الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهَا مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَالْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ وَالْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ وَنَحْوِهَا (الْكِتَابُ) الْمُرَادُ بِهِ (الْقُرْآنُ) غَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِ الْكُتُبِ فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ (وَالْمَعْنِيُّ بِهِ) أَيْ الْقُرْآنُ (هُنَا) أَيْ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ (اللَّفْظُ الْمُنَزَّلُ
ــ
[حاشية العطار]
تَقْرِيرُ الْكَلَامِ بِحَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ الْمَنْطِقِيَّةُ لَا مَا قَرَّرَهُ سم وَتَبِعَهُ مَنْ قَلَّدَهُ بَعْدَهُ، فَإِنَّ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ إثْبَاتُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ أَوْ سَلْبُهُ عَنْهُ مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ السَّالِبَةَ تَقَعُ مَسْأَلَةً فِي الْعِلْمِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِامْتِنَاعِهِ، وَقَدْ جَعَلَ الْمَبْحَثَ تَارَةً اسْمَ مَكَان وَتَارَةً مَصْدَرًا وَبَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُكْشَفْ الْغِطَاءُ.
(قَوْلُهُ: الْمُشْتَمِلُ عَلَيْهَا) صِفَةٌ لِلْأَقْوَالِ وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ الْكِتَابِ فَالصِّفَةُ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ فَقَدْ جَرَى عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِبْرَازِ عِنْدَ أَمِنِ اللَّبْسِ، وَقَوْلُ سم يُمْكِنُ أَنَّهُ صِفَةُ الْكِتَابِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْفَصْلِ بِالْأَجْنَبِيِّ مَرْدُودٌ بِلُزُومِ تَقْدِيمِ عَطْفِ النَّسَقِ عَلَى النَّعْتِ مَعَ أَنَّهُ يُؤَخَّرُ عَنْهُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ؛ لِأَنَّ النَّعْتَ وَالْمَنْعُوتَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَبَيْنَهُمَا شِدَّةُ ارْتِبَاطٍ تَأْبَى الْفَصْلَ وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ جَوَازِ الْفَصْلِ غَيْرُ مُطَّرِدٍ لِقِيَامِ الْمُعَارِضِ هُنَا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ اشْتِمَالَ الْكِتَابِ عَلَى تِلْكَ الْمَبَاحِثِ مِنْ قَبِيلِ اشْتِمَالِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ أَيْ كُلُّ جُزْءٍ جُزْءٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّرْنَاهُ فِي لَفْظِ مَبَاحِثَ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهَا عَيْنُهُ لِلتَّغَايُرِ الِاعْتِبَارِيِّ فِي مِثْلِهِ قَالَ النَّاصِرُ: ثُمَّ اشْتِمَالُ الْكِتَابِ عَلَى الْأَقْوَالِ كَافٍ فِي ذِكْرِ مَبَاحِثِهَا فِيهِ، وَإِنْ شَارَكَتْهُ السُّنَّةُ فِي ذَلِكَ الِاشْتِمَالِ اهـ.
يُرِيدُ أَنَّ وَجْهَ تَخْصِيصِ الْكِتَابِ بِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهَا كِفَايَةٌ فِيهَا وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يُفْهِمُ ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ، فَإِنْ أَرَادَ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَاقِعٌ فِي السُّنَّةِ أَيْضًا فَهُوَ تَنْبِيهٌ عَلَى مَعْلُومٍ.
(قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِهِ الْقُرْآنُ) لَمَّا كَانَ الْقُرْآنُ قَاصِرًا فِي الْعُرْفِ عَلَى اللَّفْظِ الْمُنَزَّلِ إلَخْ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرًا بِمَعْنَى الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعُرْفِ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ فَسَّرَهُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: غَلَبَ) أَيْ صَارَ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ مُقَارِنًا لِأَلْ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ أَنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلْعَهْدِ وَإِنْ لَزِمَ اجْتِمَاعُ مُعَرَّفَيْنِ، فَإِنَّ الْمُعَرَّفَ هُنَا بِمَعْنَى الْعَلَامَةِ.
وَقَدْ اخْتَارَ الرَّضِيُّ جَوَازَ اجْتِمَاعِهِمَا إذَا كَانَ فِي أَحَدِهِمَا مَا فِي الْآخَرِ وَزِيَادَةٌ كَمَا هُنَا بِدَلِيلِ يَا هَذَا وَيَا عَبْدَ اللَّهِ وَيَا اللَّهُ وَمَا قِيلَ أَنَّهَا تُنَكَّرُ، ثُمَّ تُعَرَّفُ بِحَرْفِ النِّدَاءِ لَا تُتِمُّ فِي يَا اللَّهُ وَيَا عَبْدَ اللَّهِ، وَمَا قِيلَ أَنَّ الْعَلَمَ كَبَقِيَّةِ الْمَعَارِفِ لَا يُضَافُ إلَّا إنْ نُكِّرَ مَمْنُوعٌ بَلْ يَجُوزُ عِنْدِي إضَافَتُهُ مَعَ بَقَاءِ تَعْرِيفِهِ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ اجْتِمَاعِ تَعْرِيفَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا.
(قَوْلُهُ: فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ) احْتَرَزَ عَنْ عُرْفِ النُّحَاةِ وَنَحْوِهِمْ وَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِغَلَبَ وَمِنْ بَيْنِ الْكُتُبِ مُتَعَلِّقٌ بِحَالٍ مَحْذُوفَةٍ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُمْتَازًا بِهَذِهِ الْغَلَبَةِ لِشُهْرَتِهِ بِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِيهِ إذْ رُبَّمَا يُسْتَعْمَلُ الْكِتَابُ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَالْقُرْآنُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْعُرْفِ إلَّا فِيمَا ذَكَرَ وَلِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ الْقُرْآنِ إلَى الْمَقْرُوءِ أَظْهَرُ مِنْ الِانْتِقَالِ مِنْ الْكِتَابِ إلَى الْمَقْرُوءِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَعْنِيُّ بِهِ) أَيْ الْمَقْصُودُ بِالْقُرْآنِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ هُوَ اللَّفْظُ الْمُنَزَّلُ إلَخْ فَهُوَ عَلَمٌ بِالْغَلَبَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُفِدْهُ كَلَامُهُ وَيُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ الْجِنْسِ أَيْضًا فَلَهُ اسْتِعْمَالَانِ لَا يَصْدُقُ عَلَى الْبَعْضِ فِي أَوَّلِهَا وَعَلَيْهِ فِي ثَانِيهَا.
(قَوْلُهُ: فِي أُصُولِ الْفِقْهِ) احْتَرَزَ عَنْ الْمَعْنَى بِهِ فِي أُصُولِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ بَحْثَ الْأُصُولِيِّ عَنْ اللَّفْظِ لِكَوْنِهِ الْمُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِخِلَافِ أُصُولِ الدِّينِ، فَإِنَّ الْبَحْثَ فِيهِ عَنْ الْعَقَائِدِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْكَلَامُ بِمَعْنَى الصِّفَةِ النَّفْسِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: اللَّفْظُ الْمُنَزَّلُ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْكَلَامُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ أَظْهَرُ فِي إفَادَةِ الْمُرَادِ إذْ الْكَلَامُ يُطْلَقُ عَلَى اللَّفْظِيِّ وَالنَّفْسِيِّ، وَإِنْ كَانَ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْقُيُودِ بَيْنَ الْمُرَادِ، ثُمَّ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْقُرْآنِ فِي ذَاتِهِ لَفْظًا جَوَازُ إسْنَادِ اللَّفْظِ إلَيْهِ تَعَالَى لِعَدَمِ الْإِذْنِ بَلْ يُقَالُ: قَالَ اللَّهُ مَثَلًا، وَإِنْ كَانَ