للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَاقِفِينَ لِغَلَبَةِ الذُّهُولِ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِهِ فِي الشَّرْعِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ الْمُبَلَّغِ عَنْهُ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ (وَ) أَنْكَرَ (إمَامُ الْحَرَمَيْنِ صِفَةً لَا تُنَاسِبُ الْحُكْمَ) كَأَنْ يَقُولَ الشَّارِعُ فِي الْغَنَمِ الْعُفْرِ الزَّكَاةُ قَالَ فَهِيَ فِي مَعْنَى اللَّقَبِ بِخِلَافِ الْمُنَاسَبَةِ كَالسَّوْمِ لِخِفَّةِ مُؤْنَةِ السَّائِمَةِ فَهِيَ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ وَلِكَوْنِ الْعِلَّةِ غَيْرَ الصِّفَةِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ أَطْلَقَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ عَنْهُ إنْكَارَ الصِّفَةِ وَلِكَوْنِ غَيْرِ الْمُنَاسَبَةِ فِي مَعْنَى اللَّقَبِ أَطْلَقَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْهُ الْقَوْلَ بِالصِّفَةِ.

وَأَمَّا غَيْرُهَا مِمَّا تَقَدَّمَ فَصَرَّحَ مِنْهُ بِالْعِلَّةِ وَالظَّرْفِ وَالْعَدَدِ وَالشَّرْطِ وَإِنَّمَا وَمَا وَإِلَّا وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي وَهُوَ الْمَذْكُورُ (وَ) أَنْكَرَ (قَوْمٌ الْعَدَدَ دُونَ غَيْرِهِ) فَقَالُوا لَا يَدُلُّ عَلَى مُخَالَفَةِ حُكْمِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ أَوْ النَّاقِصِ عَنْهُ

ــ

[حاشية العطار]

الثَّانِي الْمَحْكِيُّ صَدْرَ الْمَبْحَثِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ شَرْعًا قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُرَادَ فِي هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الشَّرْعَ مَحَلُّ الْمَفَاهِيمِ وَفِي ذَلِكَ الْقَوْلِ أَنَّهُ مُثْبِتٌ لَهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا جَلِيٌّ اهـ. نَاصِرٌ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفَرْقَ اعْتِبَارِيٌّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْوَاقِفِينَ) أَيْ الْمُحْبِسِينَ

(قَوْلُهُ: لِغَلَبَةِ الذُّهُولِ) تَعَقَّبَهُ الْكُورَانِيُّ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي دَلَالَتِهِ لُغَةً وَالدَّلَالَةُ الْتِفَاتُ النَّفْسِ مِنْ اللَّفْظِ إلَى الْمَعْنَى وَلَا دَخْلَ لِإِرَادَةِ اللَّافِظِ فِيهَا وَلَا لِشُعُورِهِ وَالتَّخَلُّفُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ إنَّمَا هُوَ بِوَاسِطَةِ مُعَارِضٍ أَقْوَى.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ الْمَفْهُومَ مَعْنًى يُقْصَدُ تَبَعًا لِلْمَنْطُوقِ فَلَا يُعْتَبَرُ مِمَّنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الذُّهُولُ إذْ الْأُمُورُ التَّابِعَةُ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهَا مِمَّنْ قَصَدَهَا وَلَاحَظَهَا وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الذُّهُولُ لَا وُثُوقَ بِقَصْدِهِ وَمُلَاحَظَتِهِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْمَعْنَى تَوَقُّفُ الدَّلَالَةِ عَلَى الْإِرَادَةِ بَلْ الَّذِي فِيهِ تَوَقُّفٌ اعْتِبَارُهَا فِي الْمَعَانِي التَّابِعَةِ لَا مُطْلَقًا عَلَى مَنْ يُوثَقُ فِيهِ بِإِرَادَتِهِ وَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ) أَيْ وَالرَّسُولُ مَعْصُومٌ عَنْ النُّطْقِ عَنْ الْهَوَى (قَوْلُهُ: وَأَنْكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إلَخْ) إنَّمَا أَنْكَرَ الصِّفَةَ غَيْرَ الْمُنَاسِبَةِ لِكَوْنِهَا فِي مَعْنَى اللَّقَبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهَا.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ الْمُنَاسَبَةِ فِي الْعِلَّةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَعِبَارَتُهُ فِي الْبُرْهَانِ الْحَقُّ الَّذِي نَرَاهُ أَنَّ كُلَّ صِفَةٍ لَا يُفْهَمُ بِهَا مُنَاسِبَةٌ لِلْحُكْمِ فَالْمَوْصُوفُ بِهَا كَالْمُلَقَّبِ بِلَقَبِهِ، وَالْقَوْلُ فِي تَخْصِيصِهِ بِالذِّكْرِ كَالْقَوْلِ فِي تَخْصِيصِ الْمُسَمَّيَاتِ بِأَلْقَابِهَا فَقَوْلُ الْقَائِلِ زَيْدٌ يَشْبَعُ إذَا أَكَلَ كَقَوْلِهِ الْأَبْيَضُ اللَّوْنُ يَشْبَعُ إذْ لَا أَثَرَ لِلْبَيَاضِ فِيمَا ذَكَرَ كَمَا لَا أَثَرَ لِلتَّسْمِيَةِ بِزَيْدٍ فِيهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ: وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الصِّفَةَ وَلَمْ يَفْصِلْهَا وَاسْتَقَرَّ أَيْ عَلَى تَقْسِيمِهَا وَإِلْحَاقِ مَا لَا يُنَاسِبُ مِنْهَا بِاللَّقَبِ وَحَصَرَ الْمَفْهُومَ فِيمَا يُنَاسِبُ (قَوْلُهُ: فِي الْغَنَمِ الْعُفْرِ) فِي الصِّحَاحِ شَاةٌ عَفْرَاءُ أَيْ يَعْلُو بَيَاضَهَا حُمْرَةٌ

