للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ مَعْرِفَةُ دَلَائِلِ الْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةِ وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْمَدْلُولِ اللُّغَوِيِّ إذْ الْأُصُولُ لُغَةً الْأَدِلَّةُ كَمَا فِي تَعْرِيفِ جَمِيعِهِمْ الْفِقْهَ بِالْعِلْمِ بِالْأَحْكَامِ لَا نَفْسِهَا إذْ الْفِقْهُ لُغَةً الْفَهْمُ.

ــ

[حاشية العطار]

عَلَى الْمَسَائِلِ وَعَلَى الْعِلْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا هُنَا صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: أَيْ مَعْرِفَةُ دَلَائِلِ الْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةِ) أَيْ مَعْرِفَةُ أَحْوَالِهَا وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي نَظِيرِهِ بَعْدُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مَعْرِفَةَ ذَاتِ الْأَحْوَالِ فَإِنَّهُ عِلْمٌ تَصَوُّرِيٌّ بَلْ تِلْكَ الْأَحْوَالُ مِنْ حَيْثُ ثُبُوتُهَا لِلْأَدِلَّةِ الْإِجْمَالِيَّةِ فَهُوَ تَصْدِيقٌ بِثُبُوتِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ الَّتِي تَقَعُ مَحْمُولَاتٍ لِلْأَدِلَّةِ الْإِجْمَالِيَّةِ كَقَوْلِنَا الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ مَثَلًا فَآلَ الْمَعْنَى إلَى أَنَّ عِلْمَ الْأُصُولِ عِلْمٌ بِالْقَوَاعِدِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْفِقْهِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَرَّرُوا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَدِلَّةِ الْإِجْمَالِيَّةِ الْقَوَاعِدُ فَيَنْتَظِمُ الْكَلَامُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ فِي التَّأْوِيلِ عَلَى مَا فِيهِ مِمَّا قَدْ سَمِعْته، قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ أَيْ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ عِلْمُ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ قَوَاعِدَهُ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْفِقْهِ تَوَصُّلًا قَرِيبًا بَلْ إنَّمَا يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مُحَافَظَةِ الْحُكْمِ الْمُسْتَنْبَطِ أَوْ مُدَافَعَتِهِ وَنِسْبَتُهُ إلَى الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ فَإِنَّ الْجَدَلِيَّ إمَّا مُجِيبٌ بِحِفْظٍ وَضْعًا أَوْ مُعْتَرِضٌ يَهْدِمُ وَضْعًا إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ أَكْثَرُوا فِيهِ مِنْ مَسَائِلِ الْفِقْهِ وَبَنَوْا نِكَاتَهُ عَلَيْهِ حَتَّى تُوُهِّمَ أَنَّ لَهُ اخْتِصَاصًا بِالْفِقْهِ، وَأُصُولُ الْفِقْهِ وَإِنْ كَانَتْ أَصْلًا لِلْفِقْهِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ فَرْعٌ لِأُصُولِ الدِّينِ لِاحْتِيَاجِ كَوْنِ الْأَدِلَّةِ حُجَّةً لِمَعْرِفَةِ الصَّانِعِ وَصِفَاتِهِ.

(قَوْلُهُ: أَقْرَبُ إلَى الْمَدْلُولِ اللُّغَوِيِّ) التَّعْبِيرُ بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ يَقْتَضِي أَنَّ لِلْمَعْرِفَةِ قُرْبًا إلَى الْمَدْلُولِ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ لَهَا قُرْبٌ إلَيْهِ لِتَعَلُّقِهَا بِهِ (قَوْلُهُ: إذْ الْأُصُولُ لُغَةً إلَخْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْأَصْلَ مَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَهُوَ أَمْرٌ عَامٌّ كُلِّيٌّ يَشْمَلُ الدَّلِيلَ وَغَيْرَهُ فَالدَّلِيلُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ فَكَيْفَ يَتِمُّ الْحَصْرُ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَصْرَ إضَافِيٌّ أَيْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَعْرِفَةِ أَيْ إنَّ الْأُصُولَ الْأَدِلَّةُ لَا الْمَعْرِفَةُ وَأُورِدُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْأُصُولُ لُغَةً الْأَدِلَّةُ فَلَا مَعْنَى لِقُرْبِ الْأَوَّلِ إلَى الْمَدْلُولِ لُغَةً؛ لِأَنَّهُ عَيْنُهُ حِينَئِذٍ وَالشَّيْءُ لَا يَقْرُبُ مِنْ نَفْسِهِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَدِلَّةَ الَّتِي هِيَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ أَعَمُّ مِنْ أَدِلَّةِ الْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ؛ لِأَنَّهَا تَشْمَلُهَا وَغَيْرَهَا كَأَدِلَّةِ الْفِقْهِ التَّفْصِيلِيَّةِ وَعَلَى هَذَا فَإِطْلَاقُ الْأُصُولِ عَلَى الْأَدِلَّةِ الْإِجْمَالِيَّةِ أَقْرَبُ إلَى الْمَدْلُولِ اللُّغَوِيِّ مِنْ إطْلَاقِهَا عَلَى مَعْرِفَتِهَا؛ لِأَنَّ فَرْدَ الشَّيْءِ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْجَوَابَ

<<  <  ج: ص:  >  >>