للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوَلِّدُ الْعِلْمَ كَتَوْلِيدِ حَرَكَةِ الْيَدِ لِحَرَكَةِ الْمِفْتَاحِ عِنْدَهُمْ وَعَلَى وِزَانِهِ يُقَالُ الظَّنُّ الْحَاصِلُ مُتَوَلِّدٌ عَنْ النَّظَرِ عِنْدَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَنْهُ وَقَوْلُهُ عَقِيبَهُ بِالْيَاءِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ جَرَتْ عَلَى الْأَلْسِنَةِ وَالْكَثِيرُ تَرْكُ الْيَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ.

(وَالْحَدُّ) عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ

ــ

[حاشية العطار]

الْمُصَنِّفِ أَئِمَّتُنَا، وَغَيْرُ مُبْتَدَأٌ، وَجُمْلَةُ قَوْلِهِ فَالْمُعْتَزِلَةُ قَالُوا خَبَرٌ وَالرَّابِطُ مَحْذُوفٌ أَيْ فَالْمُعْتَزِلَةُ مِنْهُمْ وَبَقِيَ قَوْلٌ رَابِعٌ لِلْحُكَمَاءِ وَهُوَ أَنَّ الْعِلْمَ بِالْمَطْلُوبِ لِلنَّظَرِ فَالنَّظَرُ عِلَّةٌ فِي حُصُولِهِ وَفَيَضَانِهِ عَنْ الْمَبْدَأِ الْفَيَّاضِ الَّذِي هُوَ الْعَقْلُ الْعَاشِرُ عِنْدَهُمْ.

(قَوْلُهُ: يُوَلِّدُ الْعِلْمَ إلَخْ) التَّوْلِيدُ أَنْ يُوجِبَ الْفِعْلُ لِفَاعِلِهِ فِعْلًا آخَرَ كَحَرَكَةِ الْيَدِ وَحَرَكَةِ الْمِفْتَاحِ فَكِلْتَاهُمَا صَادِرَتَانِ عَنْهُ الْأُولَى بِالْمُبَاشَرَةِ وَالثَّانِيَةُ بِالتَّوَلُّدِ وَكَذَا يُقَالُ هُنَا فَالْقُدْرَةُ الْحَادِثَةُ عِنْدَهُمْ أَوْجَدَتْ النَّظَرَ فَتَوَلَّدَ عَنْهُ الْعِلْمُ.

(قَوْلُهُ: الظَّنُّ الْحَاصِلُ مُتَوَلِّدٌ عَنْ النَّظَرِ عِنْدَهُمْ) الْمُنَاسِبُ لِعَدِيلِهِ أَنْ يَقُولَ النَّظَرُ يُوَلِّدُ الظَّنَّ فَعَدَلَ عَنْهُ لِمَا أَسْلَفَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ بَيْنَ الظَّنِّ وَبَيْنَ أَمْرٍ مَا بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ تَخَلُّفُهُ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى اللُّزُومِ بَلْ عَلَى أَنَّ الظَّنَّ إذَا حَصَلَ كَانَ مُتَوَلِّدًا عَنْ النَّظَرِ.

وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجِبْ) أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ بَيْنَ الظَّنِّ وَبَيْنَ أَمْرٍ مَا وَفِيهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا تَوَلُّدَ كَمَا عُلِمَ مِنْ مَعْنَى التَّوْلِيدِ هَذَا مُحَصِّلُ مَا فِي النَّاصِرِ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِيجَابِ الْمَأْخُوذِ فِي تَعْرِيفِ التَّوْلِيدِ مُطْلَقُ التَّسَبُّبِ وَالتَّأْثِيرِ وَهَذَا خِلَافُ الْوُجُوبِ الْمَنْفِيِّ فَإِنَّهُ التَّلَازُمُ. اهـ.

وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ لَا يَقُولُونَ بِالتَّلَازُمِ الْعَقْلِيِّ الَّذِي قَالَ بِهِ بَعْضُ الْأَشَاعِرَةِ وَالْحَقُّ أَنَّهُمْ قَائِلُونَ بِهِ بَلْ هُوَ لَازِمٌ لِقَاعِدَةِ الْقَوْلِ بِالتَّوَلُّدِ فِي الْفِعْلِ الصَّادِرِ بِطَرِيقَةِ ضَرُورَةِ عَدَمِ انْفِكَاكِ الْمَعْلُولِ عَنْ عِلَّتِهِ فَمَا قَالَهُ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ هُنَا إنَّ التَّوَلُّدَ عَادِيٌّ يَجُوزُ تَخَلُّفُهُ ذُهُولٌ عَنْ قَاعِدَةِ التَّوَلُّدِ وَلِذَلِكَ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْبُرْهَانِ إنَّ النَّظَرَ يَسْتَعْقِبُ الْعِلْمَ عِنْدَهُمْ اسْتِعْقَابًا، لَا دَفْعَ لَهُ وَإِنَّ النَّظَرَ يُوَلِّدُهَا تَوْلِيدَ الْأَسْبَابِ مُسَبَّبَاتِهَا وَالْمَقْدُورُ الَّذِي هُوَ مُرْتَبِطُ التَّكْلِيفِ وَالثَّوَابِ عَدَمُ النَّظَرِ عِنْدِي اهـ.

وَإِنَّمَا قَالَ الشَّارِحُ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَنْهُ لِمَا أَسْلَفَهُ مِنْ عَدَمِ الِارْتِبَاطِ فِي الظَّنِّيَّاتِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ وَقَوْلُ بَعْضٍ وَقَدْ عَلِمْت صِحَّتَهُ تَقْلِيدٌ لسم.

وَقَدْ نَقَلَ كَلَامَهُ السَّابِقَ مُسْتَحْسِنًا لَهُ وَنَحْنُ أَبْطَلْنَاهُ وَالْحَقُّ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ وَبِالْجُمْلَةِ الْمَطْلُوبُ لَازِمٌ لِلنَّظَرِ عَلَى قَوْلِ مُحَقِّقِي الْأَشَاعِرَةِ وَكَلَامُ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْحُكَمَاءِ وَالْفَارِقُ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ كَالنَّظَرِ لَكِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ الْإِلَهِيَّةُ بِخَلْقِهِمَا مَعًا أَوْ بِعَدَمِهِمَا مَعًا وَلَا تَتَعَلَّقُ الْقُدْرَةُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَعَلَى الثَّانِي بِطَرِيقِ التَّوَلُّدِ وَعَلَى الثَّالِثِ بِالتَّعْلِيلِ.

(قَوْلُهُ: جَرَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>