للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهُ {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: ٩٣] {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم: ٩٥] (وَ) لِاسْتِغْرَاقِ (أَجْزَاءِ) الْمُضَافِ إلَيْهِ (الْمُفْرَدِ الْمُعَرَّفِ) نَحْوُ كُلُّ زَيْدٍ أَوْ الرَّجُلِ حَسَنٌ أَيْ كُلُّ أَجْزَائِهِ.

(التَّاسِعَ عَشَرَ اللَّامُ) (الْجَارَّةُ لِلتَّعْلِيلِ) نَحْوُ {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} [النحل: ٤٤] أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تُبَيِّنَ لَهُمْ (وَالِاسْتِحْقَاقِ) نَحْوُ النَّارُ لِلْكَافِرِينَ (وَالِاخْتِصَاصِ) نَحْوُ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (وَالْمِلْكِ) نَحْوُ {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [البقرة: ٢٨٤] .

(وَالصَّيْرُورَةِ أَيْ الْعَاقِبَةِ) نَحْوُ {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: ٨] فَهَذِهِ عَاقِبَةُ الْتِقَاطِهِمْ لَا عِلَّتُهُ إذْ هِيَ التَّبَنِّي (وَالتَّمْلِيكِ) نَحْوُ وَهَبْت لِزَيْدٍ ثَوْبًا أَيْ مَلَّكْته إيَّاهُ (وَشَبَهِهِ) نَحْوُ {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: ٧٢] (وَتَوْكِيدِ النَّفْيِ) نَحْوُ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: ٣٣] {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: ١٣٧] فَهِيَ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ لِتَوْكِيدِ نَفْيِ الْخَبَرِ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهِ الْمَنْصُوبِ فِيهِ الْمُضَارِعُ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ (وَالتَّعْدِيَةِ) نَحْوُ مَا أَضْرَبَ زَيْدًا لِعَمْرٍو وَيَصِيرُ ضَرَبَ بِقَصْدِ التَّعَجُّبِ بِهِ لَازِمًا يَتَعَدَّى إلَى مَا كَانَ فَاعِلَهُ بِالْهَمْزَةِ وَمَفْعُولَهُ بِاللَّامِ.

(وَالتَّأْكِيدِ) نَحْوُ {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: ١٠٧] الْأَصْلُ فَعَّالٌ مَا (وَبِمَعْنَى إلَى) نَحْوُ {فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ} [فاطر: ٩] أَيْ إلَيْهِ (وَعَلَى) نَحْوُ {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا} [الإسراء: ١٠٧] أَيْ عَلَيْهَا.

(وَفِي) نَحْوُ {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: ٤٧] أَيْ فِيهِ (وَعِنْدَ) نَحْوُ " بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لِمَا جَاءَهُمْ " بِكَسْرِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ فِي قِرَاءَةِ الْجَحْدَرِيِّ أَيْ عِنْدَ مَجِيئِهِ إيَّاهُمْ (وَبَعْدَ) نَحْوُ {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] أَيْ بَعْدَهُ (وَمِنْ) نَحْوُ سَمِعَتْ لَهُ صُرَاخًا أَيْ مِنْهُ (وَعَنْ) نَحْوُ {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: ١١] أَيْ عَنْهُمْ وَفِي حَقِّهِمْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ لِتَبْلِيغٍ لَقِيلَ مَا سَبَقْتُمُونَا وَضَمِيرُ كَانَ وَإِلَيْهِ لِلْإِيمَانِ

ــ

[حاشية العطار]

أَيْ فَكُلٌّ فِيهِمَا لِاسْتِغْرَاقِ أَفْرَادِ الْمُعَرَّفِ الْمَجْمُوعِ وَاسْتَشْكَلَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ مَا أَفَادَهُ كُلُّ مِنْ إحَاطَةِ الْأَفْرَادِ أَفَادَهُ الْجَمْعُ الْمُعَرَّفُ قَبْلَ دُخُولِهَا عَلَيْهِ.

