للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ.

(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ كَمَا ذِكْرَ بِأَنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَصْلًا كَوُجُوبِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ تَغَيَّرَ إلَى صُعُوبَةٍ كَحُرْمَةِ الِاصْطِيَادِ بِالْإِحْرَامِ بَعْدَ إبَاحَتِهِ قَبْلَهُ أَوْ إلَى سُهُولَةٍ لَا لِعُذْرٍ كَحِلِّ تَرْكِ الْوُضُوءِ لِصَلَاةٍ ثَانِيَةٍ مَثَلًا لِمَنْ يُحْدِثُ بَعْدَ حُرْمَتِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى أَوْ لِعُذْرٍ لَا مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ كَإِبَاحَةِ تَرْكِ ثَبَاتِ الْوَاحِدِ مَثَلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِلْعَشَرَةِ مِنْ الْكُفَّارِ فِي الْقِتَالِ بَعْدَ حُرْمَتِهِ وَسَبَبُهَا قِلَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ تَبْقَ حَالَ الْإِبَاحَةِ لِكَثْرَتِهِمْ حِينَئِذٍ وَعُذْرُهَا مَشَقَّةُ الثَّبَاتِ الْمَذْكُورِ لَمَّا كَثُرُوا (فَعَزِيمَةٌ) أَيْ فَالْحُكْمُ غَيْرُ الْمُتَغَيِّرِ أَوْ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ الصَّعْبُ.

ــ

[حاشية العطار]

الثَّانِي لَيْسَ مُتَعَلِّقَ الْحُكْمِ وَلَا مُتَعَلِّقَ النَّهْيِ بَلْ هُوَ سَبَبٌ لِلْحُكْمِ وَكَرَاهَةُ الْأَوَّلِ مِمَّا لَا شُبْهَةَ فِي صِحَّتِهِ إذْ لَا شُبْهَةَ فِي صِحَّةِ قَوْلِنَا يُكْرَهُ الِانْفِرَادُ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ انْفِرَادٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ فَاتَّضَحَ صِحَّةُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَسُقُوطُ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ وَقَدْ شَنَّعَ سم عَلَى النَّاصِرِ وَشَنَّعَ بَعْضُ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْ سم عَلَيْهِ، تَرَكْنَا ذَلِكَ لِقِلَّةِ جَدْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَصُّبٌ مَحْضٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ.

(قَوْلُهُ: فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ) أَيْ فِي مَحَلٍّ يُطْلَبُ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ وَهُوَ صَلَاةُ الْفَرْضِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ التَّغَيُّرُ بِقُيُودِهِ السَّابِقَةِ بِأَنْ انْتَفَى مِنْ أَصْلِهِ أَوْ انْتَفَى فِيهِ مِنْ قُيُودِهِ السَّابِقَةِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: كَمَا ذُكِرَ) أَيْ تَغْيِيرًا مِثْلَ مَا ذُكِرَ أَيْ إلَى سُهُولَةٍ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ بِأَنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَصْلًا أَوْ تَغَيَّرَ إلَّا كَمَا ذُكِرَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ إلَى سُهُولَةٍ أَوْ لَهَا لَا لِعُذْرٍ أَوْ لَهَا مَعَ عُذْرٍ لَا مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ.

