للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِإِنْكَارِ قَوْمٍ لَهُ دُونَهَا كَمَا تَقَدَّمَ (فَتَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ) آخِرُ الْمَفَاهِيمِ (لِدَعْوَى الْبَيَانِيِّينَ) فِي فَنِّ الْمَعَانِي (أَفَادَتْهُ الِاخْتِصَاصَ) أَخْذًا مِنْ مَوَارِدِ الْكَلَامِ الْبَلِيغِ (وَخَالَفَهُمْ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَبُو حَيَّانَ) فِي ذَلِكَ (الِاخْتِصَاصِ) الْمُفَادِ (الْحَصْرُ) الْمُشْتَمِلُ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَنْ غَيْرِ الْمَذْكُورِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ (خِلَافًا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ) وَالِدِ الْمُصَنِّفِ (حَيْثُ أَثْبَتَهُ وَقَالَ: لَيْسَ هُوَ الْحَصْرَ) وَإِنَّمَا هُوَ قَصْدُ الْخَاصِّ مِنْ جِهَةِ خُصُوصِهِ فَإِنَّ الْخَاصَّ كَضَرْبِ زَيْدٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُطْلَقِ الضَّرْبِ قَدْ يُقْصَدُ فِي الْإِخْبَارِ بِهِ لَا مِنْ جِهَةِ خُصُوصِهِ فَيَأْتِي بِأَلْفَاظِهِ فِي مَرَاتِبِهَا.

وَقَدْ يُقْصَدُ مِنْ جِهَةِ خُصُوصِهِ

ــ

[حاشية العطار]

تَكُونَ مُنَاسِبَةً وَأُجِيبَ بِأَنَّ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُنَاسَبَةُ الْعِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ وَالْكَلَامُ فِي الْعِلَّةِ اللُّغَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِإِنْكَارِ قَوْمٍ) ، فَإِنَّ بَعْضَ الْقَائِلِينَ بِالْمَفْهُومِ يُنْكِرُ مَفْهُومَ الْعَدَدِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ هُنَاكَ مَنْ أَنْكَرَ الْكُلَّ كَأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

(قَوْلُهُ: لِدَعْوَى الْبَيَانِيِّينَ) عِلَّةٌ لِمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ فَتَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ مِنْ إثْبَاتِ مَفْهُومِ تَقْدِيمِ الْمَعْمُولِ لَا لِتَرَتُّبِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَتَأَخُّرِهِ عَنْهُ كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْعِبَارَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ مَوَارِدِ الْكَلَامِ) حَالٌ مِنْ دَعْوَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّا وَجَدْنَا الْبُلَغَاءَ إذَا أَرَادُوا الْحَصْرَ قَدَّمُوا الْمَعْمُولَ (قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُمْ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَبُو حَيَّانَ) احْتَجَّ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ لَوْ دَلَّ التَّقْدِيمُ فِي نَحْوِ بَلْ اللَّهَ فَاعْبُدْ عَلَى الْحَصْرِ لَدَلَّ التَّأْخِيرُ فِي نَحْوِ فَاعْبُدْ اللَّهَ عَلَى عَدَمِ الْحَصْرِ لِكَوْنِهِ نَقِيضَهُ وَهُوَ بَاطِلٌ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ نَقِيضَ الدَّلَالَةِ عَلَى الْحَصْرِ هَاهُنَا عَدَمُ الدَّلَالَةِ عَلَى نَفْيِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ إفَادَةِ الْحَصْرِ إفَادَةُ نَفْيِهِ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالَ: إنَّ التَّقْدِيمَ لِلِاهْتِمَامِ وَالْعِنَايَةِ وَنَقَلَ فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِهِ عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: إنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ الَّذِي شَأْنُهُ أَهَمُّ وَهُمْ بِبَيَانِهِ أَعْنَى.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاهْتِمَامَ لَا يُنَافِي الِاخْتِصَاصَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ إثْبَاتِهِ نَفْيُ الِاخْتِصَاصِ نَعَمْ الِاخْتِصَاصُ لَازِمٌ لِتَقْدِيمِ الْمَعْمُولِ غَالِبًا فَقَدْ يَكُونُ لِمُجَرَّدِ الِاهْتِمَامِ وَالتَّبَرُّكِ وَالتَّلَذُّذِ بِذِكْرِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ فِي إفَادَةِ التَّقْدِيمِ الِاخْتِصَاصُ خِلَافًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التَّقْدِيمَ يُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي الِاخْتِصَاصِ الَّذِي أَفَادَهُ التَّقْدِيمُ هَلْ هُوَ الْحَصْرُ أَوْ الِاهْتِمَامُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: اُتُّفِقَ عَلَى أَنَّ التَّقْدِيمَ مُفِيدٌ الِاخْتِصَاصَ، وَاخْتُلِفَ فِي الِاخْتِصَاصِ الْمُفَادِ مَا هُوَ فَقَالَ الْبَيَانِيُّونَ: هُوَ الْحَصْرُ وَخَالَفَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَبُو حَيَّانِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَالِاخْتِصَاصُ الْحَصْرُ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَالْحَصْرُ إثْبَاتُ الْحُكْمِ لِلْمَذْكُورِ وَنَفْيُهُ عَمَّا عَدَاهُ فَهُوَ مُرَكَّبٌ وَجُزْؤُهُ الْإِثْبَاتِيُّ مَنْطُوقٌ وَالسَّلْبِيُّ مَفْهُومٌ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِيهِ فَلِذَلِكَ تَعَرَّضَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ إلَخْ وَهُوَ مِنْ اشْتِمَالِ الْكُلِّ عَلَى أَحَدِ جُزْأَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ دَعْوَى الْبَيَانِيِّينَ (قَوْلُهُ: لَيْسَ الْحَصْرَ) أَيْ لَيْسَ الِاخْتِصَاصُ الْحَصْرَ فَالْحَصْرُ مَنْصُوبُ خَبَرِ لَيْسَ وَاسْمُهَا ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ يَعُودُ لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ بَلْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْحَصْرَ إثْبَاتُ الْحُكْمِ لِشَيْءٍ وَنَفْيُهُ عَمَّا عَدَاهُ وَالِاخْتِصَاصُ إعْطَاءُ الْحُكْمِ لِلشَّيْءِ وَالسُّكُوتُ عَمَّا عَدَاهُ فَتَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ إنَّمَا يُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ لَا غَيْرُ، وَإِنَّ اُسْتُفِيدَ النَّفْيُ فَمِنْ دَلِيلٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: قَصْدُ الْخَاصِّ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْخَاصَّ لَهُ جِهَتَانِ: جِهَةُ خُصُوصٍ وَجِهَةُ عُمُومٍ مِثَالُ الْخَاصِّ ضَرَبَ زَيْدٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُطْلَقِ الضَّرْبِ الصَّادِرِ مِنْ زَيْدٍ وَغَيْرِهِ فَهَذَا الْخَاصُّ قَدْ يُقْصَدُ فِي الْإِخْبَارِ بِهِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ خُصُوصِهِ بِأَنْ لَا يُقْصَدَ مِنْ حَيْثُ وُقُوعُهُ عَلَى مُعَيَّنٍ كَعَمْرٍو فَيُؤْتَى بِأَلْفَاظِهِ مِنْ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ فِي مَرَاتِبِهَا بِأَنْ يُقَدَّمَ الْفِعْلُ فَالْفَاعِلُ فَالْمَفْعُولُ، وَقَدْ يُقْصَدُ فِي الْإِخْبَارِ بِهِ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ أَيْ مِنْ حَيْثُ وُقُوعُهُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيُقَدَّمُ الْمَفْعُولُ عَلَى الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ الْقَصْدِ لَا لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ

(قَوْلُهُ: كَضَرْبِ زَيْدٍ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ كَزَيْدًا ضَرَبْت

(قَوْلُهُ: لَا مِنْ جِهَةِ خُصُوصِهِ) أَيْ وُقُوعِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَكُونُ ذِكْرُ الْمَعْمُولِ حِينَئِذٍ لِكَوْنِهِ مَحَلًّا لِلْحُكْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>