الْوُجُوبُ، وَإِنْ أَخَّرَ الْفِعْلَ عَنْهُ وَيُؤْمَرُ بِهِ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ صِفَةُ التَّكْلِيفِ فَحَيْثُ وَجَبَ فَوَقْتُ أَدَائِهِ عِنْدَهُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُمْ، وَإِنْ خَالَفَهُمْ فِيمَا شَرَطَهُ فَذَكَرُهُ الْمُصَنِّفُ دُونَ الْأَوَّلِ الْمَعْلُومِ مِمَّا قَدَّمَهُ وَالْأَقْوَالُ غَيْرُ الْأَوَّلِ مُنْكِرَةٌ لِلْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ لِاتِّفَاقِهَا عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ لَا يَفْضُلُ عَنْ الْوَاجِبِ (وَمَنْ أَخَّرَ) الْوَاجِبَ الْمَذْكُورَ بِأَنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ مَثَلًا (مَعَ ظَنِّ الْمَوْتِ) عَقِبَ مَا يَسَعُهُ مِنْهُ مَثَلًا (عَصَى) لِظَنِّهِ فَوَاتَ الْوَاجِبِ بِالتَّأْخِيرِ (فَمَنْ عَاشَ وَفَعَلَهُ) فِي الْوَقْتِ (فَالْجُمْهُورُ) قَالُوا: فِعْلُهُ (أَدَاءً) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا.
(وَ) قَالَ (الْقَاضِيَانِ أَبُو بَكْرٍ) الْبَاقِلَّانِيُّ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ (وَالْحُسَيْنُ) مِنْ الْفُقَهَاءِ فِعْلُهُ (قَضَاءً) ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِي تُضَيِّقَ
ــ
[حاشية العطار]
بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ بِحُصُولِ الْبَقَاءِ إلَيْهِ أَيْ الْمُتَبَيِّنُ بِالْآخِرِ الَّذِي حَصَلَ الْبَقَاءُ إلَيْهِ وَمَا قَالَهُ النَّاصِرُ أَوْضَحُ مَعَ سَلَامَتِهِ عَنْ التَّكَلُّفِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخَّرَ الْفِعْلَ عَنْهُ) مُبَالَغَةً عَلَى التَّبَيُّنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْآخَرَ الْحَاصِلَ الْبَقَاءُ إلَيْهِ يَتَبَيَّنُ بِهِ وُجُوبُ الْفِعْلِ قُدِّمَ عَلَيْهِ أَوَاخِرُ.
(قَوْلِهِ وَيُؤْمَرُ بِهِ قَبْلَهُ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْأَمْرِ بِالْفِعْلِ قِيلَ: الْآخَرُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ قَبْلَهُ وَعَلَى كَلَامِ الْكَرْخِيِّ هَذَا إذَا ظَنَّ الْمَوْتَ آخِرَ الْوَقْتِ لَا يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ عَكْسَ كَلَامِ الْقَوْمِ الْآتِي؛ لِأَنَّ ظَنَّ الْمَوْتِ عَارِضُ الْأَصْلِ.
(قَوْلُهُ: فَحَيْثُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَشَرْطُ الْوُجُوبِ مَعَ الْمُبَالَغَةِ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ أَخَّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَوَقْتُ أَدَائِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ اتَّصَلَ بِهِ الْأَدَاءُ.
(قَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْكَافِ.
(قَوْلُهُ: فَذَكَرَهُ) أَيْ الشَّرْطَ الَّذِي خَالَفَ فِيهِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْأَوَّلِ) وَهُوَ أَنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ عِنْدَهُ مَا مَرَّ وَوُصِفَ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ ذُكِرَ قَبْلَ مَا شَرَطَهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ فَوَقْتُ أَدَائِهِ إلَى قَوْلِهِ فِيمَا شَرَطَهُ.
(قَوْلُهُ: الْمَعْلُومُ مِمَّا قَدَّمَهُ) فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ أَيْ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي بَيَانِ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْكَرْخِيِّ مِنْهُمْ فَقَوْلُهُ: قَوْلُهُمْ: وَلَمَّا انْفَرَدَ عَنْهُمْ بِالشَّرْطِ تَعَرَّضَ لَهُ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَقْوَالُ غَيْرُ الْأَوَّلِ مُنْكَرَةٌ) لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ وَقْتٌ مُوَسَّعٌ يُوقَعُ فِيهِ الْفِعْلُ، وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا لَا يَظْهَرُ عَلَى قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْكَرْخِيِّ لِوُجُودِ السَّعَةِ بِعَدَمِ تَعْيِينِ الْوَقْتِ الَّذِي يُوقَعُ فِيهِ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ أَوْ الْآخِرِ نَعَمْ بَعْدَ الْوُقُوعِ بِالْفِعْلِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ صَارَ الْوَقْتُ مُضَيَّقًا وَالْكَلَامُ فِيمَا قَبْلَ الْفِعْلِ عَلَى أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالتَّوْسِيعِ عَدَمُ الْحَرَجِ كَانَ حَاصِلًا عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي نَقَلَهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَخَّرَ مَعَ ظَنِّ الْمَوْتِ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ فُرُوعِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ: مَثَلًا الْأَوَّلُ رَاجِعٌ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ أَيْ أَوْ ثَانِيهِ وَمَثَلًا الثَّانِيَةُ رَاجِعَةٌ إلَى الْمَوْتِ أَيْ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ حَيْضٍ لِعَادَةٍ اقْتَضَتْ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: عَقِبَ مَا يَسَعُهُ مِنْهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ مَعَ ظَنِّ الْمَوْتِ عَقِبَ مَا لَا يَسَعُهُ مِنْهُ لَمْ يَأْثَمْ وَلَيْسَ بَعِيدًا لَكِنْ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِيهِ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: بِالتَّأْخِيرِ) أَيْ بِالشُّرُوعِ فِي التَّأْخِيرِ مُتَعَلِّقٌ بِفَوَاتٍ أَوْ ظَنَّ وَجَعَلَهُ الْكَمَالُ مُتَعَلِّقًا بِعَصَى، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ تَرَكَ الِاشْتِغَالَ بِهِ مَعَ ظَنِّ الْمَوْتِ سَوَاءٌ كَانَ تَرْكُ الِاشْتِغَالِ مَعَ ذَلِكَ الظَّنِّ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ ثَانِيهِ، وَهَكَذَا فَمَنْ تَرَكَ الِاشْتِغَالَ بِهِ فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مِقْدَارُ مَا يَسَعُ الْعِبَادَةَ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ مَعَ ظَنِّ الْمَوْتِ عَقِبَ ذَلِكَ الْجُزْءِ كَانَ عَاصِيًا بِذَلِكَ التَّأْخِيرِ وَمِثْلُهُ لَوْ تَرَكَ الِاشْتِغَالَ بِهِ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي مَعَ ظَنِّهِ الْمَوْتَ عَقِبَهُ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْجُزْءِ الثَّالِثِ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: فَالْجُمْهُورُ قَالُوا) إشَارَةً إلَى أَنَّ خَبَرَ الْجُمْهُورِ مَحْذُوفٌ وَأَنَّ أَدَاءً خَبَرٌ