كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ مَفْهُومٌ وَلَا مَنْطُوقٌ (وَ) أَنَّمَا (بِالْفَتْحِ الْأَصَحُّ أَنَّ حَرْفَ أَنَّ فِيهَا) مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ إنَّ.
(فَرْعٌ) إنَّ (الْمَكْسُورَةُ) فَهِيَ الْأَصْلُ لِاسْتِغْنَائِهَا بِمَعْمُولَيْهَا فِي الْإِفَادَةِ بِخِلَافِ الْمَفْتُوحَةِ لِأَنَّهَا مَعَ مَعْمُولَيْهَا بِمَنْزِلَةِ مُفْرَدٍ وَقِيلَ الْمَفْتُوحَةُ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْمُفْرَدَ أَصْلٌ لِأَنَّ لَهُ مَحَالَّ يَقَعُ فِيهَا دُونَ الْآخَرِ (وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ هُنَا وَهُوَ أَنَّ الْمَفْتُوحَةَ فَرْعُ الْمَكْسُورَةِ أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ اللَّازِمِ لَهُ فَرْعِيَّةٌ أَنَّمَا بِالْفَتْحِ لِإِنَّمَا بِالْكَسْرِ (ادَّعَى الزَّمَخْشَرِيُّ) فِي تَفْسِيرِ {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الأنبياء: ١٠٨] وَتَبِعَهُ الْبَيْضَاوِيُّ فِيهِ (إفَادَتُهَا) أَيْ إفَادَةُ أَنَّمَا بِالْفَتْحِ (الْحَصْرَ) كَإِنَّمَا بِالْكَسْرِ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ لِلْأَصْلِ يَثْبُتُ لِلْفَرْعِ حَيْثُ لَا مُعَارِضَ وَالْأَصْلُ انْتِفَاؤُهُ وَالزَّمَخْشَرِيُّ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهَذَا الْمَأْخَذِ قُوَّةُ كَلَامِهِ تُشِيرُ إلَيْهِ وَمَعْنَى الْآيَةِ عَلَى هَذَا مَا قَالَهُ إنَّ الْوَحْيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ فِي أَمْرِ الْإِلَهِ مَقْصُورٌ
ــ
[حاشية العطار]
مَفْعُولٍ تُفِيدُ الْمَحْذُوفَ الَّذِي هُوَ الْحَصْرُ وَقَوْلُهُ لِتَبَادُرِ إلَخْ عِلَّةٌ نُطْقًا وَهَلْ هَذَا مِنْ كَلَامِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ أَوْ لَا الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّ عُورِضَ إلَخْ) أَيْ فَلَا دَلِيلَ فِي الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ إفَادَةِ النَّفْيِ عَنْ غَيْرِ الْمَذْكُورِ لِأَمْرٍ عَارَضَهُ وَهُوَ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ»
(قَوْلُهُ: بِمَا هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ) أَيْ بِدَلِيلٍ مُقَدَّمٍ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ مَنْطُوقًا صَرِيحًا (قَوْلُهُ: وَلَا بَعْدُ إلَخْ) رَدٌّ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا إنَّ الْمُؤَكَّدَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ قَوْلِهِ بِإِنَّمَا) أَيْ بِكَوْنِهَا تُفِيدُ الْحَصْرَ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي الْكَلَامِ عَلَى إنْكَارِهِ صِفَةً لَا تُنَاسِبُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ إلَخْ) يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ قَبْلَ الْمَسْأَلَةِ الْغَايَةُ فِي قَوْلِهِ فَصَرَّحَ فِيهِ بِالْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: حَرْفُ أَنْ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْفَرْعِيَّةَ لِمُطْلَقِ إنَّ لَا الْمُرَكَّبَةِ مَعَ مَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَرْعُ إنَّ الْمَكْسُورَةِ وَأَنَّ الْفَرْعِيَّةُ لِلْمُرَكَّبَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مِنْ أَفْرَادِ الْمُطْلَقَةِ (قَوْلُهُ: بِمَنْزِلَةِ مُفْرَدٍ) فَلَا تُسْتَغْنَى فِي الْإِفَادَةِ؛ لِأَنَّ الْمُفْرَدَ لَا يُفِيدُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ كُلُّ أَصْلٍ) إنَّمَا نُكِّرَ الْأَصْلُ فِي هَذَا لِعَدَمِ إرَادَةِ الْحَصْرِ بِخِلَافِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَا مَحَالَّ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمَكْسُورَةِ وَالْمَفْتُوحَةِ ثُمَّ إنَّ هَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ لَهُمَا مَحَالَّ يَشْتَرِكَانِ فِيهَا، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ: لِأَنَّ مَحَالَّ كُلٍّ لَا يَقَعُ فِيهِ الْآخَرُ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ أَجْلِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مِنْ لِلتَّعْلِيلِ وَأَنَّ الْإِشَارَةَ لِلْبَعِيدِ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ أَعْرَاضٌ تَنْقَضِي بِمُجَرَّدِ النُّطْقِ بِهَا
(قَوْلُهُ: اللَّازِمُ لَهُ) جَعْلُهُ أَنَّ بِالْفَتْحِ مِنْ حَيْثُ هِيَ فَرْعُ إنَّ بِالْكَسْرِ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَحْوَجُهُ لِدَعْوَى الِاسْتِلْزَامِ وَلَوْ حُمِلَ الْمَتْنُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ كَوْنِ أَنَّ بِالْفَتْحِ فِي إنَّمَا فَرْعُ إنَّ بِالْكَسْرِ فِي إنَّمَا لَاسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّازِمَ بِعَيْنِهِ وَهُوَ الْمَأْخَذُ حَقِيقَةً هَذَا مَا اعْتَرَضَ بِهِ النَّاصِرُ.
وَأَجَابَ سم بِأَنَّ فَرْعِيَّةَ أَنَّ بِالْفَتْحِ فِي إنَّمَا بِالْكَسْرِ فِي إنَّمَا يُجِيزُ فَرْعِيَّةَ مَجْمُوعِ إنَّمَا بِالْفَتْحِ لِمَجْمُوعِ إنَّمَا بِالْكَسْرِ إذْ فَرْعِيَّةُ جُزْءِ أَحَدِ الْكَلِمَتَيْنِ بِجُزْءِ الْأُخْرَى غَيْرُ فَرْعِيَّةِ إحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ لِلْأُخْرَى فَلَا بُدَّ فِي بَيَانِ كَوْنِ مَا ذَكَرَهُ مَنْشَأً لِمَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ بَيَانِ اسْتِلْزَامِ الْفَرْعِيَّةِ الْأُولَى لِلْفَرْعِيَّةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمَنْشَأُ فِي الْحَقِيقَةِ لِمَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ اهـ. وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ انْتِفَاؤُهُ) أَيْ الْمُعَارِضِ (قَوْلُهُ: بِهَذَا الْمَأْخَذِ) وَهُوَ كَوْنُ الْمَفْتُوحَةِ فَرْعَ الْمَكْسُورَةِ اللَّازِمِ لَهُ مَا تَقَدَّمَ الْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: قُوَّةُ كَلَامِهِ) ، فَإِنَّهُ قَالَ إنَّمَا لِقَصْرِ الْحُكْمِ عَلَى الشَّيْءِ أَوْ لِقَصْرِ الشَّيْءِ عَلَى حُكْمٍ كَقَوْلِك إنَّمَا زَيْدٌ قَائِمٌ وَإِنَّمَا يَقُومُ زَيْدٌ، وَقَدْ اجْتَمَعَ الْمِثَالَانِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ؛ لِأَنَّ {إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ} [الأنبياء: ١٠٨] مَعَ فَاعِلِهِ بِمَنْزِلَةِ إنَّمَا يَقُومُ زَيْدٌ {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الكهف: ١١٠] بِمَنْزِلَةِ إنَّمَا زَيْدٌ قَائِمٌ اهـ.
فَنِسْبَةُ الْقَصْرَيْنِ إلَى إنَّمَا بِالْكَسْرِ وَجَعْلُ {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الكهف: ١١٠] هُوَ الْوَحْدَانِيَّةُ مِثَالًا لِلثَّانِي ظَاهِرٌ فِي الْفَرْعِيَّةِ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ التَّمْثِيلُ بِالْمَفْتُوحَةِ لِلْمَكْسُورَةِ قَالَهُ النَّجَّارِيُّ
(قَوْلُهُ: أَنَّ الْوَحْيَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فِي أَمْرِ الْإِلَهِ) أَيْ لَا فِي غَيْرِهِ كَالْأَحْكَامِ وَالْمَوَاعِظِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرُ مَا يُوحِي إلَيْهِ فِي