للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَسْتَعْمِلُ التَّأْدِيَةَ إلَّا فِيمَا يُؤَدَّى بِنَفْسِهِ.

(وَالْإِدْرَاكُ) أَيْ وُصُولُ النَّفْسِ إلَى الْمَعْنَى بِتَمَامِهِ مِنْ نِسْبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا

ــ

[حاشية العطار]

يُقَيِّدَ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَوَّلُ كَلَامِهِ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى التَّصْدِيقَاتِ إذْ التَّصَوُّرَاتُ لَا يَقَعُ فِيهَا ظَنٌّ وَلَا فَسَادٌ كَمَا تَقَدَّمَ تَوْضِيحُهُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَدْ يُقَالُ كَيْفَ يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ أَيْ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ مَعَ أَنَّهُ قِيلَ إنَّ الْفَاسِدَ يَسْتَلْزِمُ الْجَهْلَ وَيُجَابُ بِأَنْ قِيلَ فِيهِ ذَلِكَ خَالٍ عَنْ الِاعْتِقَادِ أَوْ الظَّنِّ بِخِلَافِ مَا هُنَا ثُمَّ إنَّ تَأْدِيَةَ النَّظَرِ الْفَاسِدِ بِوَاسِطَةِ الظَّنِّ إلَى ظَنٍّ ظَاهِرٍ.

وَأَمَّا تَأْدِيَتُهُ إلَى الْعِلْمِ بِوَاسِطَةِ الِاعْتِقَادِ فَفِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ ثَابِتٌ لَا يَزُولُ بِالتَّشْكِيلِ وَالْحَاصِلُ بِالنَّظَرِ الْفَاسِدِ يَزُولُ بِتَبَيُّنِ فَسَادِ النَّظَرِ، وَإِنْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالتَّجَوُّزِ بِإِطْلَاقِ الْعِلْمِ عَلَى الِاعْتِقَادِ الدَّاخِلِ تَحْتَ قَوْلِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى مَا ذَكَرَ كَانَ مُوهِمًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَا ذَكَرَ وَاقِعٌ عَلَى الْعِلْمِ وَالظَّنِّ إذْ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الِاعْتِقَادَ الْوَاقِعَ فِي النَّظَرِ قَدْ يَكُونُ طَرِيقًا فِي الْوُقُوفِ عَلَى مُوجِبِ الْعِلْمِ مِنْ عَقْلٍ أَوْ حِسٍّ أَوْ عَادَةٍ فَيَحْصُلُ لِلْعِلْمِ بِوَاسِطَةِ الِاعْتِقَادِ لِكَوْنِهِ طَرِيقًا فِي الْوُقُوفِ عَلَى الْمُوجِبِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ سَبَبٌ لِلْعِلْمِ فِي الْجُمْلَةِ. اهـ.

وَجَوَابُ سم بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا ذَكَرَ خُصُوصَ الظَّنِّ الشَّامِلِ لِلِاعْتِقَادِ بِقَرِينَةِ وُضُوحِ أَنَّهُ لَا يَتَصَوَّرُ حُصُولَ الْعِلْمِ بِوَاسِطَةِ اعْتِقَادٍ أَوْ ظَنٍّ فَلَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُؤَدِّيَ إلَيْهِ فِيمَا ذَكَرَ هُوَ الْعِلْمُ حَتَّى يَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ شَيْءٌ اهـ. فِي غَايَةِ الْبُعْدِ؛ لِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ مَا ذَكَرَ بِلَا دَلِيلٍ وَمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْوُضُوحِ مُسَلَّمٌ فِي نَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ خَارِجٌ عَمَّا يُفِيدُهُ سَوْقُ الْكَلَامِ بَلْ هُوَ مَنْشَأُ الِاعْتِرَاضِ، وَمِنْ نَاحِيَةِ هَذَا الْجَوَابِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا ذَكَرَ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْبَعْضِ وَهُوَ الظَّنُّ فَإِنَّهُ صَرْفٌ لِلْكَلَامِ عَنْ الْمُتَبَادِرِ الظَّاهِرِ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ فِيمَا يُؤَدِّي مُطْلَقًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةٍ وَأَنَّ هَذَا الِاسْتِعْمَالَ أَكْثَرُ مَعَ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَسْتَعْمِلُونَهُ فِي الْمُؤَدِّي بِذَاتِهِ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى كَلَامِ الْمَنَاطِقَةِ

(قَوْلُهُ: وَالْإِدْرَاكُ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالظَّنِّ وَغَيْرِهِمَا وَإِنَّمَا فَسَّرَهُ الشَّارِحُ بِمَا ذَكَرَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ شَائِعٍ لِقُرْبِهِ مِنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْوُصُولُ يُقَالُ أَدْرَكَتْ الثَّمَرَةُ إذَا وَصَلَتْ وَبَلَغَتْ حَدَّ الْكَمَالِ وَلِذَلِكَ اعْتَبَرَ فِي مَفْهُومِهِ التَّمَامَ وَإِنْ كَانَ الشَّائِعُ فِي عِبَارَاتِهِمْ تَفْسِيرَ الْإِدْرَاكِ بِحُصُولِ صُورَةِ الشَّيْءِ فِي الْعَقْلِ أَيْ صُورَةِ الشَّيْءِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَ الْعَقْلِ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ التَّحْقِيقُ مِنْ أَنَّهُ مِنْ مَقُولَةِ الْكَيْفِ وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى شَامِلٌ لِلتَّصَوُّرِ السَّاذَجِ وَلِلتَّصْدِيقِ.

وَقَدْ يُقَيِّدُ بِعَدَمِ الْحُكْمِ فَيَخْتَصُّ بِالتَّصَوُّرِ السَّاذَجِ كَمَا وَقَعَ هُنَا (قَوْلُهُ: بِتَمَامِهِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ إدْرَاكَ الْبَسَائِطِ؛ لِأَنَّ التَّمَامَ لَا يُعْقَلُ إلَّا فِي الْمُرَكَّبَاتِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمَامِ الْكُنْهُ وَإِدْرَاكُ الْحَقِيقَةِ وَفِيهِ كَلَامٌ سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ: مِنْ نِسْبَةٍ) أَيْ النِّسْبَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهَا مُغَايِرَةٌ لِلْحُكْمِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا) وَهِيَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَالْمَحْكُومُ بِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ مُسَاوِيَةٌ لِعِبَارَةِ الشَّمْسِيَّةِ وَهِيَ الْعِلْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>