للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ مِنْ الْأُمُورِ الْمَلْطُوفِ بِالنَّاسِ بِهَا (حُدُوثُ الْمَوْضُوعَاتِ اللُّغَوِيَّةِ) بِإِحْدَاثِهِ تَعَالَى وَإِنْ قِيلَ وَاضِعُهَا غَيْرُهُ مِنْ الْعِبَادِ لِأَنَّهُ الْخَالِقُ لِأَفْعَالِهِمْ (لِيُعَبِّرَ عَمَّا فِي الضَّمِيرِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ لَيُعَبِّرَ كُلٌّ مِنْ النَّاسِ عَمَّا فِي نَفْسِهِ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ لِغَيْرِهِ حَتَّى يُعَاوِنَهُ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ بِهِ (وَمَرَّ) فِي الدَّلَالَةِ عَلَى مَا فِي الضَّمِيرِ (أَفْيَدُ مِنْ الْإِشَارَةِ وَالْمِثَالِ) أَيْ الشَّكْلُ لِأَنَّهَا تَعُمُّ الْمَوْجُودَ وَالْمَعْدُومَ وَهُمَا يَخُصَّانِ الْمَوْجُودَ الْمَحْسُوسَ (وَأَيْسَرُ) مِنْهُمَا أَيْضًا لِمُوَافَقَتِهَا لِلْأَمْرِ الطَّبِيعِيِّ دُونَهُمَا بِأَنَّهَا كَيْفِيَّاتٌ تَعْرِضُ لِلنَّفْسِ الضَّرُورِيَّ

ــ

[حاشية العطار]

إيصَالِ الْإِحْسَانِ إلَى الْعَبْدِ أَوْ إرَادَةِ ذَلِكَ الْحُدُوثِ وَلَيْسَ الْحُدُوثُ بَعْضًا مِنْهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِمَعْنًى مَلْطُوفٍ بِهِ بِحَيْثُ يَأْتِي بِالْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ اللَّفْظُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ بَيَانُ الْمَعْنَى فَلَا يُقَالُ إنَّ فِيهِ حَذْفَ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ الَّذِي هُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَهُوَ كَأَصْلِهِ مُمْتَنِعُ الْحَذْفِ (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ بِسَبَبِهَا بِمَعْنَى أَنَّهَا سَبَبٌ لِحُصُولِ أَثَرِ اللَّطَفِ وَهُوَ إفْهَامُ مَا فِي النَّفْسِ بِالْأَلْفَاظِ، فَإِنَّهُ نِعْمَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى حُدُوثِ الْمَوْضُوعَاتِ تَرَتُّبَ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ اللَّطَفَ لَازِمٌ يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ بِالْبَاءِ هِيَ فِي الْأَوَّلِ لِمُجَرَّدِ التَّعْدِيَةِ وَفِي الثَّانِي لَهَا مَعَ السَّبَبِيَّةِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْفِعْلَ الْوَاحِدَ لَا يَتَعَدَّى إلَى اثْنَيْنِ بِحَرْفَيْنِ مُتَّحِدِي الْمَعْنَى

(قَوْلُهُ: الْمَوْضُوعَاتِ اللُّغَوِيَّةِ) خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِشَرَفِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ هُنَا مُطْلَقَ اللُّغَاتِ؛ لِأَنَّ كُلَّ إنْسَانٍ يَحْتَاجُ إلَى لُغَتِهِ أَوْ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ وَغَيْرَهَا وَالْقَرِينَةُ عَلَى ذَلِكَ التَّفْسِيرِ الْآتِي أَعْنِي قَوْلَهُ وَهِيَ الْأَلْفَاظُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِإِحْدَاثِهِ تَعَالَى) تَحْقِيقٌ لِلْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ الْحُدُوثَ لَا يَكُونُ إلَّا بِإِحْدَاثِهِ تَعَالَى

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْخَالِقُ لِأَفْعَالِهِمْ) أَيْ وَمِنْهَا الْوَضْعُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ الْمَوْضُوعَاتِ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مَوْضُوعَاتٌ، فَإِنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِالْعِلِّيَّةِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ النَّاصِرِ لَا يَلْزَمُ مِنْ خَلْقِ الْأَلْفَاظِ الْوَضْعُ، فَإِنَّهُ لَا يَرِدُ إلَّا لَوْ أُرِيدَ بِالْأَفْعَالِ الْأَلْفَاظُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ) فَيَكُونُ الْفِعْلُ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ

(قَوْلُهُ: مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى كُلٍّ وَضَمِيرُ إلَيْهِ يَرْجِعُ إلَى مَا وَضَمِيرُ فِي مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ يَرْجِعُ إلَى كُلٍّ أَيْضًا، وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي لِغَيْرِهِ وَأُتِيَ بِالْمَعْمُولِ عَامًّا؛ لِأَنَّ حَذْفَهُ يُؤْذِنُ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ أَيْ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِ الْغَيْرِ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْمَوْضُوعَاتُ اللُّغَوِيَّةُ أَيْ دَلَالَتُهَا وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ فِي الدَّلَالَةِ (قَوْلُهُ: أَفْيَدُ) مَصُوغٌ مِنْ فَادَ الثُّلَاثِيِّ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ فَادَتْ لَهُ فَائِدَةٌ بِمَعْنَى حَصَلَتْ أَوْ مِنْ أَفَادَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ سم أَنَّ فِي أَخْذِ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ مِنْ الرُّبَاعِيِّ الْمَصْدَرِ بِالْهَمْزَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَهُوَ جَارٍ عَلَى أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْمَوْضُوعَاتِ أَيْ دَلَالَتُهَا

(قَوْلُهُ: وَهُمَا يَخُصَّانِ إلَخْ) وَأَيْضًا يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ أَنْ يَحْصُلَ لِكُلِّ شَيْءٍ مِثَالًا يُطَابِقُهُ؛ لِأَنَّ الْأَمْثِلَةَ الْمُجَسَّمَةَ كَمَا يَجْعَلُ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ لَا نَفْيَ بِالْمَعْدُومَاتِ وَالْمُخَطَّطَةِ كَانَ يَنْقُشُ صُورَةَ الْفَرَسِ عَلَى جِدَارٍ كَذَلِكَ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ شُمُولِ الْمِثَالِ وَالشَّكْلِ لِلْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخُصُّ الْمَوْجُودَ الْمَحْسُوسَ بَلْ تَشْمَلُ الْمَعْدُومَ أَيْضًا لَكِنَّ الْأَلْفَاظَ أَيْسَرُ مِنْهَا وَكَانَ وَجْهُ تَرْكِ الْمُصَنِّفُ لَهَا أَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ الْأَلْفَاظِ فَهِيَ مِنْ تَوَابِعِهَا

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا كَيْفِيَّاتٌ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّوْتَ كَيْفِيَّةٌ قَائِمَةٌ بِالْهَوَاءِ كَمَا هُوَ رَأْيُ الْحُكَمَاءِ وَفِي الطَّوَالِعِ أَنَّ الْحُرُوفَ كَيْفِيَّاتٌ عَارِضَةٌ لِلْأَصْوَاتِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الشِّفَاءِ وَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ الْحُكَمَاءِ فَكَيْفَ جَعَلَهَا هُنَا كَيْفِيَّةً لِلنَّفْسِ وَهُوَ لَيْسَ بِصَوْتٍ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْحَرْفَ عَارِضٌ لِلصَّوْتِ وَهُوَ لِلنَّفْسِ وَالْعَارِضُ لِلْعَارِضِ عَارِضٌ وَفِيهِ قِيَامُ الْعَارِضِ بِالْعَرَضِ وَالْحُكَمَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>