كَوُجُودِ الْجَوْهَرِ لِوُجُودِ الْعَرَضِ (مُكْتَسَبٌ) لِلنَّاظِرِ فَقَالَ الْجُمْهُورُ نَعَمْ لِأَنَّ حُصُولَهُ عَنْ نَظَرِهِ الْمُكْتَسَبِ لَهُ وَقِيلَ لَا لِأَنَّ حُصُولَهُ اضْطِرَارِيٌّ لَا قُدْرَةَ عَلَى دَفْعِهِ وَلَا انْفِكَاكَ عَنْهُ وَلَا خِلَافَ إلَّا فِي التَّسْمِيَةِ
ــ
[حاشية العطار]
وَنَقَلَهُ الْغَزَالِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْأَشْعَرِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمْ.
(قَوْلُهُ: كَوُجُودِ الْجَوْهَرِ) أَيْ فَإِنَّ وُجُودَ الْعَرَضِ بِعَيْنِهِ هُوَ وُجُودُ الْجَوْهَرِ لَا أَنَّ لِلْجَوْهَرِ وُجُودًا مُغَايِرًا لِوُجُودِ الْعَرَضِ فَلُزُومُ الْمَطْلُوبِ لِلنَّظَرِ كَلُزُومِ الْعَرَضِ لِلْجَوْهَرِ حَيْثُ يَمْتَنِعُ انْفِكَاكُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ.
(قَوْلُهُ: فَقَالَ الْجُمْهُورُ نَعَمْ) وَلِذَلِكَ صَحَّ التَّكْلِيفُ بِهِ قَالَ تَعَالَى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ} [محمد: ١٩] وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَقَالُوا مَعْرِفَةُ اللَّهِ وَاجِبَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا) وَعَلَيْهِ تَكُونُ الْعُلُومُ كُلُّهَا ضَرُورِيَّةً وَإِنْ تَوَقَّفَ بَعْضُهَا عَلَى النَّظَرِ.
(قَوْلُهُ: لَا قُدْرَةَ عَلَى دَفْعِهِ) أَيْ عِنْدَ حُصُولِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا انْفِكَاكَ عَنْهُ أَيْ بَعْدَ حُصُولِهِ فَلَا تَكْرَارَ وَعَدَمُ تَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ بِذَلِكَ لَا يُعَدُّ عَجْزًا؛ لِأَنَّ ذَاكَ إذَا كَانَ لِمَعْنًى فِي الْقُدْرَةِ لَا لِمَعْنًى فِي الْمَقْدُورِ هُنَا فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يُوجَدَ الْعِلْمُ بِالْمُقَدِّمَاتِ بِدُونِ النَّتِيجَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا خِلَافَ) تَفْرِيعٌ عَلَى التَّعْلِيلَيْنِ حَيْثُ عَلَّلَ كُلَّ قَوْلٍ بِمَا لَا يُخَالِفُ فِيهِ الْآخَرَ فَإِنَّ النَّظَرَ مُكْتَسَبٌ اتِّفَاقًا وَحُصُولُ النَّتِيجَةِ بَعْدَهُ لَازِمٌ لَا يَتَخَلَّفُ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي التَّسْمِيَةِ) أَيْ لَا فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ التَّوَجُّهَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فَالْأَوَّلُ يُوَافِقُ الثَّانِيَ فِي أَنَّ حُصُولَ الْمَطْلُوبِ عَقِبَ النَّظَرِ الصَّحِيحِ اضْطِرَارِيٌّ وَالثَّانِي يُوَافِقُ الْأَوَّلَ فِي أَنَّ حُصُولَهُ عَنْ نَظَرٍ وَكَسْبٍ وَمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ اكْتِسَابَ الْعِلْمِ النَّظَرِيِّ رَاجِعٌ إلَى اكْتِسَابِ سَبَبِهِ وَأَنَّهُ نَفْسَهُ اضْطِرَارِيٌّ غَيْرُ مَقْدُورٍ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ التَّكْلِيفَ بِهِ يَرْجِعُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلتَّكْلِيفِ بِسَبَبِهِ وَهُوَ النَّظَرُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْدُورُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَوَاقِفِ تَبَعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute