للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَشَرْطٌ) عَطْفٌ عَلَى صِفَةٍ نَحْوُ {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: ٦] أَيْ فَغَيْرَ أُولَاتِ الْحَمْلِ لَا يَجِبُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِنَّ (وَغَايَةٌ) نَحْوُ {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] أَيْ فَإِذَا نَكَحَتْهُ تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ بِشَرْطِهِ (وَإِنَّمَا) نَحْوُ {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ} [طه: ٩٨] أَيْ فَغَيْرُهُ لَيْسَ بِإِلَهٍ وَالْإِلَهُ الْمَعْبُودُ بِحَقٍّ (وَمِثْلُ لَا عَالِمَ إلَّا زَيْدٌ) مِمَّا يَشْتَمِلُ عَلَى نَفْيٍ وَاسْتِثْنَاءٍ نَحْوُ مَا قَامَ إلَّا زَيْدٌ، مَنْطُوقُهُمَا نَفْيُ الْعِلْمِ وَالْقِيَامِ عَنْ غَيْرِ زَيْدٍ وَمَفْهُومُهُمَا إثْبَاتُ الْعِلْمِ وَالْقِيَامِ لِزَيْدٍ

(وَفَصْلُ الْمُبْتَدَأِ مِنْ الْخَبَرِ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ) نَحْوُ {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} [الشورى: ٩] أَيْ فَغَيْرُهُ لَيْسَ بِوَلِيٍّ أَيْ نَاصِرٍ (وَتَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ) عَلَى مَا سَيَأْتِي عَنْ الْبَيَانِيِّينَ كَالْمَفْعُولِ وَالْجَارِ وَالْمَجْرُورِ نَحْوُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: ٥] أَيْ لَا غَيْرَك {لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} [آل عمران: ١٥٨] أَيْ لَا إلَى غَيْرِهِ (وَأَعْلَاهُ) أَيْ أَعْلَى مَا ذَكَرَ مِنْ أَنْوَاعِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ (لَا عَالِمَ إلَّا زَيْدٌ) أَيْ مَفْهُومُ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ إذْ قِيلَ: إنَّهُ مَنْطُوقٌ أَيْ صَرَاحَةً لِسُرْعَةِ تَبَادُرِهِ إلَى الْأَذْهَانِ (ثُمَّ مَا قِيلَ) إنَّهُ (مَنْطُوقٌ) أَيْ (بِالْإِشَارَةِ)

ــ

[حاشية العطار]

مَا يَحْصُلُ بِهِ

(قَوْلُهُ: وَشَرْطٌ) عَطْفٌ عَلَى صِفَةٍ فَالتَّقْدِيرُ وَهُوَ أَيْ الْمَفْهُومُ صِفَةٌ وَشَرْطٌ وَغَايَةٌ وَيُقَالُ أَيْضًا مَفْهُومُ صِفَةٍ وَمَفْهُومُ شَرْطٍ وَمَفْهُومُ غَايَةٍ وَالْمُرَادُ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ مَا فُهِمَ مِنْ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ عَلَى شَيْءٍ بِأَدَاةِ شَرْطٍ كَانَ وَإِذَا وَبِمَفْهُومِ الْغَايَةِ مَا فُهِمَ مِنْ تَقْيِيدِ الْحُكْمِ بِأَدَاةِ غَايَةٍ كَإِلَى وَحَتَّى وَاللَّامِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَعَطْفُ ذَلِكَ عَلَى صِفَةٍ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ اسْتِثْنَائِهِ مِمَّا فَسَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ الصِّفَةَ، وَقَدْ عَرَفْت مَا فِيهَا فَالْأَوْجَهُ عَطْفٌ عَلَى الْعِلَّةِ وَتَعْرِيفُهُ بِأَلْ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ: أَيْ فَغَيْرُهُ) بَيَانٌ لِمَفْهُومِ {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ} [طه: ٩٨] فَمَحَلُّ النُّطْقِ فِي الْآيَةِ هُوَ اللَّهُ وَالْمَنْطُوقُ هُوَ الْأُلُوهِيَّةُ، وَمَحَلُّ السُّكُوتِ غَيْرُ اللَّهِ وَالْمَفْهُومُ هُوَ انْتِفَاءُ الْأُلُوهِيَّةِ ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَى انْحِلَالِ إنَّمَا بِالنَّفْيِ وَالِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُونَ الْمَنْطُوقُ نَفْيَ الْأُلُوهِيَّةِ عَنْ غَيْرِهِ تَعَالَى وَالْمَفْهُومُ ثُبُوتُهَا لَهُ تَعَالَى.

وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا نَطَقَ بِأَدَاةِ النَّفْيِ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ جَعَلَ الْمَنْطُوقَ نَفْيَ الْأُلُوهِيَّةِ عَنْ غَيْرِهِ تَعَالَى وَلَمَّا لَمْ يَنْطِقْ بِهِمَا مَعَ إنَّمَا بَلْ بِالْجُمْلَةِ الْمُوجِبَةِ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُقَالَ فِي الْمَنْطُوقِ نَفْيُ الْأُلُوهِيَّةِ عَنْ غَيْرِهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ إذْ الْمَنْطُوقُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ بِمَعْنَى الشَّيْءِ أَنْ يُعْطَى حُكْمَهُ

(قَوْلُهُ: وَالْإِلَهُ الْمَعْبُودُ بِحَقٍّ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّ صِحَّةَ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ فِي الْآيَةِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْإِلَهِ بِالْمَعْبُودِ بِحَقٍّ إذْ لَوْ أُرِيدَ مُطْلَقُ الْمَعْبُودِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمَعْبُودَاتِ بِالْبَاطِلِ كَثِيرَةٌ

(قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُهَا إثْبَاتُ الْعِلْمِ إلَخْ) هَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْأُصُولِ، وَقَدْ نَبَّهَ الشَّارِحُ عَلَى الْخِلَافِ بِقَوْلِهِ الْآتِي إذَا قِيلَ: إنَّهُ مَنْطُوقٌ إلَخْ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَطَّانِ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَرَجَّحَهُ الْقَرَافِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَالْبِرْمَاوِيُّ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ قَالَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مَا لَهُ عَلَيَّ إلَّا دِينَارٌ كَانَ ذَلِكَ إقْرَارًا بِالدِّينَارِ وَلَوْ كَانَ بِالْمَفْهُومِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ فِي الْأَقَارِيرِ. اهـ.

قَالَ الْكَمَالُ: وَهُوَ الَّذِي يَنْثَلِجُ لَهُ الصَّدْرُ إذْ كَيْفَ يُقَالُ فِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَنَّ دَلَالَتَهَا عَلَى إثْبَاتِ الْأُلُوهِيَّةِ لِلَّهِ بِالْمَفْهُومِ اهـ.

وَأَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّهُ لَا بُعْدَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ نَفْيُ مَا خَالَفَنَا فِيهِ الْمُشْرِكُونَ لَا إثْبَاتُ مَا وَافَقُونَا عَلَيْهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِلْأَوَّلِ الْمَنْطُوقَ وَلِلثَّانِي الْمَفْهُومَ وَمَحَلُّ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ فِي الْأَقَارِيرِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ الْحَصْرِ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُمْ

(قَوْلُهُ: وَفَصْلُ الْمُبْتَدَأِ مِنْ الْخَبَرِ) أَيْ الْمُنَكَّرُ نَحْوُ زَيْدٌ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ عَمْرٍو أَيْ لَا غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْخَبَرِ الْمُعَرَّفِ فَاللَّامُ الْجِنْسِ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْحَصْرَ فَالْحَصْرُ فِيهِ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْخَبَرِ لَا مِنْ ضَمِيرِ الْفَصْلِ، فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا نَحْوُ زَيْدٌ هُوَ الْفَاضِلُ كَانَ تَأْكِيدًا لِلْحَصْرِ كَمَا ذَكَرَهُ التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ قَالَهُ الشَّيْخُ خَالِدٌ فِي شَرْحِ الْمَتْنِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ فِي تَمْثِيلِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} [الشورى: ٩] تَسَامُحًا وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَضَمِيرُ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْحَصْرَ وَالْحَصْرُ إثْبَاتٌ وَهُوَ مَنْطُوقٌ وَنَفْيٌ وَهُوَ مَفْهُومٌ

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا سَيَأْتِي) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِيهِ خِلَافًا (قَوْلُهُ: أَيْ إعْلَامًا) ذُكِرَ إشَارَةً إلَى وَجْهِ إفْرَادِ الضَّمِيرِ مَعَ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ جَمِيعٌ (قَوْلُهُ: أَيْ صَرَاحَةً) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ مَا قِيلَ إنَّهُ مَنْطُوقٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>