(قَوْلُهُ: كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ) فِيهِ بَحْثٌ فَإِنَّ وُجُوبَ الصَّلَوَاتِ تَغَيَّرَ فِي حَقِّ النَّائِمِ وَالْحَائِضِ وَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ لِسُقُوطِهِ عَنْهُمْ فَقَدْ تَغَيَّرَ الْحُكْمُ إلَى سُهُولَةٍ فَإِنْ أُرِيدَ التَّغَيُّرُ الْعَامُّ وَالْمَنْقُوضُ بِهِ خَاصٌّ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ أَوْ تَغَيَّرَ إلَى صُعُوبَةٍ كَحُرْمَةِ الِاصْطِيَادِ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ تَغَيُّرًا عَامًّا.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ عَلَى النَّائِمِ بِالْخِطَابِ الْأَصْلِيِّ لِقِيَامِ السَّبَبِ إذْ لَوْلَاهُ مَا وَجَبَ الْقَضَاءُ فَصَارَ وُجُوبُ الْقَضَاءِ مِنْ آثَارِ الْوُجُوبِ الْأَصْلِيِّ وَتَوَابِعِهِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَمْ يَقَعْ تَغَيُّرٌ بِالْكُلِّيَّةِ بِحَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ مِنْ الْحُكْمِ، وَفَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ لَمْ يَتَغَيَّرْ فِيهِ الْحُكْمُ بَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمُرَجَّحِ مِنْ مَذْهَبِنَا مَعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ: كَحُرْمَةِ الِاصْطِيَادِ) نَبَّهَ بِتَمْثِيلِهِ بِالْحُرْمَةِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى وَالْإِبَاحَةِ عَلَى أَنَّ الْعَزِيمَةَ تَكُونُ وَصْفًا لِكُلٍّ مِنْهَا كَمَا تَكُونُ وَصْفًا لِلْوَاجِبِ وَلِلْمَنْدُوبِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهَا بِهِمَا وَلِمَنْ خَصَّهَا بِالْوَاجِبِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْكَرَاهَةِ كَمَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الشَّارِحُ وَلَا لِلنَّدْبِ، وَفِي شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهَا تَكُونُ وَصْفًا لِجَمِيعِ الْأَحْكَامِ.

(قَوْلُهُ: بِالْإِحْرَامِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ أَمَّا صَيْدُ الْحَرَمِ فَيَحْرُمُ حَتَّى عَلَى الْحَلَالِ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ إبَاحَتِهِ) أَيْ الِاصْطِيَادِ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ إلَى سُهُولَةٍ) سَكَتَ عَنْ التَّعْبِيرِ إلَى مُمَاثِلِ السُّهُولَةِ أَوْ الصُّعُوبَةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الرُّخْصَةِ كَانَ حَدُّهَا غَيْرَ جَامِعٍ أَوْ الْعَزِيمَةِ فَكَذَلِكَ عَلَى مُقْتَضَى تَقْرِيرِ الشَّارِحِ فِيهِمَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ غَيْرُ وَاقِعٍ فَلِذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ أَوْ أَنَّهُ مِنْ الْعَزِيمَةِ وَلَا يُنَافِيه كَلَامُ الشَّارِحِ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ قَوْلِهِ بِأَنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَصْلًا إلَخْ عَلَى التَّمْثِيلِ بِمَعْنَى كَأَنْ، تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ ثَالِثَةٍ أَوْ رَابِعَةٍ وَهَكَذَا.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ حُرْمَتِهِ) أَيْ حُرْمَةِ تَرْكِ الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى تَفْسِيرٌ لِحِلِّ التَّرْكِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ الِاثْنَيْنِ لِلْعِشْرِينَ أَوْ الثَّلَاثَةِ لِلثَّلَاثِينَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ حُرْمَتِهِ) أَيْ حُرْمَةِ تَرْكِ الثَّبَاتِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَبْقَ) أَيْ السَّبَبُ وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذَا بِيحَ تَرْكُ الثَّبَاتِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَعُذْرُهَا أَيْ عُذْرُ الْإِبَاحَةِ.

(قَوْلُهُ: لَمَّا كَثُرُوا) قَيْدٌ لِلْمَشَقَّةِ فَإِنْ قِيلَ الْمَشَقَّةُ فِي الثَّبَاتِ لَا تُقَيَّدُ بِحَالِ الْكَثْرَةِ لِثُبُوتِهَا قَبْلَهُ فَالْجَوَابُ مَنْعُ ذَلِكَ إذْ لَوْلَا الْمُصَابَرَةُ الْمَذْكُورَةُ لَضَاعَ الدِّينُ وَلَا يَخْفَى سُهُولَةُ الْمُصَابَرَةِ لِحِفْظِ الدِّينِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْكَثْرَةِ لِلْمَنْدُوحَةِ عَنْ الْمُصَابَرَةِ حِينَئِذٍ قَالَهُ النَّجَّارِيُّ.

(قَوْلُهُ: فَعَزِيمَةٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>