{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة: ١٠٦] {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ} [الحج: ٣٠] أَيْ الَّذِي هُوَ الْأَوْثَانُ (وَالتَّعْلِيلِ) نَحْوُ {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ} [البقرة: ١٩] أَيْ لِأَجْلِهَا وَالصَّاعِقَةُ الصَّيْحَةُ الَّتِي يَمُوتُ مَنْ يَسْمَعُهَا أَوْ يُغْشَى عَلَيْهِ (وَالْبَدَلِ) نَحْوُ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الْآخِرَةِ أَيْ بَدَلَهَا (وَالْغَايَةِ) كَإِلَى نَحْوُ قَرُبْت مِنْهُ أَيْ إلَيْهِ (وَتَنْصِيصِ الْعُمُومِ) نَحْوُ مَا فِي الدَّارِ مِنْ رَجُلٍ فَهُوَ بِدُونِ مِنْ ظَاهِرٌ فِي الْعُمُومِ مُحْتَمِلٌ لِنَفْيِ الْوَاحِدِ فَقَطْ (وَالْفَصْلُ) بِالْمُهْمَلَةِ بِأَنْ تَدْخُلَ عَلَى ثَانِي الْمُتَضَادَّيْنِ نَحْوُ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: ٢٢٠] ، {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: ١٧٩] (وَمُرَادِفُهُ الْبَاءُ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ لِمَعْنَاهَا نَحْوُ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ أَيْ بِهِ.
(وَعَنْ) نَحْوُ قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا أَيْ عَنْهُ (وَفِي) نَحْوُ {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: ٩] أَيْ فِيهِ (وَعِنْدَ) نَحْوُ {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [آل عمران: ١٠] أَيْ عِنْدَهُ (وَعَلَى) نَحْوُ وَنَصَرْنَاهُ مِنْ الْقَوْمِ أَيْ عَلَيْهِمْ.
(الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ مَنْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (شَرْطِيَّةٌ)
ــ
[حاشية العطار]
الْأَوْثَانُ وَلِعِشْرُونَ إنَّهَا الدَّرَاهِمُ وَلِلضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ إنَّهُ الْقَائِلُ بِخِلَافِ التَّبْعِيضِيَّةِ فَإِنَّ الْمَجْرُورَ بِهَا لَا يُطْلَقُ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَذْكُورَ بَعْضُ الْمَجْرُورِ وَاسْمُ الْكُلِّ لَا يَقَعُ عَلَى الْبَعْضِ.
فَإِنْ قُلْت عِشْرُونَ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَإِنْ أَشَرْت بِالدَّرَاهِمِ إلَى دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ فَمِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ لِأَنَّ الْعِشْرِينَ بَعْضُهَا، وَإِنْ قَصَدْت بِالدَّرَاهِمِ جِنْسَ الدَّرَاهِمِ فَمِنْ مُبَيِّنَةٌ لِصِحَّةِ إطْلَاقِ الْمَجْرُورِ عَلَى الْعِشْرِينَ اهـ ثُمَّ إنَّ الْبَعْضِيَّةَ الْمَدْلُولَةَ لِمَنْ هِيَ الْبَعْضِيَّةُ الْمُجَرَّدَةُ الْمُنَافِيَةُ لِلْكُلِّيَّةِ الَّتِي يَنْتَظِمُ فِي ضِمْنِ الْكُلِّيَّةِ وَإِلَّا لَمَا تَحَقَّقَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مِنْ الْبَيَانِيَّةِ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ وَلَمَا تَيَسَّرَ تَمْشِيَةُ الْخِلَافِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ فِيمَا إذَا قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك مِنْ ثَلَاثٍ مَا شِئْت بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ عِنْدَهُ وَلِلْبَيَانِ عِنْدَهُمَا فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَلَا تُطَلِّقَ ثَلَاثًا عِنْدَهُ وَقَالَا تُطَلِّقُ ثَلَاثًا إنْ شَاءَتْ لِأَنَّ كَلِمَةَ مَا مُحْكَمَةٌ فِي التَّعْمِيمِ وَكَلِمَةَ مِنْ قَدْ تُسْتَعْمَلُ لِلتَّمَيُّزِ فَتُحْمَلُ عَلَى تَمْيِيزِ الْجِنْسِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ كَلِمَةَ مِنْ حَقِيقَةٌ فِي التَّبْعِيضِ وَمَا لِلتَّعْمِيمِ فَيُعْمَلُ بِهِمَا.
