(إلَّا الْإِيمَانَ) فَإِنَّهُ فِي الشَّرْعِ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ، أَيْ: تَصْدِيقِ الْقَلْبِ، وَإِنْ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ فِي الِاعْتِدَادِ بِهِ التَّلَفُّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ الْقَادِرِ كَمَا سَيَأْتِي (وَتَوَقَّفَ الْآمِدِيُّ) فِي وُقُوعِهَا (، وَالْمُخْتَارُ وِفَاقًا لِأَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ، وَالْإِمَامَيْنِ) أَيْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْإِمَامِ الرَّازِيّ (وَابْنُ الْحَاجِبِ وُقُوعُ الْفَرْعِيَّةِ) كَالصَّلَاةِ (لَا الدِّينِيَّةِ) كَالْإِيمَانِ فَإِنَّهَا فِي الشَّرْعِ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ (وَمَعْنَى الشَّرْعِيِّ)
ــ
[حاشية العطار]
فِي كَيْفِيَّةِ وُقُوعِهَا فَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ إنَّهَا حَقَائِقُ وَضَعَهَا الشَّارِعُ مُبْتَكَرَةً لَمْ يُلَاحِظْ فِيهَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ أَصْلًا وَلَا لِلْعَرَبِ فِيهَا تَصَرُّفٌ وَقَالَ غَيْرُهُمْ إنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَقَائِقِ اللُّغَوِيَّةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ اُسْتُعِيرَ لَفْظُهَا لِلْمَدْلُولِ الشَّرْعِيِّ لِعَلَاقَةٍ، فَهِيَ عَلَى هَذَا مَجَازَاتٌ لُغَوِيَّةٌ وَحَقَائِقُ شَرْعِيَّةٌ هَذَا، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مَا سَيُذْكَرُ اهـ.
زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: الْإِيمَانَ) أَيْ فَقَطْ لَا غَيْرُ فَغَايَرَ الْمُخْتَارَ الْآتِي.
(قَوْلُهُ: أَيْ: تَصْدِيقِ الْقَلْبِ إلَخْ) بَحَثَ فِيهِ النَّاصِرُ بِأَنَّ الْإِيمَانَ شَرْعًا مَعْنَاهُ تَصْدِيقُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَمِيعِ مَا عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ مَجِيئُهُ بِهِ وَلُغَةً مُطْلَقُ التَّصْدِيقِ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ، وَالْأَعَمُّ غَيْرُ الْأَخَصِّ قَطْعًا، وَإِنْ صَدَقَ عَلَيْهِ بِدُونِ الْعَكْسِ اهـ.
وَمُحَصِّلُ مَا أَجَابَ بِهِ سم أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ حَقِيقَةٌ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُ الْعَامِّ فِيهِ، وَهُوَ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ إذْ لِلْخَصْمِ أَنْ يَقُولَ إنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْخَاصِّ هُنَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ فَيَعُودُ الْإِشْكَالُ، فَالْحَقُّ أَنَّ مَبْنِيَّ الْبَحْثِ عَلَى أَنَّ التَّصْدِيقَ الشَّرْعِيَّ مُغَايِرٌ لِلتَّصْدِيقِ اللُّغَوِيِّ بِالْعُمُومِ، وَالْخُصُوصِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمُتَكَلِّمِينَ، وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ التَّصْدِيقَ اللُّغَوِيَّ هُوَ الشَّرْعِيُّ، بَلْ الْمَنْطِقِيُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ وَحَوَاشِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ وَعَلَى هَذَا الْإِشْكَالُ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ الْكَمَالُ وَجَعْلُ الْمُتَعَلِّقِ خَاصًّا فِي الْإِيمَانِ لَا يَقْتَضِي نَقْلَهُ عَنْ كَوْنِهِ تَصْدِيقًا بِالْقَلْبِ هُوَ بَاقٍ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ فِي الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ) قَالَ النَّاصِرُ لَا يَتِمُّ إلَّا إذَا كَانَ اعْتِبَارُ التَّلَفُّظِ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لَا شَطْرٌ اهـ.