(قَوْلُهُ: فَهِيَ فِي مَعْنَى اللَّقَبِ) لِعَدَمِ مُنَاسَبَةِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: فَهِيَ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ) فَلَهَا مَفْهُومٌ وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِ الْعِلَّةِ إلَخْ) اعْتِذَارٌ عَنْ الْإِمَامِ الرَّازِيّ وَابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ نَقَلَ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ إنْكَارَهُ مَفْهُومَ الصِّفَةِ. وَالثَّانِي نَقَلَ عَنْهُ الْقَوْلَ بِهِ وَكِلَا النَّقْلَيْنِ مَنْقُوصٌ بِأَنَّهُ إطْلَاقٌ فِي مَوْضِعِ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ الظَّاهِرِ) يَعْنِي أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الصِّفَةَ هِيَ النَّعْتُ وَبِحَسَبِ الِاصْطِلَاحِ لَفْظٌ مُقَيِّدٌ لِآخَرَ إلَخْ فَالْعِلَّةُ غَيْرُ الصِّفَةِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَمِنْهَا بِالْمَعْنَى الثَّانِي

(قَوْلُهُ: خِلَافَ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْعِلَّةِ غَيْرَ الصِّفَةِ مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ شُمُولِ الصِّفَةِ لِلْعِلَّةِ

(قَوْلُهُ: أَطْلَقَ الْإِمَامُ) أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِغَيْرِ الْمُنَاسِبَةِ؛ لِأَنَّ الْمُنَاسِبَةَ الَّتِي أَثْبَتَهَا عِلَّةٌ فِي الْمَعْنَى

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الصِّفَةِ الَّتِي لَا يُنَاسِبُ وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَأَنْكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ صِفَةً لَا تُنَاسِبَ وَفِي نُسْخَةِ غَيْرِهِمَا أَيْ الصِّفَةِ الَّتِي لَا تُنَاسِبُ وَاللَّقَبِ

(قَوْلُهُ: مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ أَقْسَامِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ (قَوْلُهُ: فَصَرَّحَ) أَيْ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ (قَوْلُهُ: عَنْ الْبَاقِي) وَهُوَ الْحَالُ وَالْغَايَةُ وَضَمِيرُ الْفَصْلِ وَتَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ لَكِنَّ الْأَخِيرَ صَرَّحَ بِهِ أَيْضًا فَلَمْ يَسْكُتْ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَالْمَذْكُورِ) فَإِنَّ الْحَالَ فِي مَعْنَى الصِّفَةِ يَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ الْمُنَاسِبِ وَغَيْرِهِ وَالْغَايَةُ فِي مَعْنَى الظَّرْفِ، فَإِنْ أَجَّرْتُك الدَّارَ إلَى آخِرِ هَذَا الشَّهْرِ بِكَذَا فِي مَعْنَى أَجَرْتُهَا بَقِيَّةَ هَذَا الشَّهْرِ وَفَصْلُ الْمُبْتَدَأِ مِنْ الْخَبَرِ فِي مَعْنَى مَا وَإِلَّا (قَوْلُهُ: وَأَنْكَرَ قَوْمٌ الْعَدَدَ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَفْهُومُ الْعَدَدِ بَاطِلٌ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ هُوَ الْعُمْدَةُ عِنْدَنَا فِي عَدَمِ تَنْقِيصِ الْحِجَارَةِ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ فِي الثَّلَاثَةِ وَالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>