للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوَقَعَ إمَّا مُبَيِّنًا فَيَطُولُ بِلَا فَائِدَةٍ، أَوْ غَيْرَ مُبَيِّنٍ فَلَا يُفِيدُ الْقُرْآنُ يُنَزَّهُ عَنْ ذَلِكَ، وَمَنْ نَفَى الْوُقُوعَ فِي الْحَدِيثِ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ فِيهِ.

وَأُجِيبَ بِاخْتِيَارِ أَنَّهُ وَقَعَ فِيهِمَا غَيْرَ مُبَيِّنٍ وَيُفِيدُ إرَادَةَ أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ مَثَلًا الَّذِي سَيُبَيِّنُ، وَذَلِكَ كَافٍ فِي الْإِفَادَةِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي الْأَحْكَامِ الثَّوَابُ، أَوْ الْعِقَابُ بِالْعَزْمِ عَلَى الطَّاعَةِ، أَوْ الْعِصْيَانِ بَعْدَ الْبَيَانِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي (وَقِيلَ:) هُوَ (وَاجِبُ الْوُقُوعِ) ؛ لِأَنَّ الْمَعَانِي أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا.

وَأُجِيبَ بِمَنْعِ ذَلِكَ؛ إذْ مَا مِنْ مُشْتَرَكٍ إلَّا وَلِكُلٍّ مِنْ مَعْنَيَيْهِ مَثَلًا لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ: لَوَقَعَ إمَّا مُبَيِّنًا إلَخْ) مَحَطُّ الْجَزَاءِ قَوْلُهُ إمَّا مُبَيِّنًا فَلَا يَلْزَمُ اتِّحَادُ الشَّرْطِ، وَالْجَزَاءِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا تَرْدِيدٌ صُورِيٌّ، وَإِلَّا، فَالْبَيَانُ لَا بُدَّ مِنْهُ إمَّا فِي الْحَالِ، أَوْ الْمَالِ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الَّذِي سَيُبَيَّنُ، فَالطُّولُ لَازِمٌ مُطْلَقًا عَلَى كُلِّ حَالٍ.

وَقَدْ نُقِضَ هَذَا الدَّلِيلُ بِجَرَيَانِهِ فِي أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ فَإِنَّهَا وَاقِعَةٌ مَعَ عَدَمِ دَلَالَتِهَا عَلَى خُصُوصِيَّاتِ مُسَمَّيَاتِهَا وَلَوْ صَحَّ الدَّلِيلُ لَمَا وَقَعَتْ بِعَيْنِ مَا ذَكَرْتُمْ.

(قَوْلُهُ: فَيَطُولُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبَيَانِ الطُّولُ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْبَيَانُ بِنَفْسِ الْحُكْمِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ لِغَيْرِهِ نَحْوُ شَرِبْت عَيْنًا فَإِنَّهُ مُسَاوٍ لِشَرِبْتُ مَاءً وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَضِيَّةَ جُزْئِيَّةٌ، أَيْ: قَدْ يَطُولُ وَفِيهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَنْتِجُ عَدَمُ وُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: بِلَا فَائِدَةٍ) إنْ أُرِيدَ الطُّولُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، فَالْوَصْفُ مُخَصِّصٌ، وَإِنْ أُرِيدَ الطُّولُ الِاصْطِلَاحِيُّ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى أَصْلِ الْمُرَادِ لَا لِفَائِدَةٍ، فَالْوَصْفُ كَاشِفٌ قَالَ سم وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الطُّولِ عَدَمُ الْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ التَّفْصِيلَ بَعْدَ الْإِجْمَالِ، وَهِيَ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ لِإِفَادَتِهَا الْكَلَامَ فَضْلَ تَمَكُّنٍ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَ مُبَيِّنٍ فَلَا يُفِيدُ) قَدْ يُقَالُ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُتَشَابِهِ وَوُقُوعَهُ فِي الْقُرْآنِ غَيْرُ مُنْكَرٍ.

(قَوْلُهُ: أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ) الْمُرَادُ فَرْدٌ مُعَيَّنٌ فِي الْخَارِجِ لَا فَرْدٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الَّذِي سَيُبَيَّنُ.

(قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ، أَوْ مَعَانِيهِ.

(قَوْلُهُ: الَّذِي سَيُبَيَّنُ) نَعْتٌ لِأَحَدِ، أَيْ: وَغَايَةُ مَا يَلْزَمُ تَأَخُّرُ الْبَيَانِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: بِالْعَزْمِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَتَرَتَّبُ، أَيْ: الْعَزْمُ الْآنَ (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ) أَيْ عِنْدَ مَنْ يَرَى حَمْلَهُ عَلَيْهِمَا، وَهَذَا غَيْرُ قَادِحٍ فِي إفَادَةِ أَرَادَ أَحَدَهُمَا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَعَانِي أَكْثَرُ) أَيْ الْمَعَانِي الْمَوْضُوعَ لَهَا أَلْفَاظٌ فَلَا يُنَافِي فِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ مَعْنًى لَفْظٌ قَالَهُ فِي الْمَعَانِي مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: الدَّالَّةِ عَلَيْهَا إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَعَانِي الْمَوْضُوعُ لَهَا.

(قَوْلُهُ: بِمَنْعِ ذَلِكَ) ، أَيْ: مَنْعِ أَنَّ الْمَعَانِي الْمَوْضُوعَ لَهَا الْأَلْفَاظُ أَكْثَرُ، بَلْ الْأَلْفَاظُ أَكْثَرُ، بَلْ ادَّعَى الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمُشْتَرَكَةَ أَغْلَبُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَلْفَاظِ قَالَ؛ لِأَنَّ الْأَفْعَالَ بِأَسْرِهَا مُشْتَرَكَةٌ الْمَاضِي بَيْنَ الْخَبَرِ، وَالْإِنْشَاءِ، وَالْمُضَارِعُ بَيْنَ الْحَالِ، وَالِاسْتِقْبَالِ، وَالْأَمْرُ بَيْنَ الْوُجُوبِ، وَالنَّدْبِ كَذَا الْحَرْفُ بِشَهَادَةِ النُّحَاةِ وَبَعْضُ الْأَسْمَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَيَكُونُ الْمُشْتَرَكُ غَالِبًا وَرَدَّهُ الْبُدَخْشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بِأَنَّ اشْتِرَاكً جَمِيعِ الْأَفْعَالِ الْمَاضِيَةِ بَيْنَ الْإِنْشَاءِ، وَالْخَبَرِ مَمْنُوعٌ، بَلْ يَعْرِضُ ذَلِكَ لِلْبَعْضِ كَصِيَغِ الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا وَاشْتِرَاكُ الْمُضَارِعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>