وَقَدْ قَالَ فِي التَّلْوِيحِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَدْلُولَ مِنْ الْبَعْضِيَّةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا الْبَعْضِيَّةُ الَّتِي هِيَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِي ضِمْنِ الْكُلِّ أَوْ بِدُونِهِ اتِّفَاقُ النُّحَاةِ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ احْتَاجُوا إلَى التَّوْفِيقِ بَيْنَ قَوْله تَعَالَى {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [الأحقاف: ٣١] وَقَوْلُهُ {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: ٥٣] إلَى أَنْ قَالُوا لَا يَبْعُدُ أَنْ يَغْفِرَ جَمِيعَ الذُّنُوبِ لِقَوْمٍ وَبَعْضَهَا لِقَوْمٍ أَوْ خِطَابُ الْبَعْضِ لِقَوْمِ نُوحٍ وَخِطَابُ الْجَمِيعِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ اهـ. مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة: ١٠٦] إنْ قَدَّرْنَا ضَمِيرًا كَانَتْ مَا مُبْتَدَأً وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ مَجِيءُ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَأِ لِأَنَّهُ مَفْعُولُ بِهِ مَعْنًى وَإِنْ لَمْ يُقَدَّرْ كَانَتْ مَفْعُولًا مُقَدَّمًا لِلنَّسْخِ.
(قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيلُ) وَيُعَبِّرُ عَنْهُ النَّحْوِيُّونَ بِالسَّبَبِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَتَنْصِيصُ الْعُمُومِ) هِيَ مِنْ فُرُوعِ الزَّائِدَةِ فَإِنَّ الْحَرْفَ الزَّائِدَ يَدُلُّ عَلَى التَّأْكِيدِ وَالْعُمُومُ مَتَى أُكِّدَ صَارَ نَصًّا.
قَوْلُهُ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ} [البقرة: ٢٢٠] نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ الْفَصْلَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْعَامِلِ فَإِنْ مَازَ وَمَيَّزَ بِمَعْنَى فَصَلَ وَالْعِلْمُ صِفَةٌ تُوجِبُ تَمْيِيزًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ فِي الْآيَتَيْنِ لِلِابْتِدَاءِ أَوْ بِمَعْنَى عَنْ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ اسْتِفَادَةَ الْفَصْلِ مِنْهَا فِي الْآيَتَيْنِ أَيْضًا غَايَتُهُ أَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْعَامِلِ ذَاتًا وَمِنْهَا بِوَاسِطَةٍ لِأَنَّ الْحَرْفَ لَا يُفِيدُ بِنَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ بِهِ) عَلَى أَنَّ الطَّرَفَ آلَةٌ لِلنَّظَرِ وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ وَقَعَ ابْتِدَاءُ النَّظَرِ مِنْهُ فَمِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَعِنْدَ لَيْسَتْ بِمَنْزِلَتِهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) فَإِنَّهَا حَرْفٌ وَعِنْدَ اسْمٌ
(قَوْلُهُ: مَنْ شَرْطِيَّةٌ) قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ هِيَ إحْدَى صِيَغِ الْعُمُومِ إذَا وَقَعَتْ شَرْطًا وَتَتَنَاوَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ ذَهَبَ إلَى هَذَا أَهْلُ التَّحْقِيقِ مِنْ أَرْبَابِ اللِّسَانِ وَالْأُصُولِ وَذَهَبَ شِرْذِمَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّهَا لَا تَتَنَاوَلُ الْإِنَاثَ وَاسْتَمْسَكُوا بِهَذَا الْمَسْلَكِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَرْأَةِ الْمُرْتَدَّةِ فَقَالُوا فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» لَا يَتَنَاوَلُ النِّسَاءَ وَإِنَّمَا غَرَّهُمْ مَا طَرَقَ مَسَامِعَهُمْ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الْعَرَبِ: مَنْ وَمَنَهْ وَمَنَانْ وَمَنُونْ وَمَنْتَانْ وَمَنَاتْ قَالَ الشَّاعِرُ