للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية العطار]

عَنْ شَيْخِهِ السَّيِّدِ عِيسَى الصَّفَوِيِّ حَاصِلُهُ أَنَّ جُمْلَةَ الْبَسْمَلَةِ إمَّا أَنْ تَكُونَ خَبَرِيَّةً أَوْ إنْشَائِيَّةً وَيَرِدُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ مِنْ شَأْنِ الْخَبَرِ الصَّادِقِ أَنْ يَتَحَقَّقَ مَدْلُولُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِدُونِ التَّلَفُّظِ بِهِ وَيَكُونُ الْخَبَرُ حِكَايَةً عَنْهُ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ مُصَاحَبَةِ الِاسْمِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ مِنْ تَتِمَّةِ الْخَبَرِ وَهُمَا لَا يَتَحَقَّقَانِ إلَّا بِهَذَا التَّلَفُّظِ وَعَلَى الثَّانِي أَنَّ شَأْنَ الْإِنْشَاءِ أَنْ يَتَحَقَّقَ مَدْلُولُهُ بِالتَّلَفُّظِ بِهِ وَأَصْلُ الْجُمْلَةِ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ غَالِبًا؛ لِأَنَّ نَحْوَ الْأَكْلِ وَالسَّفَرِ وَالذَّبْحِ مِمَّا لَيْسَ بِقَوْلٍ لَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُهُ عَلَى التَّلَبُّسِ بِالْبَسْمَلَةِ فَكَيْفَ يُقَدَّرُ مَثَلًا بِسْمِ اللَّهِ أَذْبَحُ أَوْ أُسَافِرُ بِقَصْدِ الْإِنْشَاءِ فَإِنْ جُعِلَتْ لِإِنْشَاءِ الْمُصَاحَبَةِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ لِإِنْشَاءِ مُتَعَلِّقِهَا وَالْأَصْلُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَذَلِكَ فِي غَايَةِ النُّدُورِ وَلَوْ قِيلَ إنَّ الْمَعْنَى أَبْدَأُ أَوْ أَفْتَتِحُ بِسْمِ اللَّهِ أَيْ أَجْعَلُهُ بُدَاءَةَ الْفِعْلِ عَلَى أَنَّ الْبَاءَ لِلتَّعْدِيَةِ وَالْجُمْلَةُ لِإِنْشَاءِ الْجَعْلِ لَمْ يَلْزَمْ شَيْءٌ مِمَّا مَرَّ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَلَا يَجْرِي حَقِيقَةً إلَّا فِي نَحْوِ التَّأْلِيفِ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ بُدَاءَةٌ حَقِيقَةً وَإِنْ أَمْكَنَ إجْرَاؤُهُ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي جَعْلِهِ بُدَاءَةً اهـ.

وَأَحْسَنُ مَا يُجَابُ بِهِ عَنْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْقَائِلَ إذَا شَرَعَ فِي ذَبْحٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ سَفَرٍ مَثَلًا فَإِنْ قُلْنَا إنَّ تَقْدِيرَ أَتَبَرَّكُ أَوْ أَسْتَعِينُ فِي هَذَا الْفِعْلِ بِسْمِ اللَّهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَانَتْ الْجُمْلَةُ لِإِنْشَاءِ التَّبَرُّكِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَهُ السَّيِّدُ أَصْلًا وَإِنْ قُلْنَا إنَّ تَقْدِيرَهُ أَذْبَحُ أَوْ أُسَافِرُ بِسْمِ اللَّهِ مَثَلًا كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ يَرِدُ مَا ذَكَرَهُ السَّيِّدُ ظَاهِرٌ أَوْ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْإِخْبَارِ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ مَنْ هُوَ؟ فَإِنَّ الْمُبَاشَرَةَ لِهَذَا الْفِعْلِ تُغْنِي عَنْ الْإِخْبَارِ لَوْ كَانَ ثَمَّ أَحَدٌ يَحْتَاجُ إلَى الْإِخْبَارِ وَلَعَلَّك لَا تَجِدُهُ أَصْلًا فَإِنَّك إنْ قَصَدْت اللَّهَ بِالْإِخْبَارِ فَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهُ وَإِنْ قَصَدْت نَفْسَك فَكَذَلِكَ وَلَهَا ثَمَّ ثَالِثٌ يُقْصَدُ بِالْإِخْبَارِ وَلَوْ كَانَ لَأَغْنَتْهُ الْمُبَاشَرَةُ لِلْفِعْلِ عَنْ الْإِخْبَارِ، فَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ تَعَلَّقَ الْجَارُّ بِهَذَا الْفِعْلِ عَلَى تَضْمِينِ مَعْنَى التَّبَرُّكِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ أَوْ نَحْوِهِمَا فَمَعْنَى أَذْبَحُ أَتَبَرَّكُ أَوْ أَسْتَعِينُ فِي الذَّبْحِ بِالتَّضْمِينِ الْمَذْكُورِ فَتَكُونُ مَقُولَةً لِإِنْشَاءِ التَّبَرُّكِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ فِي الذَّبْحِ مَثَلًا، وَلَا يَكُونُ الْإِخْبَارُ بِهِ مَقْصُودًا وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِتَعْيِينِ مَحَلِّ التَّبَرُّكِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ فَانْدَفَعَ قَوْلُهُ، وَالْأَصْلُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ لِتَعْيِينِ مَحَلِّ التَّبَرُّكِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ وَإِنْ كَانَ الْإِخْبَارُ بِهِ غَيْرَ مَقْصُودٍ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْإِنْشَاءُ بِمُتَعَلِّقِهِ لَا بِهِ نَفْسِهِ وَمَا ادَّعَاهُ مِنْ النُّدُورِ نَلْتَزِمُهُ.

وَنَقُولُ إنَّ النَّادِرَ يَرِدُ بِهِ الِاسْتِعْمَالُ أَحْيَانًا وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ أَوْ يُقَالُ إنَّ الْمُقَدَّرَ أَذْبَحُ أَوْ أُسَافِرُ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ إلَى التَّضْمِينِ فَجُمْلَةُ أَذْبَحُ مَثَلًا خَبَرٌ وَأَمَّا بِاسْمِ اللَّهِ فَهُوَ إنْشَاءٌ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّهَا خَبَرِيَّةُ الصَّدْرِ إنْشَائِيَّةُ الْعَجُزِ وَلَا يُقَالُ عَلَيْهِ إنَّ الْخَبَرَ وَالْإِنْشَاءَ مُتَقَابِلَانِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ بِاعْتِبَارٍ وَاحِدٍ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمُتَقَابِلَيْنِ وَالْحَالُ هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّنَا إذَا قَطَعْنَا النَّظَرَ عَنْ الْقَيْدِ وَنَظَرْنَا لِمَا تَمَّ بِهِ الْإِسْنَادُ مِنْ رُكْنَيْ الْجُمْلَةِ كَانَتْ خَبَرِيَّةً وَإِذَا نَظَرْنَا إلَى الْقَيْدِ كَانَتْ إنْشَائِيَّةً فَالْخَبَرِيَّةُ وَالْإِنْشَائِيَّةُ بِاعْتِبَارَيْنِ مُتَغَايِرَيْنِ وَلَا بِدَعَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ الْجُرْجَانِيَّ فِي حَاشِيَةِ الْمُطَوَّلِ فِي مَبْحَثِ الْإِنْشَاءِ عِنْدَ قَوْلِ التَّفْتَازَانِيِّ " رُبَّ " لِإِنْشَاءِ التَّقْلِيلِ " وَكَمْ " الْخَبَرِيَّةُ لِإِنْشَاءِ التَّكْثِيرِ قَالَ لَا يُنَافِي ذَلِكَ كَوْنُ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ كَلَامًا مُحْتَمِلًا لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ بِحَسَبِ نِسْبَةٍ غَيْرِ نِسْبَةِ التَّقْلِيلِ وَالتَّكْثِيرِ فَإِذَا قُلْتَ كَمْ رَجُلٌ عِنْدِي فَهُوَ بِاعْتِبَارِ نِسْبَةِ الظَّرْفِ إلَى الرَّجُلِ كَلَامٌ خَبَرِيٌّ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ.

وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ اسْتِكْثَارِك إيَّاهُمْ فَلَا يَحْتَمِلُهَا؛ لِأَنَّك اسْتَكْثَرْتهمْ وَلَمْ تُخْبِرْ عَنْ كَثْرَتِهِمْ اهـ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْجَوَابِ وَالْجَوَابِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ إنْشَائِيَّةٌ مَحْضَةٌ وَعَلَى الثَّانِي صَالِحَةٌ لِلْخَبَرِيَّةِ وَالْإِنْشَائِيَّة بِالِاعْتِبَارَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَتَأَمَّلْ وَقَوْلُ السَّيِّدِ الصَّفَوِيِّ وَلَوْ قِيلَ إنَّ الْمَعْنَى إلَخْ يُشِيرُ إلَى الْجَوَابِ عَنْ الْإِشْكَالِ وَفِيهِ أَنَّ جَعْلَ الْبَاءِ لِلتَّعْدِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>