للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ حَيْثُمَا أُطْلِقَتْ عَلَى شَيْءٍ مَعْزُوٍّ أَوَّلُهَا لِأَهْلِ الْحَقِّ وَتَعَرَّضَ لَهَا هُنَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ هُنَا بِالسَّبَبِ هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْقِيَاسِ بِالْعِلَّةِ كَالزِّنَا لِوُجُوبِ الْجَلْدِ وَالزَّوَالِ لِوُجُوبِ الظُّهْرِ وَالْإِسْكَارِ لِحُرْمَةِ الْخَمْرِ وَإِضَافَةِ الْأَحْكَامِ إلَيْهَا كَمَا يُقَالُ يَجِبُ الْجَلْدُ بِالزِّنَا وَالظُّهْرُ بِالزَّوَالِ وَتَحْرُمُ الْخَمْرُ لِلْإِسْكَارِ

ــ

[حاشية العطار]

فِي الْمَتْنِ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُمَا أُطْلِقَتْ عَلَى شَيْءٍ) أَيْ فِي كَلَامِ أَهْلِ الشَّرْعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا تُطْلَقُ عِنْدَ الْفَلَاسِفَةِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي وُجُودِ الشَّيْءِ فِي التَّقْيِيدِ بِالْحَيْثِيَّةِ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ اخْتِلَافٌ فِيمَا هُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَهَا مِنْ أَئِمَّةِ الشَّرْعِ لَا أَنَّهَا اصْطِلَاحَاتٌ مُتَخَالِفَةٌ لِقَائِلِهَا.

(قَوْلُهُ: لِأَهْلِ الْحَقِّ) إنْ أُرِيدَ أَهْلُ الْحَقِّ عَقِيدَةً أُشْكِلَ مَا اقْتَضَاهُ مِنْ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِخِلَافِهِ غَيْرُ أَهْلِ الْحَقِّ عَقِيدَةً وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَائِلِ بِالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَإِنْ أُرِيدَ أَهْلُ الْحَقِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَا إشْكَالَ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ التَّكْرَارُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي الَّذِي هُوَ الْحَقُّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَنْ عَزَوْهُ لِأَهْلِ الْحَقِّ أَنْ يَكُونَ فِي نَفْسِهِ حَقًّا فَلِذَلِكَ قَالَ فِيمَا سَيَأْتِي الَّذِي هُوَ الْحَقُّ.

(قَوْلُهُ: تَعَرَّضَ لَهَا) أَيْ بِقَوْلِهِ مُعَرِّفٌ أَوْ غَيْرُهُ وَهُوَ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ لِأَنَّهُ جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: تَنْبِيهًا) وَجْهُ التَّنْبِيهِ أَنَّهُ حَكَى هَذِهِ الْأَقْوَالَ فِي كِلَا الْمَحَلَّيْنِ وَفِيهِ حَوَالَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ لِأَنَّا لَمْ نَعْرِفْ هَذِهِ الْأَقْوَالَ حَتَّى نَصِلَ إلَيْهَا فِي الْكِتَابِ الرَّابِعِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْمُعَبَّرَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ بِالْعِلَّةِ مِنْ الْمُعَرَّفِ أَوْ غَيْرِهِ أُخِذَ عَارِضًا لِلْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالسَّبَبِ حَيْثُ قِيلَ مَا يُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ لِلتَّعَلُّقِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُعَرَّفٌ فَكَيْفَ يَتَّحِدُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِهِمَا قَالَهُ النَّاصِرُ.

وَأَجَابَ سم بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الذَّاتَ الْمُعَبَّرَ عَنْهَا هُنَا بِالسَّبَبِ هِيَ الذَّاتُ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا هُنَاكَ بِالْعِلَّةِ وَأَنَّ الْمَأْخُوذَ عَارِضًا لِذَاتِ السَّبَبِ هُوَ مَفْهُومُ الْعِلَّةِ لَا ذَاتُهَا اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ السُّؤَالَ أَقْوَى لِمَنْ تَدَبَّرَ.

(قَوْلُهُ: كَالزِّنَا إلَخْ) عَدَّدَ الْمِثَالَ لِأَنَّ الْعِلَّةَ إمَّا مُنَاسِبَةٌ لِلْحُكْمِ أَوْ لَا فَالزَّوَالُ عِلَّةٌ غَيْرُ مُنَاسِبَةٍ لِلْحُكْمِ وَهُوَ وُجُوبُ الظُّهْرِ إذْ الزَّوَالُ مَيْلُ الشَّمْسِ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ وَلَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ، وَالزِّنَا وَالْإِسْكَارُ مُنَاسِبَانِ لِأَنَّ وُجُوبَ الْحَدِّ مِنْ جَلْدٍ أَوْ رَجْمٍ مُنَاسِبٌ لِلزِّنَا لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِاخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ الْمُنَاسِبِ لَهُ الزَّجْرُ وَحُرْمَةُ الْخَمْرِ مُنَاسِبٌ لِلْإِسْكَارِ لِكَوْنِهِ مُزِيلًا لِلْعَقْلِ الْمُنَاسِبِ لَهُ الْمَنْعُ وَمَثَّلَ لِلْمُنَاسَبَةِ بِمِثَالَيْنِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا قَائِمًا بِالْمُكَلَّفِ كَالزِّنَا أَوْ بِغَيْرِهِ كَالْإِسْكَارِ.

(قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ الْجَلْدِ) مِثَالٌ لَا قَيْدٌ لَا يُقَالُ بَلْ هُوَ قَيْدٌ لِأَنَّ عِلَّةَ الرَّجْمِ لَيْسَ مُجَرَّدَ الزِّنَا بَلْ هُوَ مَعَ الْإِحْصَانِ لِأَنَّا نَقُولُ الْإِحْصَانُ شَرْطٌ فِي الْعِلَّةِ لَا شَطْرٌ مِنْهَا وَفِي التَّعْبِيرِ عَنْ الْحُكْمِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ بِالْوُجُوبِ وَالْحُرْمَة دُونَ الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي هُوَ الْخِطَابُ السَّابِقُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ وَصْفٌ لَهُ تَعَالَى إيجَابٌ وَتَحْرِيمٌ وَبِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهِ بِالْفِعْلِ وُجُوبٌ وَحُرْمَةٌ فَهُمَا مُتَّحِدَانِ ذَاتًا مُخْتَلِفَانِ اعْتِبَارًا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَإِضَافَةُ الْأَحْكَامِ إلَيْهَا) كَمَا يُقَالُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَالْكَافُ بِمَعْنَى مِثْلٍ وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ وَنَبَّهَ عَنْهُ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِضَافَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَا يُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ الْإِضَافَةَ اللُّغَوِيَّةَ وَهِيَ الِاسْتِنَادُ وَالرَّبْطُ وَإِنَّ الِاسْتِنَادَ وَالرَّبْطَ هُنَا مَا يُفْهَمُ مِنْ نَحْوِ قَوْلِنَا قَتَلَهُ بِالرَّمْيِ وَعَتَقَ بِالشِّرَاءِ فَيَنْحَلُّ قَوْلُنَا السَّبَبُ مَا يُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ إلَى قَوْلِنَا السَّبَبُ مَا يَسْتَنِدُ إلَيْهِ الْحُكْمُ الِاسْتِنَادَ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ فَاللَّامُ التَّعْلِيلِ أَوْ الْبَاءِ الَّتِي بِمَعْنَاهَا.

(قَوْلُهُ: لِلْإِسْكَارِ) عَبَّرَ فِيهِ بِاللَّامِ وَبِالْبَاءِ فِيمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ اللَّامَ بِشَهَادَةِ الذَّوْقِ تُشْعِرُ بِثُبُوتِ الْعِلَّةِ وَلُزُومِهَا لِمَحِلِّهَا وَالْبَاءُ تُشْعِرُ بِتَجَدُّدِهَا وَحُدُوثِهَا تَقُولُ يَحِلُّ بَيْعُ الثَّمَرَةِ بِزَهْرِهَا وَلَا تَقُولُ لِزَهْرِهَا وَتَقُولُ أَعْتَقْت سَالِمًا لِسَوَادِهِ وَلَا تَقُولُ بِسَوَادِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>