وَأَجَابَ بِأَنَّ أَلْ تُفِيدُ الْعُمُومَ فِي مَرَاتِبِ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَكُلُّ تُفِيدُهُ فِي أَجْزَاءِ كُلٍّ مِنْ تِلْكَ الْمَرَاتِبِ وَمَا أَجَابَ بِهِ قَوْلَهُ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ زَيْدٍ فِي نَحْوِ جَاءَنِي الرِّجَالُ إلَّا زَيْدًا إذَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ لَفْظُ الْجَمِيعِ وَلِأَنَّ الْمُحَقِّقِينَ قَالُوا فِي نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: ١٣٤] أَنَّ مَعْنَاهُ كُلُّ فَرْدٍ لَا كُلُّ جَمْعٍ فَالْجَوَابُ الْمَرْضِيُّ أَنَّ الْجَمْعَ الْمُعَرَّفَ يُفِيدُ ظُهُورَ الْعُمُومِ فِي الِاسْتِغْرَاقِ وَكُلُّ الدَّاخِلَةُ عَلَيْهِ تُفِيدُ النَّصَّ فِيهِ اهـ. زَكَرِيَّا

(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ إنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ) فَصَلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ نَوْعٌ آخَرُ إذْ مَنْ لَيْسَ جَمْعًا اصْطِلَاحِيًّا لَكِنَّهُ يُشْبِهُهُ بِوُقُوعِهِ عَلَى جَمَاعَةٍ

(قَوْلُهُ: أَنَّ كُلَّ أَجْزَائِهِ) قَالَ أَخُو الْمُصَنِّفِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} [آل عمران: ٩٣] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ الطَّلَاقِ وَاقِعٌ إلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ وَالْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَهُمَا فِي شَرْحِ مِنْهَاجٍ الْبَيْضَاوِيِّ مِنْ قَبِيلِ الْمُعَرَّفِ الْجِنْسِيِّ وَهُوَ فِي الْمَعْنَى كَالنَّكِرَةِ فَهُوَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ اسْتِغْرَاقُ أَفْرَادِ الْمُنَكَّرِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ خُصُوصًا الْمِثَالَ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: النَّارُ لِلْكَافِرِينَ) أَيْ عَذَابُهَا مُسْتَحَقٌّ لَهُمْ لِأَنَّ لَامَ الِاسْتِحْقَاقِ هِيَ الْوَاقِعَةُ بَيْنَ مَعْنَى ذَاتِ نَحْوِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَمْ تُجْعَلْ هُنَا لِلِاخْتِصَاصِ لِأَنَّ النَّارَ لَيْسَتْ مُخْتَصَّةً بِالْكَافِرِينَ وَإِنْ كَانَ تَأْبِيدُهَا مُخْتَصًّا بِهِمْ بِخِلَافِ الْجَنَّةِ فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ.

(قَوْلُهُ: أَزْوَاجًا) أَيْ زَوْجَاتٍ شُبِّهُوا هُمْ وَالْبَنُونَ وَالْحَفَدَةُ بِالْمَمْلُوكِينَ فِي الْحِيَازَةِ وَالِاخْتِصَاصِ.

(قَوْلُهُ: بِقَصْدِ التَّعَجُّبِ بِهِ) بِأَنْ غُيِّرَتْ صِيغَتُهُ لِصِيغَةِ فِعْلٍ وَالْأَصْلُ ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا (قَوْلُهُ: يَتَعَدَّى إلَخْ) لِأَنَّ هَمْزَةَ النَّقْلِ لَمَّا دَخَلَتْ عَلَى الْفِعْلِ صَارَ الْفَاعِلُ مَفْعُولًا بَعْدَ إسْنَادِ الْفِعْلِ إلَى غَيْرِهِ فَلَمْ يَتَعَدَّ الْفِعْلُ إلَى مَا كَانَ مَفْعُولًا قَبْلَ التَّعَجُّبِ بِنَفْسِهِ لِصَيْرُورَتِهِ لَازِمًا فَيُعَدَّى إلَيْهِ الْأَمْرُ بِاللَّامِ.

(قَوْلُهُ: وَالتَّأْكِيدِ) وَهِيَ اللَّامُ الزَّائِدَةُ وَتُسَمَّى فِي الْقُرْآنِ صِلَةً.

(قَوْلُهُ: الْجَحْدَرِيِّ) بِضَمِّ الْجِيمِ نِسْبَةً إلَى جُحْدَرٍ اسْمُ رَجُلٍ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مِنْهُ) هَذَا إذَا عُلِّقَ بِسَمِعْت وَأَمَّا إذَا جُعِلَ لَهُ حَالًا مِنْ صُرَاخًا كَانَتْ اللَّامُ عَلَى بَابِهَا.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ لِلتَّبْلِيغِ) أَيْ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ بِحَسَبِ الرَّأْيِ.

(قَوْلُهُ: مَا سَبَقْتُمُونَا) لِأَنَّ الْمُخَاطَبِ لِإِنْسَانٍ يَأْتِي لَهُ بِصِيغَةِ الْخِطَابِ لَا بِصِيغَةِ الْغَيْبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>