للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَزَيْدٌ فِي الدَّارِ أَمْ عَمْرٌو أَوْ فِي الدَّارِ زَيْدٌ أَمْ فِي الْمَسْجِدِ فَتُجَابُ بِمُعَيَّنٍ مِمَّا ذُكِرَ وَبِالدُّخُولِ عَلَى مَنْفِيٍّ فَتَخْرُجُ عَنْ الِاسْتِفْهَامِ إلَى التَّقْرِيرِ أَيْ حَمْلِ الْمُخَاطَبِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَا بَعْدَ النَّفْيِ نَحْوُ {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: ١] فَيُجَابُ بِبَلَى كَمَا فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ فَنَادَاهُ رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُك عَمَّا تَرَى قَالَ بَلَى وَعِزَّتِك وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِك» .

وَقَدْ تَبْقَى عَلَى الِاسْتِفْهَامِ كَقَوْلِك لِمَنْ قَالَ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا أَلَمْ تَفْعَلْهُ أَيْ أَحَقٌّ انْتِفَاءُ فِعْلِك لَهُ فَتُجَابُ بِنَعَمْ أَوْ لَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

أَلَا اصْطِبَارٌ لِسَلْمَى أَمْ لَهَا جَلَدٌ ... إذَا أُلَاقِي الَّذِي لَاقَاهُ أَمْثَالِي

فَتُجَابُ بِمُعَيَّنٍ مِنْهُمَا

(السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الْوَاوُ) مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ (لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ) بَيْنَ الْمَعْطُوفَيْنِ فِي الْحُكْمِ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْجَمْعِ بِمَعِيَّةٍ أَوْ تَأَخُّرٍ أَوْ تَقَدُّمٍ نَحْوُ جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو إذَا جَاءَ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ فَتُجْعَلُ حَقِيقَةً فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ مُطْلَقُ الْجَمْعِ حَذَرًا مِنْ الِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي كُلٍّ مِنْهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جَمْعٌ اسْتِعْمَالٌ حَقِيقِيٌّ (وَقِيلَ) هِيَ (لِلتَّرْتِيبِ) أَيْ التَّأَخُّرِ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِيهِ فَهِيَ فِي غَيْرِ مَجَازٍ (وَقِيلَ لِلْمَعِيَّةِ) لِأَنَّهَا لِلْجَمْعِ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْمَعِيَّةُ فَهِيَ فِي غَيْرِهَا مَجَازٌ فَإِذَا قِيلَ قَامَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو كَانَ مُحْتَمِلًا لِلْمَعِيَّةِ وَالتَّأَخُّرِ، وَالتَّقَدُّمُ عَلَى الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ وَالتَّأَخُّرُ عَلَى الثَّانِي وَفِي الْمَعِيَّةِ عَلَى الثَّالِثِ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ لِلْجَمْعِ الْمُطْلَقِ قَالَ

ــ

[حاشية العطار]

بَلْ يَبْقَى تَصَوُّرُهُمَا عَلَى مَا كَانَ - فَإِنْ قِيلَ التَّصْدِيقُ حَاصِلٌ لَهُ حَالَ السُّؤَالِ فَكَيْفَ يَطْلُبُهُ - أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَاصِلَ هُوَ التَّصْدِيقُ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا مُطْلَقًا فِي الْإِنَاءِ مَثَلًا وَالْمَطْلُوبُ فِي السُّؤَالِ هُوَ التَّصْدِيقُ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا مُعَيَّنًا كَالْعَسَلِ مَثَلًا فِي الْإِنَاءِ وَهَذَانِ التَّصْدِيقَانِ مُخْتَلِفَانِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الِاخْتِلَافُ اعْتِبَارَ تَعَيُّنِ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ فِي أَحَدِهِمَا وَعَدَمِ تَعَيُّنِهِ فِي الْآخَرِ وَكَانَ أَصْلُ التَّصْدِيقِ حَاصِلًا تَوَسَّعُوا فَحَكَمُوا بِأَنَّ التَّصْدِيقَ حَاصِلٌ وَأَنَّ الْمَطْلُوبَ هُوَ تَصَوُّرُ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ أَوْ الْمُسْنَدِ أَوْ قَيْدٌ مِنْ قُيُودِهِ اهـ.

ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْهَمْزَةَ تَزِيدُ عَلَى هَلْ بِطَلَبِ التَّصَوُّرِ مَبْنِيٌّ كَمَا قَالَ الدَّمَامِينِيُّ عَلَى أَنَّ هَلْ مَقْصُورَةٌ عَلَى طَلَبِ التَّصْدِيقِ لَكِنْ قَدْ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ إنَّ هَلْ قَدْ تَأْتِي بِمَعْنَى الْهَمْزَةِ فَتُعَادِلُهَا أَمْ الْمُتَّصِلَةُ.

(قَوْلُهُ: فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ) الْمُتَبَادِرُ أَنَّهُ ذَهَبٌ عَلَى صُورَةِ الْجَرَادِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَرَادِ الْكَثْرَةَ أَيْ جَرَادٌ كَثِيرٌ.

(قَوْلُهُ: لَا غِنَى لِي إلَخْ) فَأَخْذُهُ إيَّاهُ إظْهَارًا لِلْفَاقَةِ وَالْحَاجَةِ إلَى الزِّيَادَةِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ حَالُ مَنْ أَخَذَ مِنْ الدُّنْيَا زَائِدًا عَلَى حَاجَتِهِ مِنْ الْأَكَابِرِ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ تَبْقَى) أَيْ فِي حَالِ دُخُولِهَا عَلَى النَّفْيِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ أَحَقٌّ انْتِفَاءُ فِعْلِك) تَحْوِيلٌ لِلِاسْتِفْهَامِ عَنْ ظَاهِرِهِ لِئَلَّا يَضِيعَ بِلَا فَائِدَةٍ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ نَفَى الْفِعْلَ بِإِخْبَارِهِ بِلَا فَائِدَةٍ فِي الِاسْتِفْهَامِ عَنْ ظَاهِرِهِ لِئَلَّا يَضِيعَ بِلَا فَائِدَةٍ (قَوْلُهُ: فَتُجَابُ) أَيْ الْهَمْزَةُ بِنَعَمْ أَوْ لَا لِأَنَّ الْمَسْئُولَ عَنْهُ تَصْدِيقٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ بَقَاءِ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ.

(قَوْلُهُ: إذَا أُلَاقِي) قَالَ الْكَمَالُ يُنْشِدُهُ بَعْضُهُمْ بِالتَّنْوِينِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ صَوَابُهُ إذَا بِغَيْرِ تَنْوِينٍ ظَرْفُ مُسْتَقْبَلٍ.

(قَوْلُهُ: لَاقَاهُ أَمْثَالِي) أَيْ مِنْ الْمَوْتِ عِشْقًا

(قَوْلُهُ: مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْكَلَامُ إلَّا فِي الْعَاطِفَةِ لَا فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: الْمُطْلَقُ الْجَمْعُ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ اُشْتُهِرَ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمَصِيرُ إلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ وَذَهَبَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّهَا لِلْجَمْعِ.

وَقَدْ زَلَّ الْفَرِيقَانِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الرَّدِّ عَلَيْهِمَا فَإِذًا مُقْتَضَى الْوَاوِ الْعَطْفُ وَالِاشْتِرَاكُ وَلَيْسَ فِيهِ إشْعَارٌ بِجَمْعٍ وَلَا تَرْتِيبٍ قَالَ فَإِنْ قِيلَ إذَا قَالَ الزَّوْجُ لِلَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ طَلَقَتْ وَاحِدَةً وَلَمْ تَلْحَقْهَا الثَّانِيَةُ وَلَوْ كَانَتْ الْوَاوُ تَقْتَضِي جَمْعًا لَلَحِقَتْهَا الثَّانِيَةُ كَمَا تَطْلُقُ تَطْلِيقَتَيْنِ إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ قُلْنَا السَّبَبُ فِي أَنَّ الثَّانِيَةَ لَا تَلْحَقُهَا أَنَّ الطَّلَاقَ الثَّانِيَ لَيْسَ تَفْسِيرًا لِصَدْرِ الْكَلَامِ وَالْكَلَامُ الْأَوَّلُ تَامٌّ فَبَانَتْ بِهِ وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَالْقَوْلُ الْأَخِيرُ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ فِي حُكْمِ الْبَيَانِ لَهُ فَكَانَ الْكَلَامُ بِآخِرِهِ.

(قَوْلُهُ: حَذَرًا مِنْ الِاشْتِرَاكِ) إنْ قِيلَ بِوَضْعِهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ وَقَوْلُهُ وَالْمَجَازُ أَيْ إنْ قِيلَ بِالْوَضْعِ لِأَحَدِهَا.

(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جَمْعٌ) فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقِ الْكُلِّيِّ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ عَلَى أَنَّهَا لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ (قَوْلُهُ: قَالَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>