للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَتَعْرِيفِ الْحُكْمِ وَأَقْسَامِهِ إذْ يُثْبِتُهَا الْأُصُولِيُّ تَارَةً وَيَنْفِيهَا أُخْرَى كَمَا سَيَأْتِي

ــ

[حاشية العطار]

وُجِدَ فِيهَا الْأَمْرُ أَنَّ مُقَدِّمَةَ الْكِتَابِ وَالْعِلْمِ قَالَ سَمِّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ كَلَامَ الْمُطَوَّلِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ وَمُقَدِّمَةِ الْعِلْمِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ مُوَافِقٌ لِمَا قَرَّرَهُ السَّعْدُ فَإِنَّ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهَا فِي الْمَقْصُودِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَتَوَقَّفَ عَلَيْهَا أَوَّلًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ مَعَ تَوَقُّفِهِ عَلَى تَعَلُّقِهَا بَعْدَ قَوْلِهِ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا فِيهِ فَتَصْلُحُ أَنْ تُجْعَلَ مُقَدِّمَةَ الْكِتَابِ مُتَضَمِّنَةً لِمُقَدِّمَةِ الْعِلْمِ اهـ.

فَاعْتَرَضَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مُقَدِّمَةَ الْعِلْمِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشُّرُوعُ فِي مَسَائِلِهِ مِنْ تَعْرِيفِهِ بِحَدِّهِ وَغَايَتِهِ وَمَوْضُوعِهِ وَلَمْ تُذْكَرْ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ هُنَا فَهَذِهِ مُقَدِّمَةُ كِتَابٍ فَقَطْ فَجَعَلَهَا مُقَدِّمَةَ عِلْمٍ وَكِتَابٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ كَتَعْرِيفِ الْحُكْمِ فَاسِدًا اهـ.

وَأَقُولُ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْفَسَادِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَالْمُحَشِّي

وَآفَتُهُ مِنْ الْفَهْمِ السَّقِيمِ

فَإِنَّ الْمُحَشِّيَ لَمْ يُصَرِّحْ بِهَذَا الْأَخْذِ وَإِنَّمَا الْمُصَنِّفُ لَمَّا عَرَّفَ فَنَّ الْأُصُولِ بِقَوْلِهِ أُصُولُ الْفِقْهِ دَلَائِلُ الْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةُ وَهَذَا التَّعْرِيفُ يَتَضَمَّنُ ذِكْرَ مَوْضُوعِهِ بِأَنَّهُ هِيَ الدَّلَائِلُ الْإِجْمَالِيَّةُ وَقَوْلُهُ فَالْأُصُولِيُّ الْعَارِفُ بِهَا إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ فَائِدَةُ هَذَا الْعِلْمِ وَهِيَ كَيْفِيَّةُ اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ مِنْ الدَّلَائِلِ الْإِجْمَالِيَّةِ فَقَدْ وُجِدَتْ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي هِيَ مُسَمَّى مُقَدِّمَةِ الْعِلْمِ وَذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ أَيْضًا تَعَارِيفُ اصْطِلَاحَاتٍ تُذْكَرُ فِي الْمَقْصُودِ كَتَعْرِيفِ الْحُكْمِ وَأَقْسَامِهِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْمَقْصُودِ فَصَارَتْ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مُقَدِّمَةَ كِتَابٍ أَيْضًا فَهِيَ صَالِحَةٌ لَهُمَا مَعًا فَإِنْ نُظِرَ لِجِهَةِ الْخُصُوصِ أَعْنِي بِذَلِكَ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ فَهِيَ مُقَدِّمَةُ عِلْمٍ وَإِنْ نُظِرَ لِجِهَةِ الْعُمُومِ أَعْنِي جَمِيعَ مَا ذُكِرَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ مِمَّا لَهُ ارْتِبَاطٌ بِالْمَقْصُودِ فَهِيَ مُقَدِّمَةُ كِتَابٍ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ سَمِّ فَتَصْلُحُ حِينَئِذٍ كَيْفَ وَهُوَ مُعْتَرَفٌ بِأَنَّ مُقَدِّمَةَ الْعِلْمِ اسْمٌ لِلْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَسَيَأْتِي نَقْلُ كَلَامِ السَّيِّدِ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّفْتَازَانِيَّ فِي شَرْحِ الشَّمْسِيَّةِ اعْتَرَضَ عَلَى الْقَوْمِ بِقَوْلِهِ إنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ تَوَقُّفِ الشُّرُوعِ فِي الشَّيْءِ عَلَى كَذَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الشُّرُوعُ بِدُونِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ شَيْئًا مَا ذُكِرَ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّوَقُّفِ بِهَذَا الْمَعْنَى أَلَا تَرَى أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الطَّالِبِينَ يُحَصِّلُ كَثِيرًا مِنْ الْعُلُومِ الْأَدَبِيَّةِ كَالنَّحْوِ وَغَيْرِهِ مَعَ الذُّهُولِ عَنْ رَسْمِهَا وَغَايَاتِهَا؛ لِأَنَّ كَوْنَ الطَّالِبِ عَلَى بَصِيرَةٍ مِمَّا لَيْسَ لَهُ مَعْنًى مُحَصَّلٌ يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى مَا قَصَدُوهُ وَلِأَنَّ تَمَيُّزَ الْعِلْمِ عِنْدَ الطَّالِبِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بَيَانِ الْمَوْضُوعِ بَلْ قَدْ يَحْصُلُ بِجِهَاتٍ أُخَرَ، نَعَمْ، تَمَايُزُ الْعُلُومِ فِي أَنْفُسِهَا إنَّمَا يَكُونُ بِتَمَايُزِ الْمَوْضُوعَاتِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: كَتَعْرِيفِ الْحُكْمِ) أَيْ وَكَتَعْرِيفِ أُصُولِ الْفِقْهِ.

(قَوْلُهُ: إذْ يُثْبِتُهَا الْأُصُولِيُّ) ضَمِيرُهُ يَعُودُ لِلْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْحُكْمِ وَأَقْسَامِهِ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ إمْكَانَ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّصَوُّرِ بِوَجْهٍ مَا لَا عَلَى التَّصَوُّرِ بِالتَّعْرِيفِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ إمْكَانُ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ عَلَى وَجْهِ الْبَصِيرَةِ يَتَوَقَّفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>