قُلْنَا هُوَ كَذَلِكَ عَلَى التَّحْقِيقِ فَتَمَّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: إمَامِ الْحَرَمَيْنِ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَأَمَّا الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا فَيَقْتَضِي بَيَانُهُ تَقْدِيمَ أَصْلٍ، وَذَكَرَهُ، ثُمَّ قَالَ فَإِذَا تَبَيَّنَ هَذَا بَنَيْنَا عَلَيْهِ غَرَضَنَا وَقُلْنَا الدُّعَاءُ الْتِمَاسٌ وَأَفْعَالُ الْمُصَلِّي أَحْوَالٌ يَخْضَعُ فِيهَا لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَبْتَغِي فِيهَا الْتِمَاسًا فَعَمَّمَ الشَّارِعُ عُرْفًا فِي تَسْمِيَةِ تِلْكَ الْأَفْعَالِ دُعَاءً تَجَوُّزًا وَاسْتِعَارَةً وَخَصَّصَ اسْمَ الصَّلَاةِ بِدُعَاءٍ مَخْصُوصٍ فَلَا تَخْلُو الْأَلْفَاظُ الشَّرْعِيَّةُ عَنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، وَهُمَا مُلْتَقِيَانِ مِنْ عُرْفِ الشَّرْعِ فَمَنْ قَالَ إنَّ الشَّرْعَ زَادَ فِي مُقْتَضَاهَا وَأَرَادَ هَذَا فَقَدْ أَصَابَ الْحَقَّ، وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهُ، فَالْحَقُّ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَمَنْ قَالَ إنَّهَا نُقِلَتْ نَقْلًا كُلِّيًّا فَقَدْ زَلَّ فَإِنَّ فِي الْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ اعْتِبَارَ مَعَانِي اللُّغَةِ مِنْ الدُّعَاءِ، وَالْقَصْدِ، وَالْإِمْسَاكُ فِي الصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا الدِّينِيَّةِ) ، أَيْ: الْمُتَعَلِّقَةِ بِأُصُولِ الدِّينِ الشَّامِلِ لِلْإِيمَانِ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَقَوْمٌ إلَّا الْإِيمَانَ (قَوْلُهُ:، وَمَعْنَى الشَّرْعِيِّ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَوَّلًا أَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ، وَهِيَ اللَّفْظُ الَّذِي وَضَعَهُ الشَّارِعُ مَفْهُومٌ كُلِّيٌّ مَنْزِلَتُهُ مَعَ أَفْرَادِهِ الْمُنْدَرِجَةِ تَحْتَهُ مَنْزِلَةُ الْجِنْسِ مَعَ أَنْوَاعِهِ فَأَفْرَادُ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ لَفْظُ صَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَنَحْوِهِمَا وَلِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ مُسَمَّيَاتٌ هِيَ حَقَائِقُ كُلِّيَّةٌ أَيْضًا وَحَيْثُ عُلِمَ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ مَعْنَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ عِلْمُ مَا صَدَقَاتُ تِلْكَ الْحَقِيقَةِ فَإِنَّ مَعْرِفَةَ الْمَفْهُومِ الْكُلِّيِّ تَسْتَلْزِمُ مَعْرِفَةَ مَا صَدَقَاتُهُ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْكَلَامَ هُنَا لِمُجَرَّدِ الْإِيضَاحِ وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ.
وَقَدْ يُطْلَقُ إلَخْ، ثُمَّ إنَّ كَلَامَهُ لَا يَخْلُو عَنْ قَلَاقَةٍ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ بِمُقْتَضَى مَا مَهَّدْنَاهُ وَبِمُقْتَضَى إضَافَةِ مَعْنًى لِلشَّرْعِيِّ هُوَ اللَّفْظُ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ أَيْضًا لِقَوْلِهِ بَعْدُ، وَقَدْ يُطْلَقُ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِطْلَاقِ هُنَا الِاسْتِعْمَالُ، وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الْأَلْفَاظِ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يُسْتَفَدْ اسْمُهُ إلَّا مِنْ الشَّرْعِ انْصَرَفَ عَنْ هَذَا الْمُتَبَادِرِ إلَى إرَادَةِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِجَعْلِ الْإِضَافَةِ بَيَانِيَّةً وَلِلِاسْتِخْدَامِ فِي قَوْلِهِ