَا مَحَطُّ التَّعْلِيلِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَلْزَمُ الرِّكَّةَ إذَا قَالَ حُرْمَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>